البحرين ستصدر صكوكا سيادية بالدينار البحريني بقيمة 200 مليون دينار

المعراج: لم تطرح أي أسماء مقترحة للعملة الخليجية ولا وحداتها

رشيد المعراج رئيس المصرف المركزي البحريني («الشرق الأوسط»)
TT

في مارس (آذار) الماضي، التقت «الشرق الأوسط» بمحافظ المصرف المركزي البحريني رشيد المعراج، وحينها لم يكن متفائلا بإطلاق العملة الموحدة الخليجية في موعدها المقرر، وهو مطلع عام 2010، وعندما قابلته هذه المرة، في مكتبه في العاصمة البحرينية المنامة أمس، لم يتوقع موعدا محددا لإطلاق العملة الخليجية، لكنه بدا أكثر تفاؤلا من السابق، فهو يرى أن توقيع الاتفاقية من قبل الدول الخليجية الأربع (السعودية، والبحرين، والكويت، وقطر)، خطوة هامة نحو إصدار العملة، بل إنه يرى أن إنشاء المجلس النقدي، سيسرع وتيرة العمل بشكل أسرع من السابق.

المحافظ البحريني نفى أن تكون بلاده تقدمت بمرشحها لمنصب محافظ المصرف المركزي الخليجي، مؤكدا أن هذا الأمر «سابق لأوانه»، كما نفى ما تردد عن أسماء مرشحة للعملة الخليجية المقبلة، حيث أكد أنه لم يتم التطرق إلى اسم العملة مسبقا. رشيد المعراج عرج على قضية تعثر مجموعتي «سعد»، و«القصيبي» السعوديتين، عبر مصرف «أوال»، والمؤسسة المصرفية العالمية، اللتين تعتبران فرعين للمجموعتين في البحرين، حيث قال إن الاختلالات (المخالفات) في المؤسستين الماليتين لم تظهر إلا في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي، وإن المصرف المركزي سارع بوضع قيود، وليس بتجميد أموال المؤسستين، وعدم السماح لهما بتحويل الأموال، إلا تحت إشراف المصرف المركزي.

* تلقيتم إقبالا كبيرا على الصكوك السيادية التي أصدرتموها مؤخرا بقيمة 500 مليون دولار.. هل لديكم خطة للاستفادة من هذا الطلب ومن السيولة المتاحة في تعزيز خطوة الإصدارات هذه؟

- حسب الخطة الأولية لإصدار الصكوك، فإن الخطة تقتضي أن نصدر صكوكا بالدولار الأميركي، على أن نصدر فيما بعد صكوكا بالدينار البحريني، وذلك لتغطية العجز في الميزانية العامة للدولة، والآن سنرى بحسب الاحتياجات التي أمامنا، وسنختار التوقيت المناسب للإصدار بالدينار، وحتى الآن لم نحدد قيمة الإصدار بالدينار، فقد كنا مشغولين بالإصدار الأول.

* وهل كانت تغطية عجز الميزانية هي الهدف الوحيد من هذا الإصدار بالدولار؟

- كان لدينا هدفان هامان في هذه الإصدارات: أولا تغطية عجز الميزانية، لكن اهتمامنا بالدرجة الأولى كان في إصدار الصكوك، وذلك من أجل تعزيز الصيرفة الإسلامية في البحرين، وكذلك لتوفير أدوات مالية مناسبة للمستثمرين والمؤسسات المالية، من أجل إيجاد هذه الأدوات الخاصة بهم، خاصة أنه مرت فترة طويلة، أي ما يقارب السنة، ولم يتم رصد أي إصدار سيادي من قبل دولة في العالم. لذلك، رأينا من المهم أن تكون هناك أدوات مثل هذه تتوافق مع الشريعة الإسلامية.

