وزيرة السياحة العمانية لـ «الشرق الأوسط»: هدفنا تجاوز عدد السائحين 2.5 مليون خلال العقد المقبل

أكدت أن الدولة تعيد تقييم دورها في القطاع ليكون مستقبلا بيد القطاع الخاص

وزيرة السياحة العمانية راجحة بنت عبد الأمير بن علي («الشرق الأوسط»)
TT

يراهن المسؤولون في سلطنة عمان على قطاع السياحة ليكون رافعة للاقتصاد على المدى الطويل يعمل بالتوازي مع قطاع الصناعة على تنويع مصادر الدخل. وتتوقع وزيرة السياحة راجحة بنت عبد الأمير بن علي في مقابلة مع «الشرق الأوسط» ارتفاع أعداد السياح القادمين إلى عمان خلال السنوات العشر القادمة إلى أكثر من 2.5 مليون سائح استنادا إلى معدلات النمو المحققة خلال السنوات القليلة الماضية التي سجلت نموا بلغ متوسطه نحو 14 في المائة سنويا.

وتقول الوزيرة العمانية إن خطوات تنمية وتطوير القطاع السياحي ما زالت تسير بوتيرة متسارعة بهدف توفير الخدمات والمرافق السياحية المختلفة، حيث تعمل السلطنة على مجموعة محاور تشكل العناصر الأساسية لهذا القطاع وهي الجبال الخضراء والشواطئ الرملية التي تمتد لأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر والحياة البحرية والمحميات الطبيعية والكهوف. كما تؤكد على أن الدولة العمانية تعيد النظر في دورها في أنشطة هذا القطاع لكي يكون في أيدي القطاع الخاص مستقبلا. وتوضح عبد الأمير أن مساهمة قطاع السياحة من إجمالي الناتج المحلي خلال عامي 2007 و2008 وصلت إلى 2.9 في المائة. واعتبرت أن هناك فرصا كبيرة للنمو أمام السياحة الإقليمية في منطقة الخليج، حيث يمثل السياح القادمون من دول مجلس التعاون الخليجي إلى عمان نسبة تصل إلى نحو 60 في المائة من إجمالي عدد السياح، «مما يشير بوضوح إلى أهمية السياحة الإقليمية كمصدر مهم للسياحة في البلدان المختلفة» تقول الوزيرة العمانية.

* ما استراتيجية الوزارة لتعزيز السياحة في السلطنة؟

ـ ترتكز استراتيجية التنمية السياحية في السلطنة على عدد من المحاور الرئيسية، من أهمها اعتبار القطاع السياحي قطاعا رئيسيا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد مع المحافظة على الموارد الطبيعية والقيم والهوية الثقافية للمجتمع العماني، وإعادة النظر في دور الدولة في أنشطة القطاع المختلفة بهدف التقليل التدريجي من هذا الدور واقتصاره على تهيئة الظروف والأطر القانونية والتنظيمية والمناخ الاستثماري المواتي. ومن ثم إسناد الدور الأساسي في تطوير وتنمية القطاع إلى القطاع الخاص.

* تقوم دول الخليج عامة بتنشيط السياحة لديها من أجل تنويع مصادر الدخل، لكن التمايز في المقومات السياحية لديها قليل جدا مما يؤدي إلى مشروعات متشابهة. كيف تعمل عمان على تقديم التمايز السياحي؟

ـ إن الاهتمام بتطوير وتنمية السياحة ووضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج التي تحقق ذلك حجر زاوية في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدان العالم كافة وبالذات لدول مثل دولنا كانت تعتمد ولفترة طويلة على مورد واحد هو النفط. صحيح أن هناك أوجه شبه عديدة بين دولنا، غير أن التمايز أيضا موجود. فإذا أخذنا السلطنة فإنها تمتاز بطبيعة طبوغرافية تختلف كثيرا عن دول الجوار. ففيها سلاسل جبلية تمتد من أقصى شمالها إلى حدودها الجنوبية وتتخللها كثير من الأودية المخضرة التي تجري المياه في بعضها لأشهر عديدة من السنة. وفي وسط هذه السلسلة هناك الجبل الأخضر بمناخه المعتدل صيفا. كما تتمتع المنطقة الجنوبية من السلطنة بفترة خريفية ممطرة بسبب الرياح الموسمية وهي تنفرد بهذا المناخ من بين دول المنطقة.

