«ستاندارد أند بورز» تواجه اختبارا حول مصداقيتها

قللت مصداقية وزارة الخزانة البريطانية

TT

ذكر تقرير أصدرته مؤسسة «بلومنبيرغ» المالية في «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك) أن شركة «ستاندارد اند بورز»، التي أعلنت، يوم الخميس، تخفيض قدرة الحكومة البريطانية على دفع الديون التي عليها، هي نفسها تواجه اختبارا حول مصداقيتها.

وأضاف التقرير: «يعاني تراث عمره أكثر من مائة سنة، بناه هنري بورز (من مؤسسي الشركة) سمعة سيئة، وذلك بسبب فشل الشركة في توقع كارثة القروض العقارية، وفي ضمان مغامرات استثمارية على مستوى عال». وأشار التقرير إلى أن الشركة، في سنة 2007، أعطت درجات عالية لبنوك ومؤسسات استثمارية قدمت قروض عقارات لملايين الناس الذين لم يكونوا قادرين على دفع أقساط القروض. وعندما انخفضت قيمة القروض بنسبة النصف، سارعت الشركة وخفضت درجات التقييم. وقال التقرير إنه، بسبب ذلك، انخفضت قيمة الشركة نفسها بنسبة الربع.

وكانت شركة «ستاندارد اند بورز» خفضت قدرة وزارة الخزانة البريطانية على دفع الديون التي عليها. وأثار ذلك ضجة، ليس في بريطانيا فقط، ولكن، ايضا، في الولايات المتحدة، رغم ان الشركة استمرت تقدم لوزارة الخزانة الاميركية أعلى درجات القدرة على دفع الديون التي عليها.

وكانت شركة «ستاندارد اند بورز» نفسها قد ذكرت في تقرير لها انه منذ تأسيسها سنة 1860، تخصصت في تقييم استطاعة الشركات والبنوك والمؤسسات المالية على تسديد ديونها. ليس فقط لإثبات الاستطاعة المالية لهذه الشركات، ولكن أيضا لإثبات مصداقيتها في النظام المالي.

وأيضا، تقيم «ستاندرد اند بورز» استطاعة البنوك والمؤسسات الاستثمارية على تقديم قروض. ليس فقط لإثبات هذه الاستطاعة، ولكن، أيضا، لإثبات الاستعداد للمغامرة، التي هي واحد من أعمدة الإدانة والاستدانة في النظام الرأسمالي. ويعود اسم الشركة إلى شركة المؤسس «هنري بورز» الذي كتب أول كتاب عن القدرة والمصادر المالية لشركات بناء الخطوط الحديدية في الولايات المتحدة وكندا. وفي سنة 1906، بعد دمجها مع شركة «ستاندارد» التي كانت تعمل في نفس المجال، صار الاسم «ستاندارد أند بورز».

وبعد ذلك بنصف قرن، اشترت «ستاندارد أند بورز» شركة «ماكروهيل» للنشر، التي تصدر مجلة مطبوعة «بيزنس ويك»، وتطبع ملايين من كتب المقررات المدرسية في كل الولايات المتحدة تقريبا، ولكل المراحل الدراسية.

وتتولى شركة «ستاندارد اند بورز» قدرة الدول والبنوك والشركات على دفع الديون التي عليها اعتمادا على جدول يبدأ من «أ أ أ» ثم «أ أ» ثم «أ» ثم «ب ب ب» ثم «ب ب» ثم «ب»، وهكذا. بينما تشير أعلى درجة إلى «أحسن مستدين، والأكثر استقرارا واعتمادا». عادة، لا تصل إلى هذه الدرجة غير الحكومات، وخاصة حكومات الدول المستقرة والغنية والقوية. ومنذ أكثر من نصف قرن، ظلت الحكومة الأميركية في أعلى هذه القائمة.

وتشير درجات اقل إلى اوصاف مثل: «وضع اقتصادي غير مستقر لكن يستمر دفع أقساط الديون» و«على باب الإفلاس لكن يستمر دفع أقساط الديون» و«دفع أقساط الديون بصورة غير مستمرة» و«إعلان الإفلاس مع دفع بعض أقساط الديون» «فشل كامل في دفع أقساط الديون» وتقول آخر درجة: «لا توجد درجة».

أكثر من يتابع هذه الدرجات هم المستثمرون، وذلك لان المستثمر، عادة، يريد استثمارا كثير العائد، ومستقر الوضع، ومضمون المستقبل. ورغم ميل المستثمر نحو تحاشي المغامرة، يفضل المؤسسات الاستثمارية التي تثبت استطاعتها على كسب المغامرات على شرط ان يحدث ذلك على مدى سنوات كثيرة، لا ان تنجح مغامرة ثم تفشل التي بعدها.

لكن، منذ بداية الأزمة الاقتصادية في اميركا قبل اكثر من سنة، واجهت شركة «ستاندارد أند بورز» انتقادات، منها:

أولا: أفلست بنوك ومؤسسات استثمارية أعطتها الشركة أعلى درجة «أ أ أ».

ثانيا: عند منح الدرجات، زادت الشركة دور المغامرات الاستثمارية.

ثالثا: زادت دور ممتلكات غير مضمونة.

وكان بنك «كريدي سويس» السويسري أعلن خسارة تقارب نصف مليار دولار رغم أن الشركة منحته أعلى درجة «أ أ أ». وحدث نفس الشيء لبنوك في أيسلندا، ولحكومة أيسلندا نفسها.

وفي الشهر الماضي، زاد نقد سياسة الشركة في ايسلندا، لان الشركة أصدرت بيانا دعت فيه إلى «حكومة جديدة ووجوه جديدة» في ايسلندا. واعتبر بعض الناقدين ان هذا تدخل في الشؤون الداخلية لأيسلندا. في وقت لاحق، أصدرت الشركة بيانا قالت فيه إن بيانها الأول «فهم فهما خطأ».

وتركز نقد شركة «ستاندارد اند بورز» على كاثلين كوربيت، التي كانت رئيسة لست سنوات، إلى أن استقالت في السنة الماضية بعد حملة نقد ضدها، وتحميلها مسؤولية بداية الأزمة الاقتصادية. وكانت مجلة «تايم» الأميركية وضعت اسم كاثلين كوربيت في قائمة خمسة وعشرين شخصا قالت إنهم يتحملون أكثر من غيرهم مسؤولية الأزمة الاقتصادية.

يوجد في القائمة الن غريسبان، رئيس البنك المركزي الأميركي لأكثر من عشرين سنة. وهناك هنري بولسون، وزير الخزانة السابق.