* وماذا عن الشريحة الثانية من هذه الإصدارات التي ستكون بالعملة المحلية (الدينار البحريني).. متى ستصدر، وكم قيمتها؟

- ستكون أقل من المبلغ الإصداري بالدولار، الذي بلغ 500 مليون دولار، ورفع فيما بعد إلى 750 مليون دولار، وسنصدر تقريبا 200 مليون دينار بحريني، وهي المرة الأولى التي نصدر فيها صكوكا سيادية بالعملة المحلية.

* الإقبال الكبير الذي شهدته الصكوك التي أصدرتموها، التي بلغت 8 أضعاف المبلغ المحدد، هل ترونه مؤشرا لعودة السيولة إلى المنطقة في أعقاب ما أفرزته الأزمة المالية العالمية من شح للسيولة؟

- صحيح أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية في الاقتصاد العالمي برزت مؤخرا، لكن يجب أن نعي هنا أن منطقة الخليج العربي، بالرغم من الظروف التي تسببت فيها الأزمة المالية العالمية، كانت وما زالت تتمتع بعدة مميزات، فعندما حدثت بداية الأزمة المالية، دخلتها دول الخليج ولديها مقومات اقتصادية قوية، فهي لم تدخلها بوضع اقتصادي ضعيف، بل على العكس.. كانت أحجام النمو الاقتصادي في أوج مستوياتها، وكذلك كان مستوى الفوائض المالية التي حققتها دول الخليج في فترة ما قبل الأزمة، وبالتالي أعطى هذا المستوى لكل الدول تقريبا قوة مالية كبيرة. الاقتصاد نفسه، سواء بمشاركة القطاع الخاص أو تنوع النشاطات، أصبح في وضع جيد، فدخلت دول مجلس التعاون الأزمة بموقف قوي، مما ساعد على تخفيف وطأة الأزمة. وبالتأكيد يتفاوت تأثير الأزمة من دولة إلى أخرى، على حسب القطاعات الأكثر عرضة للتأثر.

أمر آخر.. هناك مؤشرات أسعار النفط التي أصبحت في الفترة الأخيرة تذهب في اتجاه تصاعدي، كما كان يطالب كثير من المسؤولين بأن يكون هناك سعر معقول، والتأكيد على أن الدول المنتجة والمستهلكة تحصل على سعر عادل، فأصبحت الأسعار تتجه إلى سعر معقول لجميع الأطراف. كل هذا سيحسن من الوضع المالي لجميع الدول. ومعروف أن البترول أكبر مكون لاقتصاديات المنطقة؛ وبالتالي سيكون لها تفاؤل وثقة. ومن دون شك، فمثل هذه التحولات التي ذكرتها، لا بد أن تعطي دول الخليج نوعا من الاستقطاب. وأود أن أشير إلى أنه لم يكن الاهتمام بالإصدارات التي أصدرتها البحرين فقط، بل أيضا جميع الدول، مثل قطر وأبوظبي، التي أصدرت سندات لاقت تجاوبا كبيرا، وأتوقع أن أي إصدار من مؤسسة سيادية بالمنطقة سيتوفر له نفس الحظ من التجاوب.

* مع ارتفاع سقف التوقعات بالنمو الاقتصادي في العالم، هل تتوقعون أنتم في البحرين تغييرا في نسبة النمو للعام الحالي 2009؟ - أنا أعتقد أن جميع المؤشرات التي قيلت في الفترة الأخيرة خاضعة للمراجعة، وأعتقد أن الجزم فيها أمر مبكر، لكن ما تغير على الأقل هو حجم أو سرعة الانخفاض في الفترات الماضية من قبل المؤشرات الاقتصادية الرئيسية. بالنسبة إلينا، لم نغير حتى الآن توقعاتنا، باعتبارنا توقعنا من البداية أن يكون النمو الاقتصادي في البحرين أقل ما السابق. دعنا نتريث قبل أن نعطي إجابات جازمة، لكن يجب أن نتفاءل على أساس ألا نأخذ بالنظرة التشاؤمية التي سادت العالم نتيجة الأزمة.

