بحر الشمال: احتمال انخفاض الاستثمارات 50% مما يهدد بانقطاع الإنتاج

25 مليار برميل تقديرات الاحتياطي النفطي البريطاني

تراجع الإنتاج البريطاني بنسبة 38 في المائة (أ.ف.ب)
TT

تتلبد الغيوم في سماء الاستثمارات في بحر الشمال، ورغم الزيادة الأخيرة في أسعار النفط فإن الاستثمارات في هذه المنطقة يمكن أن تنخفض للنصف بحلول 2010، مما يهدد بانقطاع الإنتاج في هذا الحوض، الذي يشهد ارتفاعا كبيرا للتكلفة ونضوبا سريعا في حقوله.

ويلزم ممثلو الصناعة النفطية الذين تمت دعوتهم إلى اجتماع الفيدرالية النفطية «يو كي اند غاز يو كي» الحذر، رغم الارتفاع الكبير في الأسعار. وكان سعر خام بحر الشمال «برنت» هوى إلى 36 دولارا للبرميل في ديسمبر (كانون الأول) 2008، ويبلغ سعره حاليا 70 دولارا أي الضعف تقريبا.

وقال برنارد لوني، رئيس أنشطة بحر الشمال لدى شركة النفط العملاقة البريطانية «بي بي» إن «توقع المستقبل ليس بالأمر السهل في الظرف الحالي. وأظهرت دوريتنا السنوية (نشرت الأسبوع الماضي) أن الإنتاج البريطاني تراجع بنسبة 38 في المائة بين 2000 و2008».

وأضاف، «ان الزيادة الخادعة برأيي، في أسعار النفط، تحجب حقيقة نتحدث عنها بشكل أقل، مفادها أن أسعار الغاز تواصل التراجع. ومع الأخذ في الاعتبار أن بحر الشمال ينتج 50 في المائة من الغاز، فإن معدل سعر برميل بحر الشمال يتجمد عند حوالي 40 دولارا في ما يوازيه من النفط».

وبحسب آخر أرقام «اويل اند غاز» فإن الاستثمارات في المحروقات في هذه المنطقة مهددة بالتراجع إلى النصف، ويمكن أن تنخفض من خمسة مليارات جنيه إسترليني في 2008 إلى 2.5 مليار جنيه في أسوأ الحالات في 2010.

غير أن مالكوم ويب، المدير العام لـ«اويل اند غاز» ذكر لوكالة الصحافة الفرنسية، «إذا بقيت أسعار النفط عند مستواها الحالي، وارتفعت أسعار الغاز فإنه قد يكون لذلك تأثير».

وأشار بوب كايلر، رئيس شركة «بي اس ان» وهي مزود خدمات يوظف ثمانية آلاف شخص، أن ارتفاع الأسعار «حديث جدا بحيث لن يؤثر على القرارات بعيدة الأمد»، خاصة مع التذبذب الكبير في الأسعار في 2008 (مرت من 147 دولارا إلى أقل من 40 دولارا في غضون ستة أشهر)، الذي «قوض ثقة» المستثمرين الذين يعانون من عدم التمكن من البناء على أسعار موثوق منها.

وفي مؤشر على صعوبة الوضع أرجأت الحكومة البريطانية إلى أجل غير مسمى، طلب استدراج العروض رقم 26 للمناطق النفطية، الذي كان مقررا الشتاء المقبل.

ولم يكن مستغربا أن تجمد الشركات النفطية مشروعات تتطلب استثمارات كبيرة، حيث إن تراجع أسعار النفط أدى إلى انهيار قيمة الموجودات (المخزونات النفطية)، التي تقدم ضمانة للبنوك من قبل المستثمرين الذين تعوزهم التمويلات. ولم يكن ممكنا الاستنجاد بأسواق المال التي تعاني هي الأخرى من أزمة كبيرة.

ومع سعر برميل في حدود 40 دولارا فإن استمرار الكثير من المشروعات لم يعد مضمونا، علما وأن التكلفة في بحر الشمال شهدت تضخما كبيرا في السنوات الأخيرة.

وقال اليكس كامب، أستاذ الاقتصاد في جامعة ابردين، «بين 2004 و2008 تضاعفت تقريبا تكلفة العمليات» في بحر الشمال.

ومع أن بحر الشمال لم يعد بالتأكيد ذلك الموقع المميز مثلما كان في سبعينات القرن الماضي، فإنه لا يزال يحوي 25 مليار برميل، وهي كمية لا يستهان بها بالنسبة لأمن الطاقة في بريطانيا. وبسبب غياب الاستثمارات فإن هذه الموارد الموزعة على عدد لا يحصى من الحقول الصغيرة، يمكن أن تبقى مطمورة للأبد لأنه قد يتم تفكيك خطوط الأنابيب التي يتدنى استخدامها.

ويضاف تراجع الاستثمارات إلى الصعوبات التي تعاني منها هذه الصناعة القائمة في ظروف مناخية وتقنية بالغة الصعوبة، مثل ما بينه الحادث المأساوي لمروحية تابعة لشركة «بي بي» كان أودى بحياة 16 شخصا في الأول من أبريل (نيسان) الماضي. كما تعاني هذه الصناعة من تدهور طبيعي للحقول بنسبة 10 في المائة سنويا.