مشروع كابل الجديدة بتكلفة 36 مليار دولار

خبراء الإسكان يفضلون تحسين البنية التحية في العاصمة الأفغانية

العاصمة الأفغانية كابل: مدينة جديدة أم تجديد البنية الأساسية؟ (رويترز)
TT

مع حلول الظلام يصعد أفغان يعانون من أزمة الإسكان في كابل سفوح تلال منحدرة تحتضن العاصمة مستغلين جنح الظلام لإقامة منازل غير مرخص بها من الطين والحجر.

ويعيش بالمدينة التي بُنيت لتتسع لبضع مئات الآلاف من الأشخاص الآن ما يقدر بأكثر من أربعة ملايين نسمة كثير منهم مكدسون في خيام أو أكواخ مما يعقد جهود أحياء البلاد التي تعاني من صراع ومساعدة النازحين العائدين على إعادة بناء حياتهم. وربما بدت المخاوف من التفجيرات وحوادث الخطف التي يواجهها الأجانب في كابل غير ذات صلة للكثيرين الذين يناضلون لتسيير أمور حياتهم في واحدة من أفقر دول العالم.

ويتسنى لأقل من نصف سكان المدينة الحصول على المياه الجارية والطاقة الكهربائية أو أي نوع من أنظمة الصرف الصحي. ويعني البناء المترامي الأطراف العشوائي للمنازل قليلة الارتفاع أن معظم السكان يضطرون إلى التنقل على طرق طينية مزدحمة مستخدمين شبكة نقل تنهار إذا هطلت أمطار غزيرة.

وقال ليكس كاسينبرغ مدير جماعة «كير» للإغاثة بأفغانستان: «هناك حاجة كبيرة إلى المأوى. فضلا عن تدفق الأفغان الذين كانوا يعيشون على الجانب الآخر من الحدود فإن انعدام الأمن المتزايد في البلاد بوجه عام يدفع الناس نحو المناطق الحضرية».

ويرجع الكثير من المشكلات إلى الازدحام حيث يتكدس نازحون عائدون بعد عقود من الحرب الأهلية أو يسعون إلى الهروب من الفقر والعنف في ريف أفغانستان في العاصمة.

وتقول فيريشتي شمس الدين، وهي عاملة نظافة عادت بعد أن عاشت سنوات لاجئة في إيران وباكستان وتنفق حاليا نصف راتبها تقريبا في إيجار قيمته 100 دولار شهريا: «حين جئت إلى هنا للمرة الأولى كان من الصعب جدا العثور على منزل. استغرق هذا ثمانية أشهر».

وتغص المدينة بالسكان بالفعل. ويقول محمود سايكال وهو مهندس معماري أفغاني ودبلوماسي إنها ربما يعيش بها نحو ثمانية ملايين نسمة بحلول عام 2025. ويعمل سايكال على حل طموح لمشكلات العاصمة وهو إنشاء مدينة جديدة بالكامل.

وصرح للصحافيين مؤخرا: «كابل الآن في أقصى حدود طاقتها. نقص المياه والتدهور في البيئة والمواصلات كلها تنبع من معدل نمو السكان المرتفع وقد بدأت في تقويض الحياة». وأضاف: «الآلاف يعيشون في خيام على مشارف المدينة وما بين 60 و70 في المائة من المناطق المبنية غير مرخص بها».

ويأمل سايكال في تحويل ده سابز أو «/القرية الخضراء» وهي مجموعة من القرى الهادئة على بعد نحو 20 كيلومترا إلى الشمال من المدينة إلى حل عالي التقنية لهذه المشكلات. ويعتزم كشف النقاب عن المخطط الرئيسي لكابل الجديدة بحلول نهاية الصيف.

وستقام بمنطقة هي الآن سهل ترابي ريفي يهزه أزيز طائرات الهليكوبتر من طراز «بلاك هوك» التي تمر فوقه وتنتشر به المقابر التي هي تذكرة مؤسفة بموجات الحرب التي شرذمت أفغانستان ووحدتها على مدار ثلاثة عقود.

ويجعل العنف والفساد المتزايد من ضخ مليارات الدولارات لإنشاء مدينة جديدة مجازفة.

ويرى خبراء في التنمية والإسكان أن من الأفضل إنفاق ميزانية المشروع التي تقدر بنحو 36 مليار دولار على تحسين البنية التحتية وخيارات الإسكان في المدينة القائمة بالفعل.

وكتب البنك الدولي في تقرير عام 2006 عن كيفية التعامل مع الزيادة السريعة في سكان المدينة: «لا ينصح بإنشاء بلدة جديدة في الوقت الحالي».

«من الصعوبة بمكان تبرير توجيه استثمارات رأسمالية في مناطق جديدة بينما لا يستطيع 80 في المائة من السكان المستقرين في كابل الحصول على البنية التحتية بشكل كاف».

وقال متحدث إن البنك الدولي ما زال يتمسك بهذا التقرير لكنه أحجم عن التعقيب مباشرة على مشروع كابل الجديدة.

ويعني المشروع أيضا ثورات كبيرة للمزارعين الذين يعيشون في ده سابز الآن.

وهم متحمسون للمدارس ووسائل النقل والرعاية الصحية التي حصلوا على وعود بأن توفرها لهم المدينة الجديدة.

لكنهم منغمسون في التراث الريفي والفقر وبالتالي هم غير مستعدين للتغييرات التي ستجلبها الحياة الحضرية.

ويقول حاجي مير أفضل رئيس مجلس الشورى وهو مجلس محلي يمثل سكان المنطقة البالغ عددهم 70 ألف نسمة: «لدينا الكثير من القبور والناس قريبون جدا من الله. نريد الحفاظ على هذه القيم وهذه القبور». وتشمل الخطط الطموحة أنبوبا ضخما يضخ المياه من نهر على بعد عشرات الكيلومترات ومشاريع زراعية عالية التقنية وفي نهاية المطاف منازل تتسع لما يصل إلى ثلاثة ملايين شخص هم في أمسّ الحاجة إليها. ولم يتم بناء مشاريع إسكان عامة في كابل قط تقريبا منذ مشروع «ماكرورايان» لبناء شقق سكنية بعمارات قام ببنائها الاتحاد السوفياتي السابق في الثمانينات.