* وما هي توقعاتكم تحديدا؟

- توقعاتنا تتمثل في انخفاض النمو من 6.8 في المائة، وهي النسبة التي حققناها العام الماضي، إلى حدود 3 في المائة هذا العام.

* وهل نسبة 3 في المائة ستكون متحفظة؟

- لا ستكون واقعية بالنسبة إلى المعطيات التي رأيناها. نأمل على الأقل أن تتحسن المؤشرات، خاصة أن 3 في المائة ليست قليلة ضمن الظروف الحالية، لكننا نطمح أن نحقق معدلات نمو تزيد على معدلات النمو السنوية للسكان، وتساعد في تحسن دخل الفرد البحريني.

* الأزمة المالية العالمية هزت النظام المالي العالمي، بل وهزت الرأسمالية العالمية. بالنسبة إليكم في البحرين، هل ترون بعد الأزمة، غير المسبوقة، فرصة لتغيير بعض أنظمتكم المصرفية؟

- من الطبيعي عندما تمر بهذه الظروف الاستثنائية، أن يعمل الإنسان على تقييم وضعه من أجل التطوير، وهذا هو درس للجميع بما يسمى «اختبار إجهاد» لكل إجراءاتك، وحتى بالنسبة إلى تفكيرك، لأن كثيرا من المسلمات التي كانت موجودة من العالم بالنسبة إلى كفاءة عمل السوق، خصوصا بالنسبة إلى من اقتنع بنظرية أن السوق يصحح نفسه بنفسه، وعدم تدخل الدولة، وأصبحت هناك موازين أخرى يجب أن تأخذها بالاعتبار، وأصبح السوق أحيانا لا يمكن أن يعمل بنفس الكفاءة والفعالية، التي تتكلم عنها نظريا، خصوصا في البحرين. إن اقتصادنا منفتح، ولا توجد أي قيود على الاستثمارات والتنقل والتملك، لذا نحن بحاجة إلى أن نتأكد أن كل الإجراءات التي نأخذها في المستقبل متوافقة مع الظروف والمستجدات التي يمر بها العالم.

* أعطني مثالا على هذه الإجراءات.

- بالطبع لا أتحدث عن باقي القطاعات في البحرين، لكننا في المصرف المركزي ننظر بشكل أكثر جدية بعين فاحصة بالنسبة إلى المعايير المصرفية العالمية، مثل لجنة بازل أو باقي المعايير التي ستخرج بإجراءات جديدة بالنسبة إلى المعايير المصرفية، وبطبيعة الحال سنعمل على تطبيقها، لأنها مهمة بالنسبة إلينا، نحن على سبيل المثال ننظر بشكل أكثر بالنسبة معدلات السيولة المطلوبة لدى البنوك لمواجهة التغيرات التي تحدث، يعني رفع معدلات السيولة، حتى نؤمّن للمؤسسة المالية أكثر قدرة للحركة واستيعاب الظروف عما كان يحدث سابقا.

* كم كنتم تشترطون سابقا؟

- لا يوجد اشتراط نسب بقدر ما توجد معادلات، وهذه في حاجة إلى تطوير، وأشياء أخرى في هذا الإطار ندرسها عبر لجان متخصصة.

* هل تسببت الأزمة في مزيد من القيود من قِبل المصرف المركزي على المؤسسات المالية العاملة بالبحرين؟

