الرئيس الروسي: الأزمة الاقتصادية العالمية لم تنته بعد ومن السابق لأوانه الاحتفال ببدء الانتعاش

«دويتشه بنك»: الانتعاش العالمي مربوط بقطاع العقارات الأميركي > الصين قد تشتري سندات من صندوق النقد بقيمة 50 مليار دولار

الرئيس ديمتري ميدفيديف متحدثا أمس في افتتاح مؤتمر سان بطرسبرغ (أ.ب)
TT

قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في افتتاح أكبر منتدى اقتصادي يقام في البلاد أمس إن الاقتصاد العالمي تجنب أسوأ الاحتمالات، لكنه حذر الحضور من أنه من السابق لأوانه الاحتفال ببدء الانتعاش. وقال ميدفيديف في كلمته الافتتاحية في المنتدى الاقتصادي العالمي في سان بطرسبرغ: «في رأيي أنه من السابق لأوانه إبداء مظاهر الاحتفال». وأضاف: «ومع ذلك أعتقد أننا تجنبنا أسوأ الاحتمالات». وأضرت الأزمة المالية العالمية بالاقتصاد الروسي بشدة أكبر من أي اقتصاد ناشئ كبير آخر لكن ميدفيديف قال إن البلاد حققت الاستقرار في القطاع المالي وإن كانت ما زالت تواجه تحديات كبيرة. لكنه استبعد اتباع خطى اقتصادات كبرى تقوم بتجميع الأصول الخطرة في مؤسسة حكومية واحدة. وقال: «لا أعتقد أن إقامة بنك للأصول الخطرة مطلوب في روسيا». وتابع: «سنستخدم أدوات أخرى لحل هذه المشكلة، تشمل: استثمار أموال الدولة في زيادة رؤوس الأموال إذا تطلب الأمر». وقال ميدفيديف إنه على الرغم من الأزمة فإن روسيا ما زالت تريد تحويل موسكو إلى مركز مالي دولي وإعطاء الروبل دورا كبيرا كعملة احتياط إقليمية. وقال ميدفيديف إن الأزمة أظهرت اعتماد روسيا الكبير على صادرات النفط ومواد أولية أخرى وافتقار نظامها المالي إلى التطوير. ونتيجة لذلك تحتاج البلاد بشكل عاجل إلى تكثيف جهودها للتنويع وإلا واجهت أزمات أسوأ في المستقبل. وقال مسؤولون أمس إن الاقتصاد الروسي سينكمش بمعدل أقل من 6.5 بالمائة الذي توقعه صندوق النقد الدولي مع بدء بعض القطاعات في الانتعاش وتراجع التدفقات النقدية خارج البلاد إلى الصفر. وقال أركادي دفوركوفيتش كبير المستشارين الاقتصاديين للكرملين: «شهدنا بالفعل بعض الدلائل على التحسن، لكن ليس في جميع القطاعات، فقط في بعض القطاعات والشركات». وردّ على سؤال عن انكماش الناتج المحلي الإجمالي قائلا: «نعتقد أنه سيكون أقل من 6.5 في المائة لكن ليس أقل بكثير». وأبلغ (رويترز) أن روسيا قد تخفض أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة إضافة إلى خفضها بمقدار 1.5 نقطة مئوية في الأسابيع الستة الماضية إذا ظل التضخم في عام 2009 دون مستوى عشرة بالمائة. وخفض البنك المركزي الروسي سعر الفائدة أول من أمس للمرة الثالثة في ستة أسابيع بمقدار 50 نقطة أساس إلى 11.50 بالمائة لتشجيع البنوك على تقديم المزيد من القروض. وقال ألكسي يوليوكاييف نائب رئيس البنك المركزي إن التضخم من المتوقع أن ينخفض في يونيو (حزيران) بالمقارنة بالشهر السابق وإن التدفقات النقدية خارج البلاد قد تصل إلى نحو الصفر.

من جهته قال نوبو تاناكا المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية أمس على هامش مؤتمر سان بطرسبرغ بروسيا إن ارتفاعات أسعار النفط لا تعكس العوامل الأساسية المتعلقة بالعرض والطلب. وقال في حديث لـ«رويترز»: «لم نشهد انتعاشا يذكر في الطلب ورغم التوقعات الكبيرة بشأن انتعاش الاقتصاد إلا أن أساسيات السوق لم تتحسن بدرجة كبيرة». وأضاف: «إذا لم يكن الاقتصاد ينتعش ومع ذلك ترتفع الأسعار فإن ذلك سيكون له».