إن هذه الميزات أتاحت الفرصة للسلطنة لتقديم منتجات سياحية مختلفة، إلى جانب عناصر الجذب التقليدية من شواطئ نظيفة ورمال شاسعة وغيرها. ولقد طورنا وجهات سياحية في بعض مواقع العيون الحارة مثل الكسفة والثوارة وعين جرزيز، كما إن هناك مواقع جذب سياحي متميزة في الشواطئ الممتدة على أكثر من 3 آلاف كيلومتر وما تزخر به مياهها من حياة بحرية غنية ومتنوعة. هنا أيضا يستطيع السياح مشاهدة هذه الحياة البحرية عن طريق سفينة ومشاهدة الأحياء البحرية التي تم تدشينها أخيرا، كما إن هناك محميات عديدة تستحق المشاهدة مثل محمية السلاحف برأس الجنز وهناك كهف الهوته الذي يعتبر وجهة سياحية فريدة من نوعها في المنطقة.

* كم تبلغ مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي للعامين 2007 و2008؟ وما التحديات التي تقف أمام تطوير هذا القطاع ؟

ـ وصلت مساهمة القطاع السياحي (قطاع الفنادق والمطاعم فقط) إلى نحو (1 في المائة) في عامي 2007 و2008. وإذا أخذنا القطاع السياحي شاملا القطاعات كافة المرتبطة بالسياحة مثل شركات الطيران ووكالات السفر والسياحة وشركات تأجير السيارات وأندية الغوص فإن مساهمة القطاع خلال عامي 2007 و2008 وصلت إلى نحو 2.9 في المائة في المتوسط. نتطلع بالطبع إلى رفع هذه النسبة إلى 3 في المائة بالنسبة لقطاع الفنادق والمطاعم وإلى أكثر من النسبة المحققة حاليا والبالغة 2.9 في المائة بالنسبة لقطاع السياحة بكامله. ويواجه قطاع السياحة بعض العوائق والتحديات بعضها ناتج عن حقيقة أن التنمية السياحية بدأت في السلطنة قبل سنوات قليلة ولم تكتمل بعد عمليات التطوير للعناصر الأساسية، في حين أن البعض الآخر ناتج عن عوامل ترتبط بطبيعة هذه الصناعة الحديثة نسبيا. فهناك اشتداد حدة المنافسة في سوق السياحة العالمي بصفة عامة وفي أسواق المنطقة وبعض أقطار جنوب شرق آسيا بصفة خاصة. وكذلك محدودية السفريات المباشرة إلى مسقط من الأقطار الرئيسية المصدرة للسياحة على الرغم من اتساع شبكة محطات الطيران العماني في الآونة الأخيرة. ولكن تشير الأرقام الخاصة بعدد السياح خلال الأعوام القليلة الماضية إلى تطور كبير في تلك الأعداد، إذ حققت خلال الفترة من 2003 ــ 2007 معدل نمو عال بلغ متوسطه نحو 14 في المائة سنويا. إن خطوات تنمية وتطوير القطاع تسير بوتيرة متسارعة بالذات منذ بداية تنفيذ خطة التنمية الخمسية السابقة (2006 ـ 2010)، التي شهدت تنفيذ عدد كبير من المشروعات السياحية المتنوعة شملت المرافق الإيوائية بمختلف فئاتها، وتطوير عدد من المواقع السياحية، وتوفير الخدمات الضرورية التي يحتاجها السائح. إضافة إلى ذلك فقد شهدت خطة التنمية الخمسية السابعة أيضا بداية تنفيذ عدد من المجمعات السياحية المتكاملة في مسقط وخارجها، وقد قطع تنفيذ بعضها شوطا بعيدا. وفي ضوء هذا النشاط الكبير يمكن أن نتوقع ارتفاعا في عدد السياح خلال العشر سنوات القادمة إلى أكثر من 2.5 مليون سائح حسب معدلات النمو التي تحققت في السنوات القليلة الماضية.

