تشديد القيود على بطاقات الائتمان في الهند

الأزمة المالية العالمية دفعت البنوك الهندية إلى تخفيض إقراضها

دفعت الأزمة المالية العالمية البنوك الهندية إلى إعادة النظر في عملياتها الخاصة بالإقراض («الشرق الأوسط»)
TT

قبل ثلاثة أسابيع، فتحت غيتانيالي بال كشف بطاقة الائتمان الشهري لتجد خطابا موجزا يوضح أن الحد الأقصى للائتمان المخصص لها خفض بمقدار أكثر من النصف ليصل إلى ما يزيد قليلا على 500 دولار. وفي الوقت الحالي تقضي بال، وهي موظفة علاقات عامة داخل العاصمة الهندية وتبلغ من العمر 35 عاما، إجازة وضع. وقالت إنها تشعر بالإهانة لأن الخطاب لم يوضح السبب الذي يقف وراء هذا الإجراء. وأضافت وهي تشعر بالغضب: «ماذا يمكنني أن أفعل بهذا المبلغ البسيط؟ لا قيمة لهذا المبلغ تقريبا. أنا امرأة حامل، ولا أحد يعلم متى قد يحتاج الأمر الذهاب إلى المستشفى».

وتنتمي بال إلى مستخدمي بطاقات الائتمان في الهند، عندما ارتفعت القدرة على الإنفاق وقت ازدهار الاقتصاد من العقد الماضي. وشجعت بطاقات الائتمان الشباب من الطبقة الوسطى على تحدي أقوال مأثورة عن العيش في حدود المستطاع. ولكن في الوقت الحالي وبسبب ضغوط الاقتصاد العالمي المتعثر، خفضت البنوك الهندية من إقراضها، وهو ما أبطأ الاستهلاك الذي يعتمد على بطاقات الائتمان للمرة الأولى. وتقول بال إنه خلال الأعوام العشرة الماضية اشترت حليا وغسالة ونظام ستريو من خلال كرت الائتمان الخاص بها، وتشير إلى أن هذه البطاقة كانت مهمة بالنسبة لها عند السفر خارج البلاد. وتشير إلى أنها تشعر في الوقت الحالي أنها لا تستطيع الإنفاق كما تشاء، وأضافت، وهي تضع الماء في مكيف خاص بها «ليست لدي القدرة على الإنفاق».

وقال سانديب بالا، رئيس شعبة بطاقات الائتمان في الهند بـ«سيتي بنك»، خلال مقابلة أجريت معه أخيرا «هناك ضغوط على قدرة المواطنين على دفع أرصدتهم على بطاقات الائتمان. يقولون: أعطني شهرين إلى ثلاثة أشهر لتحقيق استقرار في مواردي المالية».

ويضيف بالا أن مصرفه صاغ خططا لمساعدة العملاء الذين يعانون من بعض الصعوبات، مشيرا إلى أن الضحايا الرئيسيين للاضطراب المالي العالمي هم أصحاب المشروعات التجارية الصغيرة والشباب الذين يعملون في صناعة التقنية والتعهيد داخل الهند. وقال «نلاحظ تراجعا في الإنفاق، وقد شهد استخدام بطاقات الائتمان في الإنفاق على التجزئة وشراء تذاكر الطيران التراجع الأكبر خلال الأشهر التسعة الماضية. ونلاحظ أيضا تراجعا في الإنفاق على تناول الطعام خارج المنزل».

وتعد الهند من أسرع أسواق بطاقات الائتمان نموا في العالم، ويوجد بها أكثر من 25 مليون مستخدم لبطاقات الائتمان، ولاسيما بين من هم في الخامسة والثلاثين من أعمارهم أو دون ذلك، وهي الشريحة العمرية التي تمثل أكثر من ثلثي سكان الهند، التي يوجد بها نحو 1.1 مليار نسمة. ومن الشائع أن ترى داخل محافظ الجيب العديد من بطاقات الائتمان، بالإضافة إلى بطاقات لخصومات على تناول الغذاء خارج المنزل وامتيازات تقدمها الخطوط الجوية وعضويات أندية. ويقول محللو الصناعة إنه منذ عام 2000، انتشر استخدام بطاقات الائتمان من 10 مدن هندية إلى أكثر من 100 مدينة. ويقول بالا إنه في الفترة من 2006 حتى 2007 نما هذا القطاع بمعدل 30 في المائة، ولكنه شهد انحسارا منذ هذا الوقت. ويضيف «مع التراجع الاقتصادي العالمي، تراجعت معدلات النمو».