- بداية.. يجب أن نعلم ما دور البنك المركزي في أي بلد. البنك المركزي ليس مجلس إدارة للمؤسسات المالية، فهو لا يقوم بتقييد أو توجيه البنك أو المؤسسة بطريقة محدد، إنما نحن نضع من الضوابط والاشتراكات والمعايير التي تؤمّن لكل مؤسسة تعمل بشكل طبيعي، حالنا حال شرطي المرور الذي يؤمّن سلامة على الطريق وانسياب الحركة، لكن إذا قام السائق أمام إشارة المرور وهي حمراء وقطعها وأصبح هناك حادث، فهذا الخطأ لا يتحمله رجل المرور. نفس الدور هو الذي يلعبه البنك المركزي، فهو يضع مجموعة من المعايير والضوابط والاشتراطات التي يجب على كل مؤسسة أن تتبعها، لكن نحن لا نتدخل بشكل تدخل قسري، ما لم يكن هناك ظروف استثنائية، تجعل المصرف المركزي يتدخل في عمل هذه المؤسسة المالية. بعض المؤسسات قد لا تعمل على الأخذ بها بحذافيرها، لكن بشكل عام ومن خلال الاجتماعات ومن خلال المهمات التفتيشية تكتشف أن على هذه المؤسسة المالية أن تعيد النظر في بعض الأمور، لكن بشكل عام تضع المعايير التي تجعل الجميع يعمل.

* في هذا الشأن.. ماذا عن الإجراءات التي قمتم بها بالنسبة إلى بنك «أوال» التابع لمجموعة «سعد» السعودية، والمؤسسة المصرفية العالمية، التابعة لمجموعة «أحمد حمد القصيبي» السعودية، خصوصا أنكم أول من أصدر قرارا ضد أموال هاتين المؤسستين، قبل أن تتوالى القرارات من دول أخرى؟

- يجب أن نوضح هنا أننا لم نصدر قرارا بتجميد أموال المؤسسة المصرفية أو بنك أوال، ما حدث تحديدا عندما ظهرت الأزمة، أخذنا مجموعة من الإجراءات التي تسهل من عملية إعادة الهيكلة والاتصال بالبنوك الدائنة، ووضعنا قيودا على حركة الأموال الخاصة بالبنك، بحيث نضبط العملية حيث ننهي التقارير كافة التي طلبناها من خلال مندوبين أو الشركات التي عيناها، بعد ذلك سوف نأخذ قرارنا بهذا الشأن القرار المناسب.

* ومتى ستنتهون من إجراءاتكم هذه؟

- كل الفرق التي عيناها تعمل، وخلال فترة أسابيع قليلة تنتهي من الأعمال المكلفة بها، وعندها سنتخذ قراراتنا في هذا الشأن.

* هل هناك تنسيق مع البنك المركزي السعودي في شأن المجموعتين؟

- بالدرجة الأولى نحن مهتمون بما يحدث في المؤسستين المصرفيتين التي تقعان تحت مسؤولية المصرف المركزي البحريني، وهما بنك «أوال» و«المؤسسة المصرفية العالمية». ما يحدث بالسعودية أمر مختلف، باعتبار أن المجموعتين هناك ليستا مجموعتين ماليتين فتقعان تحت رقابة البنك المركزي، بعكس ما يحدث في البحرين، فالفروع الموجودة بالبحرين نحن نديرهما ونراقبهما بشكل مباشر وفقا لما يقره القانون في البحرين.

* وهل تبيّن لكم نوعية المخالفات التي حدثت بالمصرفين؟ - بانتظار الإجراءات التي نقوم بها وسنقرر فيما بعد. وعموما لا أستطيع أن أستبق الأحداث وأكشف إجراءاتنا المستقبلية بشأن المؤسستين المصرفيتين.

* وما نوعية القيود التي اتخذتموهما على المؤسستين الماليتين؟

- المؤسستان لا تستطيعان حاليا تحويل أي أموال إلا بموافقة البنك المركزي، هذا هو أهم قيد وضعناه.

