الملياردير ستانفورد متهم بالاحتيال بـ7 مليارات دولار.. والتحايل على 30 ألف مستثمر

قد يواجه حكم السجن لـ250 عاما في حال إدانته بكل التهم

TT

قدمت لجنة البورصات والأوراق المالية الأميركية في يونيو (حزيران) عام 2005، طلبا سريا إلى ليروي كينغ، المنظم المصرفي الرئيسي في دولة أنتيغوا، التي تقع في البحر الكاريبي، تطلب المساعدة في معرفة ما إذا كان بنك ستانفورد الدولي، الذي يتخذ من أنتيغوا مقرا له، متورطا في عملية احتيال كبرى على مستثمريه. ولكن، لم تكن تعرف اللجنة أن شخصا آخر سبقها إلى كينغ، حيث كان ألن ستانفورد، وهو ملياردير من تكساس ساعده البنك التابع على أن يكون شخصية ذات نفوذ في الدولة الكاريبية، بدأ بالفعل إعطاء راتب لكينغ، تجاوزت قيمته في النهاية 100 ألف دولار، مقابل مساعدته في تفادي رقابة لجنة البورصات والأوراق المالية. وقد أدرجت هذه الاتهامات في لائحة اتهام كشفت وزارة العدل عنها أول أمس، وتتضمن اتهامات لستانفورد بالضلوع في عملية احتيال تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات، بمساعدة مساعدين بارزين في البنك، علاوة على المنظم الذي يفترض أن يفحص العمليات التي يقوم بها ستانفورد. ويقول لاني بريوير، مساعد المحامي العام من الشعبة الجنائية باللجنة: «لا يمكن لشيء أن يمضي إلى الجوهر ويهاجم لب عملية الرقابة وتنفيذ القانون مثل أن يحصل منظمون على رشى كي لا يقوموا بما يكلفون بالقيام به».

وتشير وزارة العدل إلى أنه في الوقت الذي كان فيه السيد ستانفورد، يتحايل على نحو 30 ألف مستثمر في 7 مليارات دولار، كان يدفع لكينغ آلاف الدولارات بصورة شهرية، كي يقوم بعمليات تدقيق وهمية تهدف طمأنة مستثمري البنك والمنظمين الأميركيين بأن عمليات التمويل سليمة. ويتهم كينغ، الذي لم يوقف عن مهام وظيفته كمسؤول تنفيذي، رئيس لجنة تنظيم الخدمات المالية في أنتيغوا، بعرض استفسارات لجنة البورصات والأوراق المالية على ستانفورد حتى يتسنى لستانفورد ومساعديه تجهيز الردود، التي أعادها كينغ إلى لجنة البورصات والأوراق المالية، في ورقة تحمل اسم وشعار منظمي القطاع المصرفي في أنتيغوا. وقال روبرت خوزامي، مدير التنفيذ بلجنة البورصات والأوراق المالية، في تصريح: «بدلا من شراء الاستثمارات الآمنة والسليمة، التي وعد عملاءه بها، اشترى ستانفورد مراقب الأوراق المالية الرئيس في أنتيغوا. «في الوقت الذي كان يدير ستانفورد خطة الاحتيال الكبيرة هذه، كان يدفع للمنظم كي يتجسس ويقدم معلومات عن تحقيقات لجنة البورصات والأوراق المالية».

وكانت هذه التهمة من بين العديد من التهم الأخرى تناولت بالتفصيل كيف تمكن ستانفورد وزملاؤه من المبالغة في نمو الأصول في التقارير، لتصل إلى 8.5 مليار دولار خلال ديسمبر (كانون الأول) 2008 مقابل 1.2 مليار دولار في 2001. وحسب لائحة الاتهام، فإن نحو 5 مليارات دولار من هذه الأموال كانت في الواقع عبارة عن مخاطر مبالغ فيها في العقارات، وسندات على قروض للسير ألين ستانفورد. كما حول البنك أكثر من 1.6 مليار دولار في صورة قروض شخصية غير مكشوف عنها لستانفورد، حسب ما تفيد به لائحة التهم، وشارك في عملية احتيال بريدية وتآمر لاعتراض سبيل تحقيقات لجنة البورصات والأوراق المالية. وممن ذكرت أسماؤهم في لائحة الاتهام، لورا بندرجست هولت، مسؤولة الاستثمار الرئيسية في مجموعة ستانفورد المالية، وصدرت بشأنها اتهامات في القضية، ومسؤول المحاسبة الرئيس غيلبرتو لوبز، ومستشار المجموعة مارك كورت. وأعلنت بندرجست براءتها. ولم تصدر اتهامات ضد المسؤول المالي الرئيس جيمس ديفيس، ولكن أشارت لائحة الاتهام إلى تورطه في العديد من المخالفات. وكان هذا الإجراء متوقعا منذ أن أصدرت لجنة البورصات والأوراق المالية شكاوى ضد ستانفورد ومسؤولين بارزين آخرين، خلال فبراير (شباط)، وأغلقت عمليات هيوستن. يذكر أن ستانفورد شق طريقه من المناطق الريفية في تكساس لبناء ثروة شخصية تبلغ أكثر من ملياري دولار، وجعلته نفقاته الباهظة في أنتيغوا شخصية لها نفوذها لدى السياسيين البارزين بالجزيرة والمنظمين من أمثال كينغ. وقد يواجه ستانفورد السجن لمدة 250 عاما في حال إدانته بكافة التهم. وقال ديك ديغورين، محامي ستانفورد، في تصريح له إن موكله «واثق في أن هيئة المحلفين النزيهة لن تجد أنه مدان في أي تصرفات جنائية خاطئة».