وعلى صعيد متصل قال جوزيف أكرمان الرئيس التنفيذي لـ«دويتشه بنك» إن الأزمة الاقتصادية العالمية ستستمر على الأرجح وإن الانتعاش يعتمد على تحسن سوق العقارات الأميركية. وقال أكرمان في وقت متأخر من مساء أول من أمس الخميس في كلمة في منتدى ببرلين: «سنظل في مرحلة صعبة للغاية لبعض الوقت». وجاءت تصريحاته في أعقاب صدور بيانات أظهرت تحسن ثقة المستثمرين ودعمت مؤشر «يوروفرست» لأسهم كبرى الشركات الأوروبية بأكثر من 34 في المائة منذ أن سجل أدنى مستوياته على الإطلاق في التاسع من مارس (آذار).

وتراجع معدل الانكماش في قطاع الخدمات المهيمن في منطقة اليورو بدرجة أكبر في مايو (أيار)، وارتفعت توقعات الأعمال إلى أعلى مستوياتها في 15 شهرا وسط آمال بأن يكون الأسوأ قد انقضى في الأزمة الاقتصادية في حين عاد قطاع الخدمات البريطاني للنمو بشكل مفاجئ حسب استطلاع صدرت نتائجه يوم الأربعاء. وقال أكرمان إنه رغم رصده لدلائل على أن الاقتصاد في طريقه إلى الاستقرار عند مستوى منخفض فإن الوضع لم يعد إلى طبيعته بعد. وأضاف أن الوضع الاقتصادي من المستبعد أن يتحسن قبل أن تحل أزمة سوق العقارات الأميركية. ولم تُظهِر سوق الإسكان في الولايات المتحدة أي دلائل على تحسن مطّرد بعد، وأظهرت بيانات حديثة انخفاضا في الطلب على الرهون العقارية. وفي الربع الأول من العام ارتفعت أعداد المتخلفين عن سداد الرهون العقارية وواصلت أسعار المساكن انخفاضها.

وعلى صعيد متصل أظهرت بيانات حكومية أمس أن أرباب الأعمال في الولايات المتحدة خفضوا 345 ألف وظيفة في مايو (أيار) الماضي، وهو أقل معدل منذ سبتمبر (أيلول)، وأقل بكثير من المتوقع. وتوفر هذه البيانات دليلا آخر على أن الكساد الاقتصادي ينحسر. ولكن وزارة العمل قالت إن معدل البطالة ارتفع إلى 9.4 في المائة وهو أعلى معدل منذ يوليو (تموز) عام 1983 من 8.9 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي. وتم تعديل خفض الوظائف في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) بالخفض لتظهر إلى 652 ألفا و504 آلاف على التوالي. وكان محللون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا أن تنخفض العمالة غير الزراعية في الولايات المتحدة بمقدار 520 ألف وظيفة في مايو (أيار) وأن يبلغ معدل البطالة 9.2 في المائة. وقالت الوزارة إنه منذ بدء الكساد في ديسمبر (كانون الأول) عام 2007 خسر الاقتصاد الأميركي ستة ملايين وظيفة. من جهة أخرى ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة أمس أن الصين قد تشتري سندات من صندوق النقد الدولي بما قيمته خمسون مليار دولار للإسهام في زيادة موارد المؤسسة الدولية. وقال مسؤول لم يكشف عن هويته للوكالة الرسمية: «إذا كانت سندات صندوق النقد الدولي متطابقة مع مطالبنا لجهة السلامة وترجمتها إلى استثمارات معقولة، فإننا سندرس بجدية الاستثمار في سندات صندوق النقد الدولي بما لا يتجاوز خمسين مليار دولار». وقال هذا المسؤول في الإدارة المكلفة عمليات الصرف: «عملت الصين دائما على تشجيع تمويلات صندوق النقد الدولي عبر أنظمة السوق». ويعمل الصندوق حاليا على إصدار أولى سنداته التي أعربت بعض الدول عن اهتمامها بها. وكان أعلن في مايو (أيار) أنه يبحث مع عدد كبير من الدول في مميزات هذه السندات (معدل الفائدة واستحقاق السندات ووسائل إعادة التسديد). وكانت روسيا الدولة الأولى التي أعلنت رسميا أخيرا نيتها شراء سندات بقيمة عشرة مليارات دولار، مقدمة بذلك المساعدة للمؤسسة المالية الدولية على زيادة مواردها. وبحسب الصندوق فإن دولا أخرى مهتمة أيضا، وبينها «بعض دول مجموعة العشرين التي لا تنتمي إلى اتفاقيات الإقراض الجديدة»، وهو الإجراء الذي وُضع في لندن لزيادة سريعة في موارد الصندوق المخصصة للإقراض. وهناك ثماني دول تنتمي إلى مجموعة العشرين لا إلى «اتفاقيات الإقراض الجديدة»، وبينها الدول الناشئة الكبرى الأربع (البرازيل وروسيا والهند والصين).