* وماذا عن معدل السيولة لدى المؤسستين المصرفيتين؟ هل كان بنفس المعدلات التي يطلبها المصرف المركزي؟ بمعنى آخر: لماذا تأخرتم في الكشف عن هذه المخالفات؟

- ما حدث في المصرفين ظهر في أواخر أبريل (نيسان) الماضي، ونحن وفقا للتقارير الدورية التي تردنا من البنوك لم تكن هناك أي إشارة إلى أي من الاختلالات التي حدثت فيما بعد، وتستدعي تدخل المصرف المركزي، وعندما علمنا بالموضوع في بداية شهر مايو (أيار)، تدخلنا ووضعنا القيود التي ذكرتها لك، وأرسلنا فرقا من البنك المركزي للتحقق من التفاصيل المطلوبة كافة، ودققنا الأمور بشكل تفصيلي.

* كيف ترى انعكاس مثل هذه الخطوة، وأعني خطوة وضع قيود على هاتين المؤسستين المصرفيتين، على النظام المصرفي البحريني؟

- كجهة رقابية لا بد أن نأخذ خطوات احترازية حتى نؤمّن الموقف ونستوعب ما حدث في المؤسستين، على أساس تضعه الظروف الموضوعية لمعالجة الاختلال الذي حدث فيهم.

* هل دعمتم المصارف البحرينية في ما يتعلق بضخ مزيد من السيولة لمواجهة الأزمة المالية؟

- بالنسبة إلى المصارف التجارية ومنذ بداية الأزمة اتخذنا مجموعة من الإجراءات التي تساعد على توفير السيولة، أولا جزء من الودائع التي نضعها بالخارج، وجهناه إلى بعض المصارف البحرينية، وهذه الخطوة أتت قبل أي بوادر لنقص السيولة، ثم أوجدنا مجموعة من التسهيلات داخل المصرف المركزي، التي تساعد المصارف في تحسين السيولة أو إدارتها للسيولة، فمثلا خفضنا الاحتياطي النقدي من 7 إلى 5 في المائة، وهذا أعطى البنوك نسبة من الأموال المتاحة لهم للإقراض، بدلا من تجميدها لدى المصرف المركزي، أوجدنا ما يسمى خدمة المبادلة بالعملات الأجنبية. فعندما تريد المصارف تبديل عملاتها من الدينار البحريني إلى الدولار لفترة قصيرة، ولا نقوم بأخذ أي تكلفة على هذا التبديل في العملة، عملنا أيضا على أن البنوك التي لديها صكوك، عملنا لهم ما يسمى بإعادة الشراء، يضعون لدينا هذه الصكوك ويستبدلون بها سيولة، وهذا ما كان يحدث بالنسبة إلى السندات التقليدية، أما بالنسبة إلى الصكوك فقد أوجدنا هذه الآلية لتكون متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وهي المرة الأولى التي يتم تطبيقها، إذن هذه المجموعة من الإجراءات التي قمنا بها منذ منتصف العام الماضي، أو الربع الثالث من العام الماضي، أسهمت في التخفيف من الانعكاسات السلبية على قطاع البنوك التجارية في البحرين.

* لكن الأسواق لا تزال تشعر بعدم توافر السيولة.

- لا شك أن الناس حالهم حال باقي الدول، فلا تزال البنوك تتحفظ فيما المتعاملون معها يشعرون بتشدد البنوك مع الإقراض، فقد أصبحت البنوك أشد تحفظا في الإقراض، وتضع شروطا تضمن لها أموالها، وذلك نتيجة لتغير المخاطر وتغير حجم الأعمال، في السابق كثير من البنوك توسعت في القروض الاستهلاكية، والآن أصبح هناك تخفيف في هذا الجانب، وهذا أمر موجود في كثير من الدول. بالنسبة إلى القروض العقارية على الرغم من أننا من فترة طويلة وجهنا البنوك بعدم الانكشاف على القطاع العقاري قبل ظهور الأزمة وذلك منذ 2006. وأصبحت البنوك الآن تحتفظ بجزء كبير من سيولتها لدى المصرف المركزي كما هو الحال في كثير من الدول بدلا من إقراضها في السوق نتيجة تخوفهم من زيادة المخاطر أو الأخذ بنوع من الحذر في الظروف الراهنة.

