ويتيكر.. الرئيس الجديد لـ«جنرال موتورز» ليست لديه معلومات عن السيارات

158 مليون دولار مكافأة تقاعده من «شركة إيه تي آند تي»

إدوارد ويتيكر
TT

نجح إدوارد إي. ويتيكر، في تحويل شركة «إيه تي آند تي إنك» إلى واحدة من أكبر الشركات العاملة بمجال خدمات الهاتف، على مدار حياته المهنية الممتدة لـ43 عاما. وباعترافه شخصيا، تقلد ويتيكر، رئاسة شركة «جنرال موتورز» في وقت لا يتوافر لديه أي معلومات حول صناعة السيارات. وقال ويتيكر، الذي ينتمي لولاية تكساس، ويبلغ طوله 6 أقدام وأربعة بوصات، ويطلق عليه أصدقاؤه المقربون اسم «إد الكبير» (بيغ إد)، إن قيادة أكبر شركة مصنعة للسيارات على مستوى البلاد بعد إشهار إفلاسها يمثل «خدمة عامة». وأكد القريبون منه، أن بمقدوره إحداث نمط التحول الذي سبق وأن حققه داخل «إيه تي آند تي إنك»، التي تتخذ من دالاس مقرا لها. وفي إطار مقابلة أجرتها معه شبكة «بلومبرغ» الأميركية الإعلامية قال ويتيكر، 67 عاما: «لا أعلم شيئا البتة عن السيارات. لكن العمل التجاري لا يعدو كونه عملا تجاريا، وأعتقد أن باستطاعتي اكتساب المعرفة عن السيارات. لست متقدما في العمر على نحو بالغ، وأعتقد أن مبادئ العمل التجاري واحدة لا تتغير». ويأتي اختيار ويتيكر، لهذا المنصب مخالفا لتقليد اتبعته «جنرال موتورز» على امتداد نصف قرن، حيث كان الشخصان الوحيدان اللذان تقلدا رئاسة الشركة من خارج مسؤوليها التنفيذيين منذ عام 1937 هما كنت كريسا، الذي تولى الرئاسة لفترة مؤقتة، وجون سميل، الذي تقلد رئاسة الشركة بين عامي 1992 و1995. جدير بالذكر أن ويتيكر، سيتولى فعليا رئاسة «جنرال موتورز» بعد خروجها من تحت سلطة الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس، ربما بحلول 31 أغسطس (آب). من ناحية أخرى، أكد البيت الأبيض أن انتقال الرئيس التنفيذي لـ«فورد موتور»، آلان مولالي، من شركة «بوينغ» المصنعة للطائرات، يوضح أن النجاح لا يعتمد على الخبرة بمجال صناعة السيارات. يذكر أن «فورد» هي الشركة الأميركية الوحيدة الكبرى بمجال صناعة السيارات التي نجحت في تجنب الإفلاس. وخلال مؤتمر صحافي، قال روبرت غيبس، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، إن: «الحاجة اقتضت تعيين شخص ذكي، ولديه خبرة بإدارة الشركات التجارية الكبرى، بإمكانه تولي مسؤولية شركة، وتغيير ثقافتها الإدارية، واتخاذ القرارات الصعبة الضرورية لضمان بقائها». من ناحية أخرى، أعرب جيم هول، رئيس شركة «2953 أناليتيكس»، الاستشارية بمجال السيارات، ومقرها برمنغهام بولاية ميتشغان، عن اعتقاده بأن نيل ويتيكر، درجة البكالوريوس في الهندسة الصناعية وخبرته في تحويل «إيه تي آند تي إنك» من كيان موحد إلى شركة متنوعة، جعلا منه «خيارا جيدا» بالنسبة لـ«جنرال موتورز». واستطرد هول، المهندس السابق بـ«جنرال موتورز»، موضحا أن ويتيكر: «كان واحدا ممن ساعدوا في خلق إيه تي آند تي جديدة لم تعد معتمدة بصورة بالغة على خدمات هواتف الخطوط الأرضية. وهناك تشابه بينها وبين «جنرال موتورز». إن «جنرال موتورز لم