ملتقى في الرياض يبشر بانعتاق قطاع التأمين الخليجي من آثار الأزمة المالية

محافظ مؤسسة النقد.. الجاسر: القطاع غير النفطي مرشح لنمو كبير و4.2 مليار دولار إجمالي أقساط ومطالبات التأمين

الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (يمين) خلال جولته في معرض قمة التأمين المنعقدة في الرياض (تصوير: عبد الله عتيق)
TT

بشر ملتقى سعودي متخصص في التأمين بقرب انعتاق قطاع التأمين في منطقة الخليج من تداعيات الأزمة المالية العالمية العاصفة، بعد تجاوز صدمة الربعين الماضيين، لافتا إلى قدرة الشركات على مقاومة التباطؤ الاقتصادي باعتباره التحدي الماثل حاليا.

وتوقع الدكتور محمد بن سليمان الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، خلال إطلاقه قمة التأمين أمس، أن تسجل القطاعات غير النفطية في بلاده نموا كبيرا خلال العام الحالي، لكنه تحفظ على قدرة تسجيل القطاع النفطي نموا مع ضعف الطلب العالمي.

وشدد الجاسر على مراقبة ومتابعة «مؤسسة النقد» لشركات التأمين منذ حصولها على التراخيص اللازمة لضمان الشفافية في طرح الخدمات لتضاف إلى التأكد المسبق من قوة الملاءة المالية لحماية المؤمن عليهم. ولفت الجاسر إلى تركيز «مؤسسة النقد» على إدارة المخاطر في شركات التأمين، حيث إن اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني طالبت المنشآت بالقيام بتحليل ودراسة المخاطر المحيطة بها بشكل دوري واتخاذ الإجراءات المناسبة لإدارة تلك المخاطر، مشيرا إلى أنه تم تنظيم استثمارات الشركات ضمن إطار متحفظ لا تتعرض معه لمخاطر غير محسوبة.

وأفصح الجاسر أن «مؤسسة النقد» قد تلقت قبل ظهور بوادر الأزمة المالية العالمية طلبات من قبل شركات تأمين للاستثمار في أسواق المال بنسب تزيد عن الحدود المسموح بها، إلا أن السياسة المتحفظة ـ وفقا للجاسر ـ أدت إلى اتباع تلك الشركات لسياسة محافظة وكانت النتيجة حماية استثمارات تلك الشركات من التفرغ للمنتجات المالية المهيكلة ذات المخاطر العالية.

وأكد الجاسر أن شركات التأمين في السعودية تتمتع بملاءة مالية جيدة بموجب ما يتطلبه النظام من رؤوس أموال مرتفعة واحتياجات فنية متحفظة تحقق حماية كافية للمؤمن لهم.

وبحسب الجاسر، فإن عدد شركات التأمين التي تم الترخيص لها حتى الآن 21 شركة، ستضاف لها 9 شركات أخرى تمت الموافقة عليها وتعتبر في المراحل النهائية قبل الحصول على الترخيص، مفيدا أن السوق شهد نموا كبيرا بعد ارتفاع أقساط التأمين بنهاية العام الماضي إلى 10.9 مليار ريال (2.9 مليار دولار)، بينما بلغ إجمالي المطالبات التي دفعت للمؤمن لهم حتى 2008 أكثر من 5.2 مليار ريال بارتفاع 29 في المائة في وقت بلغ إجمالي العاملين في القطاع 5.4 ألف موظف.

وكانت قمة التأمين في دورتها الثالثة توقعت نجاح شركات التأمين في تخطي الأزمة المالية حيث أكد لـ«الشرق الأوسط» جملة من الخبراء والمختصين المشاركين بأوراق عمل في القمة تفاؤلهم بمقاومة الشركات للوضع القائم.

وقال الدكتور صالح ملائكة، رئيس مجلس إدارة شركة «سلامة إياك» للتأمين بأن الأزمة العالمية كانت لها أبعاد متعددة إذ سجلت النتائج المالية للربع الأخير من العام المنصرم 2008 وكذلك الربع الأول من العام الحالي صدمة في النتائج مما أدى إلى انخفاض في قيمة الأصول، ولكنه تجاوزها ليبقى أمام التباطؤ الاقتصادي.

وأضاف ملائكة أن التباطؤ الاقتصادي مارس ضغوطاته على القطاع، وكذلك الشركات المالية، مما أدى إلى انخفاض العوائد الاستثمارية لتصطف إلى المشاكل الداخلية في بلدان المنطقة التي من بينها عملية التوعية بأهمية التأمين مفيدا أن الظروف الصعبة الماضية خفت وطأتها مما يبشر بآثار إيجابية قريبا.

من ناحيته، استبعد ديفيد آنتوني، مدير متخصص في الأسواق المالية بمؤسسة «ستاندر آند بورز» العالمية وقوع أي انهيارات في المستقبل القريب لأي شركة تأمين عاملة في منطقة الخليج العربي لا سيما في السعودية لدواعي عمق الاقتصاد وقوة الأنظمة والتشريعات المفروضة.

وأوضح آنتوني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هيكل الاقتصاد المحلي في السعودية عميق ولديه ملاءة مالية وقدرة عالية على امتصاص الصدمات، بينما يقل ذلك الأمر لدى بلدان منطقة الخليج العربي التي تتباين، حتى بين مدينة وأخرى، بين بعضها البعض، لافتا إلى أن حداثة تجربة العمل المؤسسي في الصناعة التأمينية تمثل أحد عوامل النجاة من الأزمة.

وأفاد آنتوني بأن تصنيفات «ستاندر آند بورز» حتى الآن تكشف بوضوح أن الشريحة العظمى لشركات التأمين القائمة حاليا في بلدان المنطقة تحمل تصنيف «مستقر» وهو ما يدعو إلى مزيد من التفاؤل بقدرة الشركات على تخطي الأزمة العالمية.