* وماذا عن المصارف الإسلامية؟ هل فعلا وضعها أفضل بكثير من المصارف التقليدية؟

- المصارف الإسلامية بشكل عام، ولا أتحدث هنا عن البحرين فقط، كان لديها ميزة إيجابية، أنها لم تتورط كما هو معروف في كثير من منتجات البنوك التقليدية التي خسرت فيها خسائر كبيرة، لأن طبيعة هذه المنتجات لا تتوافق مع عمل المصارف الإسلامية، لكن البنوك الإسلامية الآن تواجه نفس الظروف التي تواجهها المصارف التقليدية، من حيث حجم الأعمال التي كانت متاحة مقارنة بالسابق من حيث طبيعة المستثمرين الذين أصبحوا أكثر حذرا، فيما الفرص الاستثمارية قلت عن السابق، والتعاملات بين البنوك أصبحت أيضا أقل، لذا فالبنوك الإسلامية حاليا ليست بعيدة من المصارف التقليدية، لكن كما قلت في السابق لم تتأثر المصارف الإسلامية بسبب ظروف عملهم المختلفة عن المصارف التقليدية.

* لننتقل إلى موضوع الساعة، وهو موضوع الاتحاد النقدي الخليجي، فبعد توقيع أربع دول خليجية هذا الشهر على مشروع الاتفاقية، وشروع دولتين (السعودية والبحرين) في التصديق على الاتفاقية.. هل تكفي ستة أشهر لإطلاق العملة في مطلع 2010؟

- هناك برنامج زمني جديد للمشروع، ومن يحدد هذا البرنامج الزمني هو المجلس النقدي، والمجلس النقدي عندما سيشكل بالتفاصيل كافة مثل البرنامج الجديد، والجدول الزمني، والمتطلبات الأخرى جميعها.

* هل ترى أن وجود أربع دول في العملة يسهل إطلاقها عن وجود أربع دول؟

- إذا كان هناك تفاهم بين أي مجموعة من الدول على العقبات التي تعترض طريقهم فلا أظن أن هناك أي فرق في الشروع في ما هم متفقون عليه، إنما هناك متطلبات إدارية وفنية يجب الأخذ بها، وهذه بدورها سوف تأخذ وقتا، مثل قضية الاتفاق على اسم العملة والوحدات والجهات التي تشرف على الإصدار وتتولى مسؤوليته.

* المجلس النقدي سينشأ بعد التصديق على الاتفاقية وستكون الاتفاقية حينها نافذة وتطبق بنودها. أستطيع القول إن كثيرا من الأمور التفصيلية قطعنا فيها شوط كبير، مثل توحيد الأنظمة لرقابة أنظمة المدفوعات، لكن ما زال أمامنا الاتفاق على المسمى وعلى الوحدات.

* إذن أنت تعول على المجلس النقدي في تسريع وتيرة العملة الموحدة؟

- أعتقد أنه بتأسيس المجلس النقدي سيكون زخم العمل أكبر، الآن عندك إطار قانوني ينظم عملك، بينما في السابق كنا نعمل في إطار تفاهم عام، نحن الآن في عمل أكبر مؤطر باتفاقية قانونية بين الدول.

* طرحت مجموعة من أسماء العملة المقترحة.. هل بالفعل هناك أسماء مطروحة أمامكم؟

- يمكن القول إنه لم يتم التطرق إلى أي اقتراحات في ما يخص اسم العملة الموحدة خلال اجتماعاتنا السابقة، ربما هناك أفكار لدى اللجان الفنية العاملة في المشروع، لكن لم تأخذ أي منها صفة التوصية حتى تؤخذ على محمل الجد. باختصار أستطيع القول إن أي اقتراحات حول الاسم أو الوحدات لم يطرح على طاولة البحث عند اجتماعات محافظي البنوك المركزية الخليجية. فهناك ترتيبات معينة في العمل حيث تجتمع اللجان وعندما تقر توصية معينة ترفع إلى لجنة المحافظين، التي بدورها ترفعها إلى وزراء المالية.

