يورموني: الدولار قادر على البقاء كعملة رئيسية لعقد من الزمن

خبراء واقتصاديون يتنبأون ببروز عملة «كونية» جديدة ويدعون إلى تفعيل الصكوك

TT

توقع خبراء واقتصاديون دوليون رفيعو المستوى شاركوا في فعاليات المؤتمر السعودي الأوربي «يورموني» المنعقد في الرياض أمس، قدرة الدولار على مقاومة وضعه في الأسواق العالمية وأن يبقى كعملة رئيسية في العالم لعقد من الزمن.

وكشفت جلسة «الاقتصاد العالمي» التي شارك فيها خبراء من السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا وهم مايكل إسكس مدير مؤسسة التمويل الدولية في الشرق الأوسط وأفريقيا ومطلق المريشد نائب رئيس الخدمات المالية في شركة «سابك» وآيان لينيل المدير الإداري في مؤسسة فيتش ريتنغز، قدرة الدولار على البقاء كعملة رئيسية في العالم لمدة عشر سنوات على الأقل نتيجة لتراكم قوته السابقة ووجود احتياطيات مهولة منه في معظم الدول والبنوك المركزية والمصارف العالمية وكذلك لأنه لا يزال عملة التعامل الرئيسية في العالم.

ولفت المريشد إلى أنه على الرغم من اهتزاز وتذبذب أسعار الدولار إلا أنه لا تزال دول عملاقة تحتفظ وتتعامل به في نشاطاتها الخارجية كالصين والدول المصدرة للنفط من بينها السعودية، لكنه قال إن من الممكن أن تصدر قريبا عملة كونية جديدة من صندوق النقد مثلا، أو فرض العملة الصينية ذاتها على العالم. وأفاد المريشد أن واحدا من الأسباب التي أدت إلى تدهور الوضع المالي دوليا هو الاعتقاد السائد عالميا ولا سيما في بعض الاقتصادات العملاقة بأن الأسواق قادرة على تصحيح ذاتها بذاتها.

من جانبه، ذكر مايكل إسكس بأن عمليات الإقراض تمثل إحدى ضحايا الانتكاسة في الأسواق المالية حاليا، إضافة إلى توقع استمرار انكماش السوق الائتمانية، مشددا على أن الظروف تأتي في وقت يظل فيه المستثمر ينتظر عائدا جيدا، موضحا في الوقت ذاته أن أكثر المناطق الآمنة بنكيا حول العالم هي الهند والبرازيل. وزاد إسكس بأن النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط سيستمر مع وجود الطلب الكبير على المشاريع لا سيما ما يخص البنى التحتية مفيدا أن نصف الأصول المالية في منطقة الشرق الأوسط بدأت في العودة وعززت من الوضع الاقتصادي.

وفي جلسة ناقشت موضوع «تجاوب القطاع الخاص» أكد الدكتور عبد الله الدباغ الرئيس التنفيذي في الشركة العربية السعودية للتعدين (معادن) أن هناك فرصا مغرية في الأسواق المالية بعد وقوع الأزمة متوقعا أن تستمر هذه الفرص لمدة لن تزيد عن عام ونصف العام تقريبا. وأوضح الدباغ أن الفرص المتاحة للاستفادة منها هي في المجال الاستثماري وتحديدا في قطاع التعدين إذ أنه يعتبر نشاطا ناشئا وواعدا ـ على حد تعبيره ـ.

إلى ذلك، يرى يحيى اليحيى الرئيس التنفيذي لبنك الخليج الدولي ضرورة تفعيل دور الشركات الضخمة في الأسواق المالية والاستفادة من آلية الصكوك وفقا لما ذكر في جلسة حملت عنوان «الاقتصاد الكلي والمالية الحكومية».

من جهته، شدد في ذات الجلسة حمد السليمان الرئيس التنفيذي لمجموعة بن سليمان القابضة على أهمية الاستفادة من فرص الاندماج والاستحواذ، لكنه دعا في الوقت ذاته أن تكون تلك الخطوة حقيقية تستهدف تعزيز الأسواق المالية وتقوية الأنشطة الاقتصادية التي تعمل فيها.

