وزارة العدل معنية بالمتابعة

سعود الاحمد

TT

تحدث العديد من الكتاب والمحررين عن أهمية استعانة القاضي بذوي الاختصاص عند النظر في القضايا المالية التي يتطلب البت فيها رأيا فنيا. والموضوع قديم وليس وليد اليوم.. وأذكر أنه أثير في الزميلة «الرياض»، منذ قرابة خمسة عشر عاما. وكتبت عنه في زاوية كانت بعنوان «قوائم مالية» بنفس الصحيفة. وأُعدت عنه ندوات وتحقيقات صحافية أذكر أن معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان شارك فيها نيابة عن وزارة العدل (ما يؤكد حرص الوزارة على هذا الأمر). ولا أعتقد أن أهمية هذا الأمر يخفى على أي قاض شرعي في أي دائرة قضائية سعودية.. سواء في المحاكم أو في ديوان المظالم. لكن هناك خبرا استوقفني منشورا (بإحدى الصحف المحلية) في الثامن من أبريل الماضي عنوانه بالنص التالي «ألزم المستأجر بإعادة الدفع.. قاض يرفض الاعتراف بالسداد الإلكتروني لإبراء الذمة». والقصة اختصارا تتحدث عن مستأجر دفع قسط الإيجار عن طريق الشبكة الإلكترونية، لكن صاحب العقار يدعي بأنه لم يستلم المبلغ. وتقول القصة إن القاضي طلب التأكيد من البنك عن طريق مؤسسة النقد، بأن المبلغ قد دفع بالفعل. وتقول القصة بأنه وعلى الرغم من أن مؤسسة النقد أكدت صحة عملية دفع المبلغ، إلا أن القاضي ألزم المستأجر بالدفع مرة أخرى! وتعليقي على هذا الخبر أنه لا بد أن في الأمر خطأ، أو أن هناك معلومة غائبة لم تنشرها الصحيفة. إما بسبب تقصير في تحرير الخبر أو بقصد من المواطن الذي أعطى الخبر للصحيفة (وكما يقال: آفة العلم رواته). لأنه لا يمكن لقاض في أي محكمة سعودية (اليوم) أن يتجاهل تأكيدا بالتسلم صادرا عن مؤسسة النقد. وأكاد أجزم بأنه وحي هذا القاضي في هذه الحادثة، لا يعقل أن يتجاهل تأكيد مؤسسة النقد بالتسلم، وإلا لماذا طلبها في الأساس. الجانب المهم في مثل هذا الخبر، أنه يشوه قطاع المال والأعمال السعودي وسمعة القضاء السعودي، ويلبسه بصورة الجهل في التعامل مع القضايا المالية والمصرفية.. ويجعله في خانة الصفر في معالجة قضايا العمليات التي تستخدم فيها شبكة الانترنت. ونحن اليوم في عصر لم يعد لنا بديل عن التعامل بهذه الخدمة. والعتب كل العتب على وزارة العدل وبالأخص إدارة العلاقات العامة والإعلام.. كي لا تتابع ما يُنشر وتُحدد موقف الوزارة منه. هذا للأسف هو ديدن العديد من الجهات الرسمية، حيث لا ترى جدوى من الرد على ما ينشر من مغالطات أو اتهامات بالصحف المحلية ووسائل الإعلام الأخرى. بل إنه ومن وجهة نظري، أن القاضي (أيضا) معني بالرد على ما نُشر (إذا كان قد علم به) وتبرئة ساحته وإيضاح ملابسات الموضوع. فمما نسمعه ونقرأه في الصحف، أن القضاة ومنذ مدة طويلة ينتظمون في برامج تدريبية مكثفة في الأمور المالية والمصرفية بالمعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد وفي معهد الإدارة.. لتوسيع معارفهم في هذا المجال. ولا بد أن لديهم برامج تدريبية أخرى في جهات أخرى. وفي الختام.. أؤكد أهمية أن تتابع الوزارة ما ينشر عنها، وتتعامل مع الإعلام بإيجابية. لأن نشر مثل هذا الخبر يولد قناعة لدى المستثمر الأجنبي بأن القضاء السعودي لن يضمن له حقوقه. خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار بأن قطاع المال والأعمال مقبل على استخدام تقنية شبكة الانترنت بشكل كبير. وأن عمليات الدفع من خلال الحسابات البنكية عبر شبكة الانترنت أمر وارد ومتعارف عليه. ولا يُعقل أن تُتجاهل التسديدات التي تتم من خلاله، على الرغم من تأكيدها من قبل مؤسسة النقد! * كاتب ومحلل مالي [email protected]