أوباما يسعى لوضع حد للهدر في الميزانية الأميركية

أعلن اقتطاع نفقات بـ17 مليار دولار من ميزانية 2010 البالغة 3.4 تريليون

TT

تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أول من أمس، بوضع حد لهدر حكومي «مذهل»، معلنا اقتطاع نفقات بقيمة 17 مليار دولار من النفقات لدى عرض ميزانيته المفصلة لعام 2010، البالغ قيمتها 3.44 تريليون دولار. وفصل البيت الأبيض في الوثيقة المؤلفة من 1300 صفحة كيفية تخصيص نفقات الدولة للسنة المالية 2010، مفندا الإدارات والوزارات الواحدة تلو الأخرى، وأكد على الحد من النفقات ومكافحة الهدر. غير أن الجمهوريين حذروا من أن قيمة الاقتطاع من النفقات في الميزانية التي تقدر بأقل من 0.5 في المائة من القيمة الإجمالية، لن تكون كافية للتخفيف من حدة الدين الأميركي المتزايد. وقال أوباما: «ثمة مبالغ مالية طائلة تنفق بشكل غير فاعل وغير مجد، وفي بعض الأحيان بطرق مذهلة في الواقع». وتابع معلقا على حجم الاقتطاع من النفقات، أن «هذه المدخرات مهما كانت قيمتها، تضاف إلى بعضها بعضا». ونصف المبالغ المقتطعة من النفقات تتركز في ميزانية الدفاع، ولو أن هذه الميزانية لا تزال ترتفع إلى 500 مليار دولار، في وقت تخوض فيه البلاد حربين في العراق وأفغانستان. وقال أوباما: «إن البنود الـ121 التي نعلن اليوم الاقتطاع منها في الميزانية ستوفر على دافعي الضرائب حوالي 17 مليار دولار العام المقبل وحده. هذا مبلغ كبير، حتى بحسب معايير واشنطن». غير أن الجمهوريين اتهموا الرئيس بعدم القيام بمجهود كاف للحد من عجز تتوقع الإدارة أن يصل إلى 1171 مليار دولار عام 2010. وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية حذر زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، من أن الخطة تتضمن «نفقات طائلة وضرائب طائلة واقتراضا طائلا».كذلك انتقدها نظيره في مجلس النواب جون بونر، قائلا: «إن كنا نرحب بالاقتطاع في النفقات الذي تقترحه الإدارة، إلا أنه لا يذهب بعيدا بما فيه الكفاية ويبدو أشبه بتكتيك للتمويه، سعيا لتحويل النقاش عن الدين غير المسبوق الذي تلقيه هذه الموازنة على كاهل الأجيال المقبلة». وشدد المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس، على أن 17 مليار دولار مبلغ مهم، على الرغم من أنه لا يشكل سوى نسبة ضئيلة من قيمة الميزانية الإجمالية. وتتضمن الميزانية الخطة الأكثر تفصيلا حتى الآن للبرنامج الداخلي واسع النطاق والطموح، الذي يقترحه أوباما لمكافحة أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها الولايات المتحدة منذ أجيال، وتجنب مخاطر تكرارها في المستقبل. واستهدف الاقتطاع من النفقات أيضا قطاعي التربية والنقل وبرامج أخرى سعيا لتحقيق الهدف الذي أعلنه أوباما، ويقضي بخفض العجز بمعدل النصف بحلول نهاية ولايته الرئاسية عام 2013. وقال أوباما: «لم يعد في وسعنا أن ننفق وكأن العجز لا يهم وأن الهدر لا يطرح لنا مشكلة». وكان الكونغرس وافق على مسودة الميزانية فيما تضمنت الوثيقة التي طرحت الخميس تفاصيل حول طلب الأموال لكل من دوائر الحكومة ووزاراتها. ويشمل الاقتطاع من النفقات برنامجا لتطوير قاذفة ثقيلة بعيدة المدى لوزارة الدفاع، وتعديلات في خطط استبدال أسطول المروحيات الرئاسية «مارين وان». وكشفت الوثيقة أن كلفة الحرب في أفغانستان ستتخطى للمرة الأولى كلفة النزاع في العراق عام 2010. وفي المقابل، وافقت لجنة النفقات العامة في مجلس النواب الخميس على مشروع ميزانية إضافية لعام 2009 بقيمة 96.7 مليار دولار تخصص للحربين في العراق وأفغانستان، رافضة طلب أوباما تخصيص 80 مليون دولار لتغطية نفقات إغلاق معتقل غوانتانامو بحلول 22 يونيو (حزيران) 2010، مثلما كان أمر به، وضمنت قرارها بندا يطب من أوباما رفع خطة مفصلة لإغلاق المعتقل المثير للجدل في مهلة أقصاها الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2009. وتتضمن هذه الميزانية الإضافية 400 مليون دولار للمساعدة على بناء قوى أمنية باكستانية قادرة على التصدي لحركة التمرد، و600 مليون دولار من المساعدة لتنمية الاقتصاد الباكستاني وتحسين التعليم وتحقيق إصلاحات ديمقراطية في هذا البلد. كما تنص على مساعدات لأفغانستان بقيمة 980 مليون دولار تخصص للتنمية الاقتصادية والبرامج الزراعية ولتعزيز الحكومات الوطنية والإقليمية وتشجيع الإصلاحات الديمقراطية. غير أن اللجنة ضمنت قرارها بندا يطالب برفع تقرير عن التقدم الذي تم تحقيقه في مهلة سنة على صعيد تعاون حكومتي البلدين في تحقيق الأهداف الأميركية من هذه المقاربة الجديدة. وفي إطار الاقتطاعات التي تتضمنها ميزانية أوباما، تأمر بإجراء مراجعة مستقلة لبرنامج النجوم الذي وضعته وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، الذي يتضمن رحلة جديدة إلى القمر ورحلات مأهولة إلى المريخ. وأكد فريق أوباما، من جهة أخرى، تمسكه بخطته لوضع نظام يفرض حصصا لانبعاث غازات الدفيئة، سعيا منه لمكافحة الاحتباس الحراري والتغييرات المناخية، وذلك على الرغم من معارضة القطاع الصناعي وبعض أعضاء الكونغرس. وقال بيتر اوزاغ، رئيس مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض: «يجب ألا تتوقعوا تغييرا في طروحاتنا على صعيد المناخ». وتخصص الميزانية 27 مليار دولار لتعزيز أمن الحدود، ومساعدة مكسيكو على مكافحة تهريب المخدرات، بزيادة 8 في المائة عن عام 2009. وتساءل بعض المراقبين عما سيحصل للاقتطاعات في النفقات في الصيغة النهائية للميزانية، التي سيوافق عليها الكونغرس. غير أن اوزاغ أشار إلى «الروح المشجعة التي يتعاطى بها الكونغرس مع هذه المهمة». وتتوقع الميزانية عجزا بقيمة 1750 مليار دولار خلال السنة المالية 2009 التي تنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، مع تراجعه إلى 1171 مليار دولار عام 2010. غير أن مكتب الميزانية في الكونغرس حذر مؤخرا من أن العجز قد يصل إلى 1845 مليار دولار للسنة كاملة.