يعد اهتمامها يقتصر على صناعة السيارات فحسب، وإنما بات يمتد إلى إعادة تخليقها لنفسها كشركة سيارات موائمة للقرن الـ21. ويجب أن يتولى رئاسة الشركة شخص يتفهم الحاجة إلى صياغة «جنرال موتورز» جديدة». من جهته، أشار ويتيكر، إلى أن وزارة الخزانة، التي تدعم إعادة هيكلة «جنرال موتورز» بحوالي 65 مليار دولار، اتصلت به «منذ بضعة أسابيع»، وحثته على إنهاء تقاعده للمساعدة في الإشراف على شركة خسرت ما يقرب من 88 مليار دولار منذ عام 2004. وأضاف ويتيكر، أن هذا الاتصال أعقبته «الكثير من المحادثات» مع ستيفين راتنر، المسؤول بوول ستريت، الذي يتولى قيادة قوة العمل التي شكلها الرئيس باراك أوباما، للتعامل مع صناعة السيارات. وأوضح ويتيكر، أن فحوى رسالة وزارة الخزانة إليه تمثلت في: «أننا بحاجة إلى مساعدتك. إنها شركة عظيمة. وباستطاعتك توفير الكثير من العون إلى جنرال موتورز». إلى جانب كريسا، سيتضمن مجلس إدارة الشركة الجديد، المؤلف من 13 عضوا، خمسة من المجلس السابق ـ الرئيس التنفيذي فريتز هندرسون، والمدراء فيليب إيه. لاسكاوي وكاثرين في. مارينيلو وإيرول بي. ديفيز وإي. نيفيل إسديل. ومن المقرر أن يتقاعد ستة آخرون، بينهم الأربعة الذين تم تعيينهم في التسعينيات. من جهته، طلب راتنر، من الرئيس التنفيذي السابق ريك واجنر، التنازل عن منصبه لصالح هندرسون، وعين كريسا رئيسا مؤقتا في مارس (آذار) بعد رفضه خطة طرحتها «جنرال موتورز». وسيتعين على ويتيكر، التوافق مع مسألة خضوعه لإشراف وزارة الخزانة، باعتبارها أكبر حامل للأسهم فيما يسمى «جنرال موتورز الجديدة»، علاوة على تعرضه لضغوط من جانب الكونغرس. يذكر أن ويتيكر، سبق له مواجهة أعضاء الكونغرس والمستثمرين من قبل. تعرض ويتيكر، عام 2006، أثناء دفاعه عن سياسة خصوصية العملاء في «إيه تي آند تي إنك» في إطار جلسة استماع واجه خلالها ضغطا من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، فيما يتعلق بالتشارك المزعوم في البيانات مع وكالة تجسس، للتوبيخ من رئيس اللجنة المنتخبة المعنية بشؤون الاستخبارات داخل مجلس الشيوخ آنذاك، آرلين سبكتر، لتقديمه «إجابات تنم عن الازدراء». بعد عام، نجحت إدارة «إيه تي آند تي إنك» في التغلب على مقترح تقدم به أحد حاملي الأسهم للاضطلاع بدور استشاري فيما يخص أجور كبار المسؤولين التنفيذيين، وقد حصل المقترح على 44 في المائة من الأصوات. خلال الاجتماع، أعلن ويتيكر، تقاعده وحصل على مكافأة مالية قدرت بـ158.5 مليون دولار، طبقا لـ«المكتبة التجارية» في بورتلاند بولاية مين. يذكر أن مدراء «جنرال موتورز» يعملون حاليا مقابل مليون دولار سنويا. وتنوي الشركة الكشف عن شروط المكافآت المالية لأعضاء مجلس إدارتها لدى إعلانها أسماء بقية الأعضاء، حسبما أعلنت جولي غيبسون، المتحدثة الرسمية باسم الشركة. من جانبه، توقع جيمس كاهان، 61 عاما، المسؤول التنفيذي السابق في «إيه تي آند تي»، الذي عمل مع ويتيكر، طيلة 20 عاما، وتحدث إليه حول تقلده المنصب الجديد في الليلة السابقة لإعلان النبأ، أن يشارك رئيسه