تأكيدات على أن الأزمة المالية العالمية لم تنته بعد.. وعلى ضرورة مواصلة الإصلاح الاقتصادي

خبير لـ «الشرق الأوسط»: العالم العربي في وضع أفضل لمواجهة التباطؤ العالمي

الملكة رانيا تتحدث أثناء المنتدى الاقتصادي في البحر الميت (رويترز)
TT

شهد المنتدى الاقتصادي العالمي الذي ينهي أعماله اليوم نقاشات متعددة ومختلفة حول الاقتصاد، من قطاع المعلومات إلى الإسكان، ولكن كان التركيز على مستقبل المنطقة في ظل الأزمة الاقتصادية، وتراجع أسعار النفط. وأكد عدد من المشاركين في المؤتمر من قطاع المال على أن الأزمة المالية ما زالت مستمرة، لكن كان هناك جو من التفاؤل حول السيطرة على الوضع في الوقت الراهن. وشدد كثيرون على أهمية الإبقاء على مسار الإصلاح الاقتصادي، بدلا من تركيز كافة الجهود على الأزمة الاقتصادية.

ولفت جو سعدي، رئيس شركة «بوز اند كومباني» المالية في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن «العالم العربي بمكان أفضل من الكثير من دول العالم، وخاصة بالمقارنة مع أوروبا والولايات المتحدة». وأضاف أن دول الخليج والأردن ومصر وسورية يشهدون بعض المصاعب، لكن يمكن معالجتها، مضيفا: «بحسب صندوق النقد الدولي، ستشهد المنطقة نموا بنسبة تتراوح بين 3 و 5 في المائة، وهذا أحسن بكثير من دول أخرى تتحدث عن ركود بنسب مماثلة». وشدد على أن هذا لا يعني أن «المنطقة لم تتأثر، ولكن التأثير يمكن معالجته»، مضيفا: «لا نستطيع القول إننا خرجنا من الأزمة، ولا أحد في العالم يتصور أن الأمور انتهت، لكننا نسير بالاتجاه الصحيح» على الرغم من التحسن النسبي في الأسواق العالمية. وحول الوقت المتوقع للخروج من الأزمة الاقتصادية، قال سعدي: «في أحسن الأحول، نتوقع تحسن الأوضاع في النصف الثاني من عام 2010». وقال ليزلي ماسدروب، رئيس شركة «ابسا للسيولة» من جنوب أفريقيا: «لا شك أن الأجواء تغيرت منذ منتدى دافوس (الذي عقد قبل 5 أشهر)، حيث كنا نشعر بالكآبة ولا نعتبر أن العالم دخل أصعب مرحلة ركود ممكنة، ولم تكن هناك نقاشات جدية حول مرحلة ما بعد الأزمة، ولكن هنا في البحر الميت، كان الحديث كله بالتطلع للمستقبل». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الأزمة المالية تحولت لحياة الناس وهذا أمر صعب ولم ينته بعد، ولكن هناك حقا شعور بأننا أمام فرصة للنظر إلى العالم بشكل مختلف». وأشار إلى اهتمام جنوب أفريقيا بـ«العمل على بناء عالم مختلف عن العالم بعد الحرب العالمية الثانية من المؤسسات المالية إلى العمل من دون الضغط الأميركي والهيمنة على العالم». ولفت إلى أن بلاده تتطلع إلى ضيافة كأس العالم لعام 2010 من أجل تخطي بعض صعوبات الأزمة الاقتصادية، موضحا: «نحن نرى تبليط الشوارع ومجيء السياح مما يدفع إلى التفاؤل، فعلى الرغم من كل شيء، نحن نسيطر على الوضع ونتقدم إلى الأمام». وفي ما يخص منطقة الشرق الأوسط، شرح ساعدي أنه من الصعب التكهن حول التطورات الاقتصادية في المرحلة المقبلة من دون النظر إلى أسعار النفط، قائلا: «ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الأربع الماضية ساعدت الدول الخليجية في قدراتها المالية والاستثمار في البنى التحتية، ولكن السؤال الكبير الآن هو أين يتوجه سعر النفط». وأضاف: «سيولة القطاع المصرفي قضية أخرى، إذ هناك قطاع عالمي هو القطاع المصرفي، وإحدى التحديات أمام الحكومات تدور حول كيف يمكن للحكومات تسهيل السيولة كي تعود المصارف وتعطي القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة». وكانت هناك تساؤلات حول «القيم» التي تدير عالم الأعمال، وضرورة التفكير بتأثير الشركة على المدى البعيد على محيطها الخارجي بدلا من التركيز فقط على الأرباح. وستكون «القيم» لعالم الأعمال من بين القضايا التي يتم دراستها في مبادرة «إعادة تصميم» النظام المالي العالمي، الذي أعلن عنه أول من أمس في المنتدى. ولفت أحد المشاركين في نقاش مغلق في جلسة حول «قيم إدارة الأعمال» إلى أن درس «القيم» الذي يدرس في كليات إدارة الأعمال يعتبر خياريا وليس إجباريا، مما ساهم في تراجع القيم في إدارة الأعمال. وقال ساعدي: «هناك فرصة للتطوير والتوصل إلى التوازن الصحيح وضبط وتيرة التطور الاقتصادي لمنع التضخم في أسعار بعض القطاعات التي شهدناها، مثل قطاع العقار». ونصح المستثمرين بأهمية «عدم نسيان الأسس المهمة، مثل طبيعة الشرطة والعرض والطلب والإدارة السليمة».