إلى ذلك، دعا أيمن سجيني الرئيس التنفيذي لبنك يونيكورن إلى إصدار الصكوك وتنويع أنشطتها وعدم حصرها في مجالات معينة ملمحا إلى أن هناك نقصا واضحا في الرؤية لتفعيل دور الصكوك باعتبارها أداة اقتصادية ذات فاعلية عالية.

وقال سجيني في حلقة عمل حملت عنوان «الصكوك: تمويل النمو الاقتصادي الإقليمي» إن عمليات إصدار الصكوك لا تزال محصورة ومحدودة في بعض الأنشطة فقط، يبرز منها النشاط المالي والاستثماري مفيدا أن تفعيل إصدار الصكوك من شأنه أن يدفع بالنشاط الاقتصادي ويعجل من نموه إذا تم الاستفادة منه على الوجه المطلوب.

وأشار سجيني إلى أن نشاطات متعددة في الاقتصاد تحتاج إلى إصدار الصكوك، ذكر منها على وجه التحديد العقار والتعليم والمنافع والمرافق العامة موضحا أن ذلك سيضمن سيولة عالية يمكن استثمارها وإعاداتها على الاقتصاد وفتح مجالات اقتصادية جديدة وتنشيط السوق المالية المحلية.

وأفاد سجيني أن هناك مؤسسات مالية متخصصة وذات احتراف عالي يمكن الوثوق من أدائها مشددا على أن هناك أنظمة وتشريعات تضمن الشفافية والموثوقية، داعيا بأهمية تفعيل دور الصكوك وتنشيط السوق المالية بالطريقة العلمية المؤسساتية. أمام ذلك، بين بارمو كاتلين كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري أن السوق السعودية جاذبة للاستثمار شجعها على ذلك توجهها نحو تنويع مصادر دخلها واهتمامها بقطاعات حيوية مختلفة مثل البتروكيماويات والصناعة والسياحة، والتعليم والتدريب، وغيرها حتى أصبحت الحكومة السعودية تضخ المشاريع المتنوعة في العديد من مؤسساتها المختلفة.

وأكد بأن السعودية تشهد تطورا في جميع المجالات، الأمر الذي يطرح فرصاً ضخمة كثيرة للاستثمار، مشيراً إلى أن قطاع البتروكيماويات يشهد استمراراً في النمو متيحاً فرصا ضخمة أخرى بجانب القطاع الصناعي.

وقال إن السعودية تعتبر دولة غنية لها مصادر نفطية هائلة، إلا أنها تستشعر أهمية تنويع مصادر دخلها، باستغلال الفرص المتاحة من مصادر الطاقة المختلفة من خلال استثمار عوائدها في خلق وتنشيط مصادر دخل أخرى تتمثل في قطاعات السياحة والصناعة والتعليم والتدريب والنقل وغيرها من المجالات التي باتت تفرض فرصا استثمارية ضخمة مع النمو المتزايد للسكان الذي صاحبه توسع في إنشاء الجامعات وتوجهات للتطوير المستوى التعليمي في البلاد.

ولفت بارمو إلى أن التوجه للتحول إلى مدن اقتصادية ومدن ذكية يزيد من الفرص الاستثمارية ويعزز الاستثمار في قطاع الطاقة وقطاع الإنشاءات، موضحاً أن هذا التحول الذي تشهده السعودية من توسع في إنشاء الجامعات والمدن التعليمية والتزايد المستمر للنمو السكاني الذي معظمه من الشباب، يفرض مراعاة أمور مهمة تتعلق بوضع إستراتيجيات بعيدة المدى.

وزاد أن من شأن التوسع في إنشاء الجامعات والاهتمام المتزايد بالتعليم أن يصب في مصلحة الاقتصاد من خلال تطوير العلوم ما يعطي نتائج واضحة على المدى المنظور للاقتصاد.