«يوروموني»: مطالب بتعظيم «التمويل» وتنويع مصادره في السوق السعودي

الأزمة المالية لم توقف تنفيذ مشاريع البنية التحتية > عقاريون يؤكدون أن سوق المملكة الأفضل في الشرق الأوسط

جانب من آخر جلسات مؤتمر الأوروبي السعودي «يوروموني» (تصوير: إقبال حسين)
TT

شدد خبراء دوليون أمس في العاصمة السعودية الرياض على أهمية دور التمويل خلال المرحلة الحالية لدعم الاستمرارية في ديناميكية الأعمال، وبخاصة في ظل الأزمة المالية التي يشهدها الاقتصاد العالمي.

وذلك مما جعل محور «التمويل» مجال نقاش ثابتا في جلستين من فعاليات المؤتمر الأوروبي السعودي (يوروموني) الذي انتهت فعالياته أمس، داعيا إلى أهمية أن تتجه المؤسسات المالية من شركات استثمار وبنوك تجارية نحو تنويع مصادر التمويل، يبرز في مقدمتها الصكوك، للدفع بالمشاريع القائمة حاليا في مجالات المياه والكهرباء والبنى التحتية.

واستبعد الدكتور جبارة الصريصري وزير النقل السعودي أن الأزمة المالية قد يكون لها أي تأثير على مشاريع البنية التحتية في المملكة، مشيرا إلى أن الحكومة لم تؤجل أو تلغِ المشاريع المعتمدة في أي قطاع من القطاعات الحكومية فور بداية الأزمة.

وقال الصريصري إن سياسة حكومة خادم الحرمين تؤكد أهمية إشراك القطاع الخاص المحلي والخارجي في الحراك الاقتصادي بما في ذلك تمويل وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، مشيرا إلى أن بناء العديد من مشاريع البنية التحتية، وبخاصة الكبيرة منها، صُمّم إما على شكل مشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص وإما أن يقوم القطاع الخاص بالبناء والتشغيل ثم الإعادة للدولة.

ورجع وزير النقل السعودي في كلمته خلال جلسة المؤتمر المشترك الأخيرة، الارتفاع الكبير في تكاليف التمويل، إلى الانخفاض الشديد في عرض التمويل الدولي، الذي أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف المشاريع المخطط للقطاع الخاص المشاركة فيها. ومن جانبه أكد المهندس مؤيد القرطاس نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة التصنيع الوطنية أن المشاركة بين القطاعين العام والخاص يمثل تكاملا ضروريا لقيام مشروعات الطاقة، مشيرا إلى أن هناك جملة من مشاريع البنية التحتية التي لم تعطِ الفرصة لتفعيل دور القطاع الخاص.

ويرى القرطاس أن التمويل يمثل معولا مهما لتسريع وإنجاز المشاريع في وقت ما زال فيه القطاع البنكي المحلي في السعودية لا يستطيع تلبية العديد من المشاريع رغم تفاعله مع بعض المشروعات، راجعا ذلك إلى أن أغلب الإيداعات فيه قصيرة ومتوسطة المدى.

وقال القرطاس: «عند التحدث عن التمويل طويل المدى الذي يتجاوز تسديده 10 سنوات فأكثر يكون الأمر صعبا لتلك البنوك»، مطالبا بضرورة زيادة قدرة المؤسسات المالية التمويلية وكذلك ابتكار موارد ومصادر تمويلية في وقت ينتظر فيه أن يزيد الطلب على الطاقة بشكل ملموس.

وذكر القرطاس في رؤيته حول استهلاك الطاقة خلال حلقة نقاش بعنوان «الاستثمار في البنية التحتية» أن الطلب سينمو على المستوى العالمي نتيجة تصاعد استهلاك المناطق الفقيرة بعد تحسن مستوياتها الاقتصادية مثل بعض دول آسيا ومناطق في إفريقيا وبلدان أميركا الجنوبية.

وأفصح القرطاس عن قيام بلاده بجهود ملموسة ووضع مخصصات مالية لتفعيل بعض مصادر الطاقة المهولة لديها من ضمنها الطاقة الشمسية والرياح مشيرا إلى أنها من بين سياسات الدولة الاقتصادية، لكنه ذكر أن تكلفتها عالية جدا ولا بد أن ينظر إلى الاستفادة منها بشكل تكاملي. من ناحيته قال جوليان يوهانسن المدير الإداري لمكتب «آلان آند آوفري» للمحاماة إن هناك حاجة عملية لتعظيم دور التمويل في هذا التوقيت، لا سيما أن المشكلة ليست مالية فقط بل هناك إجراءات وتنظيمات إدارية وهيكلية تتقدمها عملية الشفافية.

وأفاد عبد الله الشهري نائب محافظ مؤسسة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج للشؤون التنظيمية أن مشاريع الكهرباء التي يقوم العمل فيها حاليا مبنية على أسس تجارية وسط تشديدات مفروضة في ما يخص الكفاءة العالية، مشيرا إلى أن المشاريع تعمل بطريقة عالية في التنافسية. وتوقع الشهري خلال جلسة بعنوان «الطاقة والمياه ما بعد 2009» أن هناك فجوة لم تغطِّ الطلب في وقت تستهلك المنطقة كميات من الطاقة، مفيدا أنه خلال فترة من 7 إلى 10 سنوات سيتزايد الطلب على الكهرباء لا سيما من القطاع الخاص. إلى ذلك، ذكر ريتشارد باكوس رئيس شركة «إينرجي» السعودية للمشاريع الصناعية أن مشاريع المياه والطاقة ماضية في منطقة الشرق الأوسط حيث لا توجد حالات تعطل مفيدا إلى ضرورة دعم الحكومات لتسريع قيام تلك المشاريع والبدء في عمليات التشغيل.

