الملتقى السعودي الدولي الثالث للبنوك والاستثمار

سـعود الأحمد

TT

كلما أُعلن عن مؤتمر، أو ملتقى، أو ندوة عن موضوع متخصص.. وبدأت العناوين الرنانة تتصدر صفحات الجرائد المحلية، دب الحماس فينا، وبدأ الأمل يحدونا، لعلنا نجد في تلك المناسبة المعلومة النافعة، والاتصال بالمنظرين والمحترفين للعناوين المطروحة للنقاش، لكنها آمال ما تلبث أن تتبخر (في كثير من الأحيان).

فقبل أسبوعين، عُقد في جدة الملتقى السعودي الدولي الثالث للبنوك والاستثمار، ليناقش ثلاثة مواضيع رئيسية، هي: رفع كفاءة أداء سوق الأسهم، ومستقبل صناعة الاستثمارات، والمتطلبات التمويلية للسوق العقارية. وكنت قد قرأت في إحدى الصحف أنه سيحضره سبعمائة خبير ومصرفي، وفي كلمة رئيس مجلس إدارة الغرف (ذكر) أنه سيحضره خمسمائة خبير ومصرفي سعودي وعالمي، لكنني، من مشاهدتي للمقاعد، أجزم بأن عدد من حضروا الجلسات (بمن فيهم المنظمون) لا يتجاوز العشرين شخصا!. وأجزم (أيضا) أن في الأمر مشكلة في التنظيم. والذي أود التأكيد عليه أن من المفترض أن انعقاد المؤتمرات والملتقيات يحكمه وجود مصلحة عامة، وأنه يراعى فيها الموازنة بين موضوع المؤتمر والفعاليات التي ستتضمنها أجندة برنامجه، وعدد ونوعيات المشاركين والمدعوين، آخذين في الاعتبار علاقة الأشخاص واهتمامهم بعنوان الملتقى، وعناوين الجلسات والأوراق المقدمة فيه. فعلى سبيل المثال.. عناوين الملتقى تهم الشركات والمؤسسات المالية والبنوك، ولو تمت دعوتها والتنسيق مع الجهات المعنية (بالشكل المطلوب) لتشارك في تحمل مسؤولية نجاحه، ولو باثنين أو ثلاثة ـ كحدّ أدنى ـ من كل جهة؛ لتوفر للملتقى مئات الحضور من المتخصصين والشخصيات الفاعلة. كما أن لأساتذة الجامعات دورا وحضورا كان مفقودا (إلا من عدد قليل منهم)، ناهيك عن الكتاب الصحفيين والمحللين الماليين والاقتصاديين، مع أن آلية هذا الأمر سهلة جدا، حيث يمكن حصر هؤلاء من خلال ما يُنشر لهم من مقالات وتحليلات تنشر يوميا بالصحف المحلية. وبالمناسبة، فإن الشخصيات المعروفة العاملة في المجال يأتي بعضها ببعض، (والعكس بالعكس).. إذا غاب البعض؛ غاب معه البعض الآخر.

حتى إنه مذكور بجدول أعمال الجلسة الافتتاحية (المُعلن عنه والموزع) أن هناك كلمة لإحدى الشخصيات الاقتصادية المهمة. ولم يحضر ذلك الشخص، ولم تُقدم كلمته (نيابة عنه)، ولم يجد المنظمون أن الغياب يعني خللا يستحق أن يظهر أحد المنظمين ليعتذر عن سبب الغياب، ويوضح سببه. والذي يبدو أن التنظيم قد أوكلت مهمته لأشخاص (ليسوا متخصصين في المجال الإعلامي)، إلى درجة أنهم لم يتمكنوا من إبلاغ المتحدثين إلا في آخر الوقت. وقد تحدث عن ذلك الدكتور مقبل الذكير (وعلى المنبر)، وقال إنه لم يُطلب منه تقديم ورقته، إلا قبل بضعة أيام، وإنه سهر عليها لإعدادها ليلتين. وهذا بالطبع خلل تنظيمي، يجب على الجهات المنظِّمة مراعاته في المستقبل، حتى لا تُقدم أوراق أقل من المستوى المقبول، أو أن يعد البعض بتقديم ورقته ويحاول، لكنه يفشل في جمع أفكاره وترتيبها بالشكل المطلوب، مما يضطره في آخر لحظة للاعتذار، ويحرج بذلك القائمين على الملتقى. وللمعلومية، فقد كانت ورقة الدكتور مقبل الذكير هي أفضل ورقة قدمت، بل إن للدكتور مقبل بشخصيته وعلمه وتمكنه من الموضوع الذي تحدث عنه، وهو مشكلة الإسكان والاستثمار فيها؛ ما جعله يحمل على عاتقه مهمة نجاح الملتقى، بدليل أن معظم أسئلة الحضور كانت ترسل مخصصة له، ليس فقط في قاعة الملتقى، ولكن حتى في الخارج أثناء فترات الراحة. وأخيرا.. كالعادة، كان الوقت ضيقا أمام بعض مقدمي الأوراق ليقولوا ما لديهم، لكنه كان (وعلى غير المعتاد) فائضا أمام الحضور (لقلتهم طبعا) ليناقشوا، بل إن مديري الجلسات وجدوا مشكلة (في بعض الأحيان) في البحث عمَّن يشارك بسؤال أو مداخلة!.

كاتب ومحلل مالي [email protected]