ولم يتسن الاتصال بكينغ، الذي لديه جواز سفر أميركي وآخر صادر من أنتيغوا، للحصول على تعليق. ولكن خلال مقابلة أجريت في فبراير (شباط) قبل مداهمة السلطات الفيدرالية لمكاتب ستانفورد في هيوستن، قال كينغ: «أنا متأكد من أن النظام المصرفي التابع لي نظيف».

وقال، بريوير، مساعد المحامي العام، إنه يعتقد أن كينغ ما زال في أنتيغوا وأنه يمكن أن يرحل إلى الولايات المتحدة. وأضاف أن وزارة العدل تعمل عن قرب مع السلطات بأنتيغوا، التي قال إنها متعاونة للغاية. وتم توقيف ستانفورد يوم الخميس، عندما ألقى القبض عليه العملاء الفيدراليون في منزل صديقته بفيرجينيا. وقضى الليل في الحبس، وظهر أمام محكمة فيدرالية يوم الجمعة. وقد عين حارس قضائي عندما اتخذت لجنة البورصات والأوراق المالية أول الإجراءات ضد ستانفورد، ووجد الحارس حتى الآن أقل من ملياري دولار في صورة أصول يمكن استعادتها ذات صلة بعملية الاحتيال. وقال مسؤول فيدرالي عن تطبيق القانون، غير مخول بإدلاء بالحديث علنا عن القضية، إن المحققين غير قادرين على تعقب مليارات أخرى من الدورات مفقودة لأن كمية كبيرة ضاعت في عدد من الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر، بالإضافة لرعاية بطولات كريكت وطائرات ويخوت وغيرها من التجهيزات لستانفورد. ويحتمل أن يكون هناك مقدار أكبر من الأسرار مخبأ في الحسابات المصرفية. وأضاف أنه كان من الصعب اكتشاف مكان الكثير من المودعين الكبار، ويعتقد أن البعض، منهم أميركيون لاتينيون، كانوا يخبئون الأموال تجنبا لدفع الضرائب في بلادهم. وقال تيم جونسون، المحامي الأميركي للمقاطعة الجنوبية بتكساس، إن السلطات «يحتمل أن تكون غير قادرة على استعادة جميع الأموال التي فقدها ضحايا هذه المخالفات».

وفي مقابلة أجريت معه عبر الهاتف، قال المحامي العام بدولة أنتيغوا وباربودا، جوستين سيمون، إنه سوف ينظر في أي طلب أميركي لتسليم كينغ، الذي يقضي إجازة منذ مارس (آذار). وقال سيمون إن الحكومة في أنتيغوا تجري تحقيقا مستقلا مع المسؤول. وأضاف: «يقلقني هذا الأمر كثيرا لأنه ينعكس بالسلب على اللجنة»، في إشارة إلى لجنة تنظيم الخدمات المالية. ولكنه قال: «أعتقد أنه لا شكوك لدي» في أن كينغ «أخفى أشياء» عن مجلس إدارة اللجنة «وأنه له علاقة شخصية مع ستانفورد». وقال إنها ستكون احتمالية استثنائية أن يتم مقاضاة كينغ في أنتيغوا. وقال مسؤولون في لجنة البورصات والأوراق المالية إنه على الرغم من أنه يتم توجيه اتهامات للأجانب، فإنه من النادر وربما يكون أمرا غير مسبوق أن وجهت اتهامات لمنظم مالي أجنبي للمشاركة في عملية احتيال. وقال إن يصبح كينغ المنظم المصرفي الرئيس في أنتيغوا، عمل لمدة 25 عاما كمصرفي في الولايات المتحدة، حسب ما أفاد به إعلان عندما عين في اللجنة التنظيمية بأنتيغوا. وبدأ عمله في بنك ويستشستر الوطني في نيو روتشيل بنيويورك، وشغل منصب نائب رئيس بنك أوف أميركا. وتظهر لائحة اتهام وزارة العدل أنه من 2005 حتى مطلع 2009، وضع كينغ أكثر من 20 وديعة تتراوح بين 2.000 دولار إلى 9.700 دولار، بصورة منتظمة داخل حسابات بثمانية بنوك مختلفة على امتداد الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وبعد تسجيل أولى الودائع بلائحة الاتهام في 2005، قال كينغ للجنة البورصات والأوراق المالية، إنه إذا كان ستانفورد يقوم بعملية احتيال، لكانت عمليات الفحص التي تقوم به هيئته قد رصدتها، على الرغم من أنه يعلم أنه أصدر تعليمات لهيئته بعدم فحص عمليات بنك ستانفورد الدولي ومصادر تمويله، حسب ما تشير إليه لائحة الاتهام. وتبدلت الأحوال سريعا حتى فبراير (شباط) من العام الحالي، عندما أعلنت لجنة البورصات والأوراق المالية أنها تتعقب ستانفورد. وبدأ كينغ في تحويل كميات كبرى من الأموال من حساب في بنك بنيويورك إلى حساب في بنك داخل أنتيغوا. وتقول لائحة الاتهام إلى أنه في 23 فبراير (شباط) حول كينغ 150 ألف دولار إلى أنتيغوا. وبعد يومين، اتصلت لجنة البورصات والأوراق المالية بكينغ لطلب مساعدته لكشف حجم ونطاق عملية الاحتيال في بنك ستانفورد الدولي. وفي الثاني من مارس (آذار)، نقل كينغ 410 آلاف دولار أخرى من حساب بمصرف داخل نيويورك إلى أنتيغوا. وبعد ذلك بيوم، أرسل خطابا إلى لجنة البورصات والأوراق المالية برد قال فيه عن هيئته «لا سلطة لديها للتصرف بالطريقة المطلوبة وأنها سوف تنتهك القانون إذا لبت طلبكم».

*خدمة نيويورك تايمز