* ألا تعتقد أن عدم حسم مسمى العملة أو وحداتها قد يزيد من مصاعب إطلاق العملة؟

- لا أعتقد، فنحن لن نأتي بشيء من الفضاء الخارجي، أكيد سيكون هناك تفاهم بين الدول.

* أراك متحفظا عن الحديث عن التفاصيل في ما يتعلق بمسمى العملة ووحداتها.

- أنا أعطي الأمور التي اطلعت عليها، والسؤال: هل وصلك شيء بالنسبة إلى تسمية العملة المقبلة؟ وأنا أجاوب بأنه لم يصلنا شيء، لو بالفعل ناقشنا بعض الأسماء ورفضناها أو وافقنا عليها لذكرت لك ذلك، لكن الحقيقة أننا لم نناقشها إطلاقا. لا توجد أي اقتراحات محددة عرفت للجنة المحافظين.

* دعني أعُد لإطلاق العملة الخليجية المقرر لها مطلع 2010، وأرجو أن تكون معي صريحا.. هل ترى الوقت المقبل مناسبا وكافيا للالتزام بالموعد المقرر مسبقا؟ وأرجو أن لا تكون دبلوماسيا هنا.

- البرنامج الزمني السابق كان يشير إلى إطلاق العملة في مطلع 2010، ونحن الآن لدينا إطار متقدم عن ما كنا نعمل عليه سابقا، لدينا اتفاقية تنتظر تصديق الدول الربع، وأعتقد هذا الأمر إنجاز كبير وسيعطي زخما كتقدم للعملة نحو إطلاق العملة، في السابق لم يكن لدينا إطار قانوني. لكني أقول دعونا نصبح متفائلين في ما يتعلق بإطلاق العملة، لكن ما أحب أن أؤكد عليه أننا بالفعل في حاجة إلى برنامج زمني جديد.

* ولم تتحدثوا حتى الآن عن البرنامج الزمني الجديد؟

- كل هذه التطورات حدثت في الفترة الأخيرة، ففي هذا الشهر وقعت الاتفاقية رسميا من قِبل وزراء الخارجية، ويجب أن نعقد اجتماعا في الفترة المقبلة حتى ننظر في البرنامج الزمني الجديد.

* هل تتوقع أن تخرج العملة الموحدة خلال عام 2010؟

- هل تريد مني أن أعطيك تاريخا محددا؟

* نعم بالتأكيد؟

- وأنا أقول نحن الآن وضع أفضل من السابق بسبب وجود إطار قانوني، وبالتالي ستكون وتيرة العمل أسرع مما كانت عليه في السابق، في إطار زمني جديد.

* وما التفاصيل التي سيتضمنها الجدول الزمني الجديد؟

- يجب أن يكون جدول مفصل وواضح وبمثابة خارطة ترسم معالم العملة، مثل: تحديد تاريخ معين وتسبقه مجموعة من الخطوات مثل تحديد السعر التبادلي، واسم العملة وشكلها، تنطلق بعدها العملة الموحدة، وتظل العملات المحلية متداولة حتى موعد مقرر تسحب بعدها من السواق، نحن نقترب من الصورة أكثر من السابق.

* هل تقدمت البحرين بطلب ترشيح لمنصب محافظ المصرف المركزي الخليجي؟

- هذا أمر سابق لأوانه ولم يتم مناقشته، لأن موضوع البنك المركزي الخليجي هو فترة لاحقة لإنشاء المجلس النقدي، لذلك نحن بعيدون عن هذه المرحلة.

* سؤالي الأخير.. هل تكفي ستة أشهر لإطلاق العملة الموحدة؟

- مرة أخرى أقول لك إننا سنسير بشكل أسرع من السابق، وأنا متفائل في أن الأمور ستكون في الطريق الصحيح.