دعوة لتثقيف المستهلك لتأمين مستقبله وحماية الاقتصاد

مؤتمر دولي في أحد أفقر أحياء واشنطن لمكافحة الأمية المالية

TT

بعد عقد مؤتمرات دولية عدة حول إصلاح النظام المصرفي العالمي عقب الأزمة الاقتصادية العالمية التي هزت العالم، من منتدى دافوس في سويسرا في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى قمة العشرين في أبريل (نيسان) في لندن، شهدت واشنطن مؤتمرا دوليا بطابع مختلف أمس، وهو مؤتمر حول مكافحة الأمية الاقتصادية من خلال تثقيف المستهلك وجعله يفهم حقوقه ومسؤولياته. وتزامن المؤتمر مع إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما خططه لتنظيم ومراقبة النظام المصرفي المتعلق بالبطاقات الائتمانية، وعُرض خطابه مباشرة في أثناء المؤتمر الذي شهد جلسات مختلفة حول التعليم المالي ومكافحة الأمية المالية.

وألقى رئيس مجلس الاحتياط الأميركي بين برنانكي الكلمة الرئيسية الصباحية في المؤتمر الذي حضره 900 مندوب من 40 دولة، مشددا على أهمية حماية «المؤسسات المالية لتنمية المجتمعات». وقال برنانكي: «نحن نؤكد التزامنا بتكثيف التعليم المالي كطريقة لتحسين الفرص الاقتصادية، كما أن علينا الاعتراف بدور المؤسسات المالية لتنمية المجتمعات، أبعد من فقد تزويد المعلومات والمشورة للأفراد والعائلات»، موضحا: «تلك المؤسسات تساعد أيضا في تسهيل النمو الاقتصادية والتنمية من خلال خدمات واسعة وتمويل المجتمعات ذات الدخل المحدود». ونبه برنانكي من مخاطر تراجع الدخل لتلك المؤسسات بسبب الأزمة الاقتصادية قائلا: «ثلثا المؤسسات التي تقدم المساعدات لجهات خيرية واجتماعية قالت إنها ستقلص عطاءها خلال العام الحالي». وأضاف: «بينما نشعر بآثار الأزمة الاقتصادية والتراجع الاقتصادي، هناك تركيز متزايد على أهمية الحفاظ على التقدم المشهود في المجتمعات ذات الدخل المحدود خلال العقود الماضية، وذلك يستدعي المحافظة على المؤسسات التي قامت بالدور المهم»، مشيرا إلى المؤسسات الاجتماعية التي تركز على مساعدة المحتاجين وتمكينهم على السيطرة على أوضاعهم المالية. ونظم المؤتمر جون هوب براينت، الذي يعمل نائب رئيس «مجلس الرئيس الأميركي الاستشاري حول القراءة المالية»، وهي لجنة استشارية للرئيس الأميركي باراك أوباما، بالإضافة إلى ترؤّسه مؤسسة «عملية الأمل»، أول مؤسسة أميركية غير ربحية تعمل في الاستثمار الاجتماعي في 68 مدينة أميركية وجنوب إفريقية. ولفت براينت إلى أن موقع المؤتمر، الذي عُقد في مبنى «آرك»، اختير لأنه «موقع جيد» بالإضافة إلى أهمية تسليط الضوء على منطقة أناكوستيا في جنوب شرق واشنطن التي تعاني من الدخل المحدود ولا تجلب الانتباه الوطني والدولي المطلوب، لكنها في الوقت نفسه استطاعت أن تحرز تقدما ملحوظا من خلال مشاريع مثل «آرك» التي أصبحت مركزا ثقافية وتثقيفيا رئيسيا لتسلية الشباب وتثقيفهم. وتم اختيار الموقع تحديدا لتوسيع تأثير التعليم المالي للمناطق ذات الدخل المحدود. وسلطت الأضواء على أهمية المستهلك وتثقيفه، وقال براينت: «الخوف هو قاتل الازدهار، وحاليا المستهلكون هنا وحول العالم يشعرون بالخوف. تحت الخوف وفقدان الثقة، هناك مستويات هائلة من الأمية المالية». وأشار إلى أن 40 مليون أميركي، أكثر من 10 في المائة من شعب أغنى دولة في العالم، ليس لديهم حسابات مصرفية ولا يستخدمون المصارف، موضحا أن ذلك «يؤثر على حقوقهم المدنية في الانخراط في المجتمع العام».

وتحدثت رئيسة «مؤسسة التأمين الفدرالي» شيلا بير في المؤتمر عن أهمية تثقيف المستهلك قائلة: «علينا تثقيف المستهلك لجعل أمواله تعمل لصالحه. السبب الأساسي للأزمة هو عدم معرفة المستهلكين تداعيات القروض التي أخذوها على عاتقهم أو أنهم قبلوا قروضا أكبر من قدراتهم المالية». وأضافت: «تثقيف المستهلك هو خط الدفاع الأولي لنا» لمنع أزمة اقتصادية جديدة، موضحة: «من الضروري أن يفهم كل الناس وفي جميع الفئات العمرية الأسس المالية». وبعث الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون رسالة إلى المؤتمر قال فيها: «التعليم المالي قضية قريبة من قلبي، تمكين المجتمعات كان عنصرا أساسيا في إدارتي»، مضيفا: «أرحب بجهود المؤتمر لجعل القضية مهمة من الناحية العملية ولصالح الشركات والأعمال». وتردد خلال المؤتمر أهمية جعل مكافحة الأمية عاملا أساسيا من الناحية العملية، وكذلك مساندة الشركات للقضية. ووقّعت «مؤسسة الأمل» مذكرة تفاهم مع «دائرة الخدمات المالية الأميركية» من أجل تنشيط التعليم المالي في الولايات المتحدة. وبموجب الاتفاق، ستقدم الدائرة، التي تمثل أكبر 100 شركة مالية في الولايات المتحدة و60 في المائة من القروض في البلاد، الدعم لمكافحة الأمية من خلال مساعدة المدارس على تدريس الطلاب في المدارس على فهم المال. وأكد ممثل الدائرة ستيفن بارتلت «الالتزام الكامل لمكافحة الأمية ومنع تكرار أخطاء الماضي». وتشمل الاتفاقية 10 نقاط، من بينها تقديم الدعم والمعلومات للمستهلكين قبل قبول القروض الفردية بالإضافة إلى تثقيف الطلاب حول أهمية التوفير من عمر مبكر.