ملتقى البنوك والاستثمار: رقابة مؤسسة النقد جنبت المصارف السعودية انعكاسات الأزمة المالية

طالب بمراجعة استراتيجيات البنوك التمويلية

جانب من المشاركين في الملتقى البنوك والاستثمار («الشرق الأوسط»)
TT

كشف خبير مصرفي سعودي أن البنوك السعودية كانت معرضة لانتكاسة كبرى لولا السياسات الواعية والرقابة المشددة التي اتخذتها مؤسسة النقد العربي السعودي ـ البنك المركزي ـ لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السعودي. وطالب مصرفيون وخبراء ماليون البنوك السعودية بإعادة النظر في سياساتها واستراتيجياتها القادمة التي تتعلق بالجوانب التمويلية، ومراعاة توفير منتجات مالية لكافة شرائح المجتمع وعدم الاقتصار على الأغنياء فقط. وشدد المشاركون في الملتقى السعودي الدولي الثالث للبنوك والاستثمار والأوراق المالية الذي اختتم فعالياته في جدة أمس، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات احترازية في جميع القطاعات الاقتصادية السعودية للابتعاد عن أي تأثيرات لانعكاسات الأزمة المالية العالمية التي عصفت بكثير من دول العالم.

وأوضح خالد الودغيري الرئيس التنفيذي لبنك الجزيرة أن البنوك السعودية كانت الأقل تأثرا بتبعات أزمة الرهن والائتمان العالمية التي ألقت بظلالها على جميع بنوك العالم رغم أنها لم تكن مستعدة بما يكفي ولم يكن لديها إستراتيجية واضحة للتأقلم مع الأزمة المالية.

وأفاد الودغيري بأن بنك الجزيرة وبقية البنوك السعودية كانت معرضة للفشل الذريع مثل بقية بنوك العالم لولا الرؤية الحكيمة والرقابة الشديدة والسياسة المتحفظة لمؤسسة النقد العربي السعودي التي ظهرت نتائجها الإيجابية عند حلول الأزمة. وبيّن أن هناك حاجة ملحة لإصلاح شامل وجذري للاقتصاد ووجوب الإصلاح الاجتماعي النابع من عمق الوازع الإنساني مصحوبا بالعدالة والمساواة على كافة المستويات، لم يكن هذا ليتحقق إلا في ظل نظام مصرفي متعاف. وتساءل الودغيري عما إذا كانت البنوك السعودية تراعي احتياجات جميع شرائح المجتمع، مشددا بأن على البنوك إعادة النظر في دورها وتعاملاتها مع الجميع لدعم مسار التنمية الاقتصادية في جميع الاتجاهات. من جانبه، أكد الدكتور غسان السليمان لـ«الشرق الأوسط» أن مطالبة البنوك بالالتفات للشرائح المتوسطة والصغيرة ليس وليد اليوم، وأضاف «هذه المطالبة ليست جديدة فقد تبنيناها منذ كنت رئيسا للغرفة التجارية في جدة وخضنا العديد من الجولات مع البنوك، وحثهم على دعم هذا التوجه، والكثير من البنوك أبدت استعدادها لكن يبقى عملية ملاءمة القوانين في السعودية لتعين البنوك على إمداد المؤسسات الصغيرة والناشئة». وتابع السليمان «ينبغي إعادة النظر في القوانين الحالية الخاصة بإقراض المؤسسات المتوسطة والناشئة، فنحن نفتقد في المملكة إلى ما يسمى برأس المال المغامر أو المخاطر ولن يقوم أي تمويل نشط للمؤسسات الصغيرة والناشئة دون أن يكون هناك منظومة تكامل مع هذه الصناعة».

ودعا الحكومة بالتدخل لدعم هذه الصناعة وقال «في ماليزيا مثلا عند كل ريال تقدمه مؤسسة مالية لأي منشأة صغيرة تقوم الحكومة بتقديم ريال مقابل ذلك». وكشف الدكتور جيرمو كوتينين كبير اقتصاديي الأهلي كابيتال أن التمويل الذي تقدمه البنوك السعودية سيشكل عنصر الحسم في النمو الاقتصادي للبلاد، والطلب على التمويل سيحافظ على مستوياته العالية، وتشكل الديون البنكية نسبة كبيرة من التمويل المقدم في السعودية وهو أكبر مورد للتمويل، مشيرا إلى أن الشركات تتوخى الحذر هذه الأيام.

ولفت كوتينين إلى أن الأضواء مسلطة في الوقت الراهن على النمو المتسارع في القطاع البنكي السعودي، مشيدا بالدور الذي لعبته أنظمة مؤسسة النقد العربي السعودي ومساهمتها بشكل فاعل في ضمان سلامة قطاع البنوك.

كما دعا المؤتمرون إلى إنشاء جمعية سعودية للعاملين في المصارف، وشدد على ضرورة تكثيف تدريب العاملين في قطاع المالي والاستثماري لمواكبة نظام العولمة الجديد والقدرة على مجابهة متطلبات العصر الحديث. وكان الأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة قد دشن الملتقى البارحة الأولى بفندق جدة هيلتون بحضور نخبة كبيرة من المهتمين بالمصارف والبنوك في السعودية والخليج.

وبحث الملتقى على مدار ثلاث جلسات علمية 9 أوراق عمل تهم البنوك والاستثمار والتأمين والعقار وغيرها من قطاعات المال والأعمال والخدمات.