التجربة نجحت

علي المزيد

TT

يحاول العلماء في أثناء اختراعاتهم مئات المرات قبل النجاح، وفي كل مرة يسمع معاونوهم: «فشلت التجربة»، وفي نهاية المطاف ومع اتساع دائرة الفشل تسمع: «نجحت التجربة». ويبقى هذا المنجز مئات السنين يستفيد منه البشر، مثل اختراع المصباح الكهربائي الذي زودنا بالنور، وغير ذلك من المخترعات.

المنجز السياسي والاقتصادي يحتاج إلى مثل هذا النجاح، ويكون النجاح من خلال التطبيق على الأرض واستفادة الناس منه عبر ما ييسر حياتهم أو من خلال شهادة الناس. أعتقد أن من حق الخليجيين أن يقولوا داخل وخارج مجلس التعاون: «نجحت التجربة»، والشهادة هذه المرة جاءت من الأشقاء المصريين الذين طلبوا الانضمام إلى الاتحاد الجمركي الخليجي لأن هذا يمنح رجال أعمالهم ورجال الأعمال الخليجيين حرية في تنقل البضائع دون رسوم جمركية، ويسمح بإقامة المصانع لمواطني مصر ودول مجلس التعاون.

مر على مجلس التعاون الكثير من المشكلات والاختلاف بين وجهات نظر كل دولة، ولكن الخليجيين تغلبوا على كل ذلك ونظروا إلى النقاط المشتركة بينهم ونبذوا المختلف عليه, وحاول حل المختلف عليه بحلول وسط، أو عبر تنازلات غلّبت أهمية الاجتماع ومكاسبه.

الخليجيون أنجزوا سوقا مشتركة وحددوا مقرا لبنكهم المركزي في السعودية، وفي طريقهم لإصدار عملة مشتركة، فيحق لهم الآن أن يقولوا: «نجحت التجربة».

إن طلب المصريين الانضمام إلى الاتحاد الجمركي الخليجي يقودنا لسؤال مشروع، وهو: لماذا لا تستفيد الجامعة من هذه التجربة، وتدرس آليات تطبيقها، وتحاول تطبيقها بين الدول العربية؟ ويكون الانضمام في البداية اختياريا، وأنا متأكد من أن جميع الدول العربية ستنضم لأن لها مصلحة فعلية في الانضمام أولا، ولموت النظرية الاشتراكية المناهضة للرأسمالية، وكانت كلتا النظريتين تحرك أعوانها ضد النظرية الأخرى.

نحن في وقت ومناخ جيد لتطبيق سوق عربية مشتركة، ولكن بقي التحرك بشكل اقتصادي لا سياسي، والنظر إلى الأمور بالمكاسب والخسائر لكل قطر بدلا من النظرة العاطفية غير المبنية على أسس عقلانية، ومطالبة الجميع بالتنازل لتحقيق وحدة دون الأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض. وليتنا في دولنا العربية نسترشد بتجربة دول مجلس التعاون لنقول من خلال منبر الجامعة العربية: «التجربة نجحت».

*كاتب اقتصادي [email protected]