وستنظر المبادرة في كيفية تنظيم أسواق المال وتدخل الحكومات فيها. وقال ساعدي: «الحكومات أجبرت على التدخل في بعض المصارف وغيرها من الشركات في الولايات المتحدة وإنجلترا ولكن من الناحية الفلسفية هي مجبورة على خطة الإنقاذ هذه، ويريدون الخروج منها بأسرع وقت ممكن، الكل يعتبر هذه خطة مرحلية لمعالجة حالة معينة، يجب أن تبقى الحكومات خارج الملكية». وشدد الساعدي على أهمية عدم التخلي عن الإصلاح الاقتصادي بسبب الأزمة المحلية، قائلا: «نعم هناك إجراءات ضرورية بسبب المشكلة الاقتصادية من أجل الاستقرار ولكن الأهم هو البقاء على طريق المبادرات الإصلاحية، منها تنمية الاقتصاد والنظر في الأطر المؤسساتية». وشددت الشيخة هنادي آل ثاني، على أهمية الانتباه إلى الجيل القادم الذي يدخل سوق العمل، مطالبة في جلسة حول استقرار المنطقة بـ«الاهتمام بالشباب الذين يشكلون ثلث سكان هذه المنطقة». وحذرت من عدم توفير فرص العمل لهم. واتفق رجل الأعمال الأردني أحمد دبدوب، مع هذا الرأي، قائلا: «هذه قضية لا يمكن التقاعس في التعامل معها، يمكن أن تصبح قنبلة موقوتة إن لم ننتبه».

ومن جهته اعتبر ساعدي أن «التحدي الأكبر خلال السنوات العشرين المقبلة سيكون كيف يمكن التوصل إلى توازن بين المهارات والطلب في سوق العمل». وأضاف: «على الرغم من المشكلة الاقتصادية، يجب الإبقاء على الإصلاح في التعليم وتزويد التدريب المهني الضروري، هذا هو مفتاح الأمل للمستقبل».

ومتطلبات الجيل القادم وخاصة من ذوي الدخل المطلوب كان عنوان جلسة نقاش حول الإسكان في العالم العربي. وشدد وزير الإسكان المصري أحمد مغربي، على اهمية «توفير التمويل لذوي الدخل المحدود» في الوقت الراهن ومستقبلا مع تفاقم التعداد السكاني. وقال سامر عصفور، مفوض شؤون خدمات المستثمر وشؤون التطوير: «من التحديات التي تواجهنا تزويد مليون منزل في عمان بحلول 2025 لأفراد ذوي دخل محدود، وعلينا التخطيط من الآن لمعالجة هذا التحدي». وشرح عصفور أن الدخل المحدود يعني 6500 دينار أردني سنويا، موضحا أن التحدي حقيقي والتخطيط له من الآن ضروري ومن جهته، تحدث سميح سويرس، مدير الفنادق والتطوير في شركة «أوراسكوم»، عن مشروع شركته لبناء وحدات سكنية قليلة التكلفة، موضحا: «مفتاح النجاح هو عدم الرغبة في الحصول على مردود فوري من هذه المشروعات، بل الاستثمار فيها من أجل الفائدة على المدى البعيد».