ولفت باكوس في ذات الجلسة التي ركزت على قدرة تغلب التنمية المبنية، على الطلب على الاستثمار القائم على المضاربة، إلى أن السعودية بما فيها من مشاريع عملاقة أصبحت تدير تغيير المشروعات في سوق الطاقة والمياه في المنطقة، مضيفا أن مواصلة المشاريع تمثل تنمية مستدامة ضرورية لانتعاش الاقتصاد.

وطالب باكوس بأهمية إعادة البنوك التجارية النظر في حجم استفادتها من المشاريع وتقليص ذلك وتسهيل عمليات الإقراض ضمن مصلحة الاقتصاد لكي يتمكن القطاع الخاص من أداء أدواره الاستثمارية والتنموية بعد تمويل المشروعات. وعاد الصريصري مؤكدا على أن العمل بمشروع سكة حديد الشمال الجنوب الذي ينطلق من الحدود مع الأردن مرورا بمناطق التعدين ومناطق الحدود الشمالية والجوف وحائل والقصيم ومن ثم الرياض، يسير بشكل متواصل، ومن المقرر الانتهاء منه في العام المقبل، كما بدأ العمل في مشروع قطار الحرمين السريع بين مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة ومن المقرر الانتهاء منه في عام 2012.

بالإضافة إلى محطة للحاويات في ميناء جدة تزيد طاقة الميناء بنحو 45، وسيفتتح في الربع الأخير من هذا العام، كما يسير العمل في بناء ميناء رأس الزور الخاص بالمعادن بشكل جيد، كما خصص ما يقارب 12 مليار ريال (3.2 مليار دولار) لبناء أرصفة جديدة في بعض المواني والطرق.

من جهته ذكر توفيق الربيعة مدير عام هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية أن حجم الاستثمارات الصناعية في 14 مدينة التي تشرف عليها الهيئة يبلغ 250 مليار ريال، مشيرا إلى أن هدف الهيئة هو رفع إسهام الصناعة في إجمالي الناتج المحلي إلى 20 في المائة بحلول عام 2020 والوصول إلى مركز متميز في الخريطة الصناعية العالمية.

وأبان أن الهيئة شاركت القطاع الخاص في مشروع تجاري مشترك يتولى فيها تمويل وإدارة المشروع وخلق فرص وظيفية وخدمات ذات جودة عالية وتطوير المهارات الإدارية وضمان أداء مالي متميز، إضافة إلى الاستثمار في مشاريع التخطيط والتصميم والتنفيذ وبناء وتنفيذ المشاريع ومن ثم تشغيلها لتحصيل عائد استثماراته ومن ثم تحويل المشروع إلى الهيئة بعد المدة المتفق عليها.

كما شارك القطاع الخاص في عدد من المشاريع في الصرف الصحي في جدة ومشاريع المياه وشبكة الغاز وأخيرا التبريد المركزي.

في الوقت الذي تحدث فيه أكرم حمد رئيس شركة «جنرال إلكتريك» في السعودية أن عملاق الصناعة الأميركي يعتبر المملكة واحدة من أهم دول العالم التي تحرص عليها الشركة. وتمتلك «جنرال إلكتريك» شركات متميزة مع مختلف القطاعات في السعودية.

وتوجها إلى القطاع الأكثر جذبا، أجمع المتحدثون في حلقة النقاش السادسة في مؤتمر «يوروموني» أمس أن السوق العقارية في السعودية تواصل سيرها نحو النمو في الطلب وطرح المزيد من المشاريع، بالإضافة إلى نمو الحركة في سوق العقارات والمساكن السعودية، وعدم تأثر السوق بالأزمة العالمية، كما حدث في بعض دول الخليج.

وأكد وليد المرشد رئيس مؤسسة التمويل الدولية في السعودية، وكبير مسؤولي الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن مؤسسة التمويل الدولية سعت إلى إنشاء مؤسسات تمويلية، مشيرا إلى أن الشركة السعودية لتمويل المساكن، التي تسهم فيها مؤسسة التمويل، قدمت تمويلات بقيمة تصل إلى 600 مليون ريال (160 مليون دولار) حتى الآن منذ إنشائها. وأدار حلقة نقاش العقارات محمد سرجي مراسل وكالة «داو جونز» الإخبارية في السعودية، وشارك فيها كل من عمر القاضي الرئيس التنفيذي لشركة «إنجاز للتطوير العمراني»، ووليد المرشد مدير مؤسسة «التمويل الدولية» في السعودية وكبير مسؤولي الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى دياب شدياق مدير القطاع العقاري في «شعاع كابيتال» السعودية، وجون ديفيس الرئيس التنفيذي لمكتب «كوليرز إنترناشيونال» للخدمات الاستشارية العقارية في الشرق الأوسط.