تشخيصاً لمشكلة الإعلام الاقتصادي

TT

افتتح يوم الأحد الماضي، المؤتمر الإعلامي الدولي الأول «مستقبل النشر الصحافي»، الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام بالتنسيق مع منظمة إفرا العالمية، وأجد أن الوقت مبكر جداً للحديث عن هذه المناسبة. لكنني، ولأن الشيء بالشيء يُذكر، أجدها مناسبة للتعليق على ملتقى إعلامي اقتصادي عُقد قبل قرابة ثلاثة أسابيع بمقر الغرفة التجارية والصناعية بالرياض بعنوان «ملتقى الإعلام الاقتصادي»... الذي قدم المتحدثون فيه خمس أوراق، رغم اختلاف عناوينها إلا أنها تتمحور حول مواضيع تم تداولها في معظم ملتقياتنا الإعلامية، وأهمها التحدي الذي تواجهه وسائل الإعلام بسبب سيطرة المُعلن على المادة الإعلامية ونفوذه في مختلف وسائل الإعلام. وندرة وجود الإعلامي المحترف وارتفاع تكلفته، وعدم وجود معايير لأهمية وأولوية ما يُنشر ومتى ينشر، وكيف ينشر. ومشاكل الصحف مع الجهات المعنية في عدم إمدادها بالخبر بشفافية في الوقت المناسب. والدعوة إلى تكثيف الدورات التدريبية واستقطاب القدرات المؤهلة للمجال الصحافي.

وكنت أتمنى لو أن الملتقى اقتصر على ورقتين فقط وتم الاستفادة من الوقت المتاح في المناقشات. لأن معظم الحضور لديهم عن الموضع أكثر مما لدى مقدمي الأوراق. علماً أن الورقتين الأخيرتين (للدكتور محمد القنيبط والأستاذ سلطان البازعي) يمكن اعتبارهما مجرد تعليقات وسرد لبعض الحوادث والذكريات. ثم أن المشكلة التي تتكرر أن يستحوذ مدير الجلسة بتعليقاته ومداعباته على معظم وقت الملتقى!. والحقيقة أن الأمر الأهم في تشخيص مشكلة الإعلام الاقتصادي (ليس ما ذُكر أعلاه وحسب)، لكنه غياب الجهة أو الجهات المعنية بمتابعة ما يُنشر على صفحات الجرائد المحلية من مقالات وتحقيقات وندوات وأخبار. فالأمر متروك للجهات التي يوجه إليها الخطاب الإعلامي، التي يُكتب عنها النقد والتحليل. فلها أن تُعلق على ما يُكتب عنها ولها أن تتجاهله (تُطنش). وهنا أمر مفصلي، فالواجب على الجهات التي يكتب عنها أن تحترم الرأي العام. وإذا كُتب عنها بما لا يصح، أن تُعلق عليه وتوضح للعامة موقفها مما نُشر. وإذا كان ما كُتب صحيحاً، فلا غضاضة أن تُعلق عليه بالاعتذار عن التقصير وشكر من نبهها للخطأ أو الملاحظة.

ختاماً... أحد المتحدثين في الملتقى اعتلى منبر الحديث، وأخذ ينتقد مستوى الصحافيين والمحللين الماليين والاقتصاديين في الصحف السعودية، وقال إن مؤسسته الإعلامية أعطت دورة تدريبية لبعض الصحافيين السعوديين، وإنه سبق ذلك تقييم لمستواهم، وذلك أن يقوموا بإعداد تقرير صحافي عن حادثة سبق وأن قام بإعدادها أحد محرري رويتر (كما ينطقها). ويقول (الأخ) إن نتائج تقييم أداء الصحافيين السعوديين أظهرت أنهم بحاجة إلى التدريب على الأساسيات. وتعليقي على ما قال: أنه (بداية) لم يوفق لنطق اسم وكالة رويترز بالشكل الصحيح (فهي رويترز وليست رويتر) ومؤسسها الإعلامي المعروف السيد/ تومسون رويترز Thomson Reuters. والنقطة الثانية: لعله من غير المناسب التعميم عند الحديث بالنقد. فليس كل ما تقدمه وكالات الأنباء الأجنبية فيها من المهنية ما يقتدى به. وسؤالي هنا: كيف تم اختيار المادة (النموذج للدراسة) التي تم بناءً عليها التدريب لتقييم أداء الوكالة، ثم أن فريق الصحافيين الذين رضوا بالتدريب لدى هذه المؤسسة الإعلامية ليسوا مثالا يقيم على أساسه مستوى بقية المحللين السعوديين. وعلى حد علمي ومن خلال متابعة يومية (بحكم عملي) هناك من التقارير التي تُعد من قبل رويترز وغيرها، ما هو بعيد عن المهنية.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]