ومن الأسباب وراء الحذر المفاجئ هو أن مجلس البطاقات الهندي أورد عجزا عن الدفع على بطاقات الائتمان يصل 20 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) 2008 حتى مارس (آذار) 2009، مقارنة بنسبة 6 في المائة العام السابق.

وقال البنك الاحتياطي الهندي العام الماضي، إن البنوك «تحتاج إلى الحذر في إصدارها لبطاقات الائتمان».

ومنذ وقت ليس بالبعيد، سعت البنوك وراء العملاء بعروض ببطاقات مجانية إضافية ووعود بحد إنفاق أعلى بصورة مستمرة. وفي الوقت الحالي، يشير الهنود إلى أن حدود الائتمان الخاصة بهم يجري تخفيضها بصورة مفاجئة أو يتم إيقاف بطاقاتهم. ويقول الكثيرون إنهم لم يعودوا يستطيعون الحصول على سلفة نقدية على بطاقات الائتمان الخاصة بهم. وقالت بال وهي تتصفح ملفاتها «لا يوجد لدي تاريخ ائتماني سلبي، وقد اشتريت الكثير من الأشياء على مدار الأعوام على هذه البطاقة ولكني لم أتجاوز حدود الإنفاق الخاصة بي، ولم أفوت يوما الدفع»، وتضيف أنها أجرت العديد من المكالمات الغاضبة مع خدمة العملاء بخصوص التخفيض في الحد الأقصى المتاح لها، ولكن دون جدوى. «لدي ثلاث بطاقات ائتمان، وفي الوقت الحالي أخشى أن تقوم البنوك الأخرى بالأمر نفسه».

وتقول بال إنها أعطت أمها أخيرا بطاقة ائتمان إضافية لمساعدتها على الإنفاق دون قلق، وتتساءل «هل سوف يأخذ البنك هذا الكارت من أمي؟» وأظهر تقرير للمعهد القومي للدراسات المتقدمة في بانغالور، وهو مركز تكنولوجيا معلومات في الجنوب، أن الشريحة العمرية من 18 إلى 24 عاما في صناعة التعهيد اعتادوا على استخدام بطاقات الائتمان لشراء أحد التليفونات الجوالة والدراجات البخارية والشاشات البلازما. وتقول إيه أر فاسافي، أستاذ علم الإنسان المجتمعي في المعهد «كانت البنوك تقوم بإغراق الشباب الذين كانوا يعملون في قطاع التعهيد حتى فترة قريبة ببطاقات الائتمان، وكان يحصل البعض من هؤلاء على خمس بطاقات ائتمان بمجرد أن يحصل على عمل. ولكن انتهى ذلك في الوقت الحالي مع اختفاء الائتمان داخل البنوك».

ولكن، تقول فاسافي إن البحث الذي قام به المعهد أظهر أيضا أن شريحة كبيرة من الطبقة الوسطى تستمر في الإنفاق بحذر، وأن الاعتماد على بطاقات الائتمان لا يقترب بأي حال من الأحوال من المعدلات داخل الولايات المتحدة. ويقول أوداي توكارام كوندفيلكار، وهو مسؤول تنفيذي مسؤول عن التسويق بشركة أدوية في مومباي ويبلغ من العمر 33 عاما، إنه يرى أن هذا هو وقت الحذر. وقد تم تخفيض الحد الأقصى الذي تتيحه بطاقة الائتمان الخاص به من 1700 دولار إلى 200 دولار قبل شهرين. ويقول «اعتدت أن أشتري الحلي لزوجتي باستخدام بطاقة الائتمان، وفي الوقت الحالي علي العودة إلى الطرق القديمة للعيش والحد من رغبتي في الشراء. ربما كان آباؤنا على صواب، إذ علمونا عدم الإسراف في الإنفاق».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»