السابق بصورة كبيرة في عملية إعادة هيكلة «جنرال موتورز». وأكد كاهان أن ويتيكر: «ليس الشخص الذي يجلس دون عمل». تجدر الإشارة إلى أنه في أعقاب تخرجه في جامعة تكساس التقنية في لوبوك عام 1964، انضم ويتيكر إلى وحدة «ساوث ويسترن بيل» التابعة لـ«إيه تي آند تي». وشق ويتيكر، طريقه في الشركة حتى بلغ منصب الرئيس التنفيذي عام 1990 واشترى شركة «باسيفيك تيليسس غروب» في كاليفورنيا مقابل 16 مليار دولار عام 1997. وكانت تلك أول شركة من بين إجمالي ثمانية شركات هواتف محلية، أنشئت عام 1984 بعدما وافقت «إيه تي آند تي كورب» آنذاك على التنازل عن نشاطاتها المحلية بمجال الهاتف، وشرعت في موجة عمليات شراء وصل إجمالي قيمتها حوالي 200 مليار دولار، وساعدت في خلق أكبر شركة للهاتف داخل الولايات المتحدة. في هذا السياق، أوضح جيم إليس، 66 عاما، المستشار العام السابق لدى «إيه تي آند تي»، الذي عمل مع ويتيكر، على امتداد حوالي 30 عاما، أن ويتيكر: «بدأ عملية دمج صناعة الاتصالات عن بعد برمتها لإدراكه أن الحجم مهم. كانت لديه رؤية لبناء الشركة، وزيادة مبيعاتها وحجمها وكفاءتها». وقامت شركة «إس بي سي»، أصغر الوحدات المحلية، بتغيير اسمها إلى «إيه تي آند تي إنك». وبعد شرائها «إيه تي آند تي كورب» عام 2005 مقابل 16.5 مليار دولار، وعام 2006 حققت الشركة أول ربح سنوي لها على سعر السهم في غضون ثمانية سنوات. وبعد عام من تقاعد ويتيكر، انتقلت «إيه تي آند تي» إلى دالاس، بالقرب من بلدته الأصلية إينيس، بدلا من سان أنتونيو. من ناحية أخرى، شدد مايكل روبينيت، المحلل المعني بشؤون السيارات لدى شركة «سي إس إم وورلدوايد إنك» في نورثفيل بميتشغان، على أن القدرة على إدارة «مؤسسة عالمية» وإقرار خطوط مسؤولية واضحة يشكل أهمية محورية بالنسبة لمستقبل «جنرال موتورز». وقال: «دعونا نواجه الأمر، ليس من الضروري أن يكون الرئيس متخصصا. إن عمل الرئيس يتركز حول ضمان الالتزام بإستراتيجية معينة». يذكر أن «جنرال موتورز» تقترح بيع أصولها الأفضل من أجل إنشاء شركة جديدة حول العلامات التجارية «شيفروليه» و«كاديلاك» و«جي إم سي» و«بويك» في غضون 90 يوما. أما الأصول المتبقية فسيتم تصفيتها في إطار الإفلاس للمساعدة في سداد الديون إلى الدائنين. وأكد كل من كاهان وإليس، المسؤولين التنفيذيين السابقين في «إيه تي آند تي»، أن ويتيكر، المقيم في سان أنتونيو، وهي مدينة تقع في جنوب تكساس، ويبلغ عدد سكانها 1.2 مليون نسمة، سيقر طابعا ثقافيا وجغرافيا مختلفا داخل «جنرال موتورز». تجدر الإشارة إلى أن ديترويت، تقع على بعد 1.237 ميل إلى الشمال الشرقي. وبينما يقع مصنع التجميع الوحيد التابع «لجنرال موتورز» في تكساس بمدينة آرلنغتون، على بعد خمس ساعات بالسيارة، تضم سان أنتونيو مصنعا لشركة «تويوتا موتور كورب»، التي قضت عام 2008 على المكانة التي استحوذت عليها «جنرال موتورز» طيلة 77 عاما، كأكبر شركة مصنعة للسيارات في العالم، وباتت تتفوق حاليا على «جنرال موتورز» في إقرار طرز جديدة، مثل السيارات العاملة بالوقود المختلط.