* كيف يمكن تلخيص جنسيات السياح الوافدين إلى السلطنة؟ وهل هناك من خطط لاستقطاب سياح من بلدان أو مناطق محددة؟

ـ يمثل عدد السياح من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية النسبة الأكبر من إجمالي عدد السياح الذين يزورون السلطنة سنويا، وتراوحت نسبتهم بين 50 في و60 في المائة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2003 و2007، مما يشير بوضوح إلى أهمية السياحة الإقليمية كمصدر مهم جدا للسياحة في البلدان المختلفة كما تؤكد ذلك البيانات المنشورة عن تلك البلدان. ويأتي السياح من أوروبا في المرتبة الثانية بنسبة 25 في المائة تقريبا في السنوات الأخيرة ويشكل السياح البريطانيون النسبة الأكبر من هؤلاء السياح، يلي ذلك السياح الآسيويون بنسبة 10 في المائة. أما السياح من البلدان العربية الأخرى فيأتون في المرتبة الأخيرة بنسبة 5 في المائة. ولكن برزت في الساحة بلدان جديدة بدأت تمثل مصدرا مهما من حيث عدد السياح من مواطنيها من بينها الصين واليابان وبعض بلدان شرق أوروبا. وتسعى الوزارة لتكثيف أنشطتها التسويقية في هذه البلدان وجذب نسبة معقولة من السياح والعمل على زيادة أعدادهم تدريجيا.

* إلى جانب العمل على تأهيل المواقع الأثرية وتشييد المنتجعات وغيرها من المشروعات، هل تندرج تحت خططكم سياحة المهرجانات أو الحفلات والمعارض؟

ـ تدرك حكومة السلطنة أهمية تنويع المنتج السياحي لتوفير خيارات أوسع للسائح لتعزيز القدرات التنافسية للقطاع في ضوء حدة التنافس بين الوجهات السياحية في المنطقة وعلى نطاق العالم ككل. ومن هذا المنطلق، فإننا نسعى لتطوير منتجات جديدة وتعزيز وتطوير ما هو قائم منها. ولهذا شرعت الوزارة منذ مدة في استضافة بعض المعارض وإدخال أنشطة جديدة في المهرجانات السنوية مثل مهرجان مسقط ومهرجان خريف صلالة. وتأتي استضافة الألعاب الشاطئية الأولمبية في السلطنة في عام 2010 في إطار هذه الجهود الرامية لتقديم أنشطة جديدة. كما تخطط الوزارة لإنشاء مركز للمؤتمرات والمعارض بمواصفات عالمية يعمل على جذب إقامة المؤتمرات والمعارض الدولية في السلطنة إلى جانب عقد المؤتمرات المحلية التي أصبحت من الأنشطة السياحية المهمة. أثبت التسويق المدروس نجاحه في وضع بلدان عديدة على خارطة السياحة في العالم مثل ماليزيا وكرواتيا وغيرها، ما السياسة التسويقية التي ستعتمدونها؟ ندرك أهمية التسويق المدروس واستغلال الوسائل المتاحة كافة للترويج للوجهات السياحية في السلطنة في ظل المنافسة الحادة من قبل كثير من البلدان والوجهات السياحية سواء من داخل أو خارج المنطقة. ولهذا قمنا بتحديث الاستراتيجية التسويقية للأخذ في الاعتبار المستجدات والمتغيرات كافة على الأصعدة المختلفة. ولأننا نؤمن بأن النجاح في تطبيق استراتيجيتنا للتسويق يعتمد على تضافر جهود الجهات كافة المرتبطة بهذا الشأن، فقد قامت الوزارة بعقد ورشة عمل حول الاستراتيجية دعت إليها جميع الشركات والمؤسسات والمنشآت العاملة في المجال السياحي لتعزيز المشاركة الفاعلة. وأود هنا أن أشير إلى جانب مهم في خطة الوزارة التسويقية، ألا وهو جانب استغلال التقنيات الحديثة في هذا المسعى، حيث تعمل الوزارة حاليا على الانتهاء من مشروع بوابة عمان السياحية، التي ستوفر خدمات إلكترونية متميزة عن القطاع السياحي في السلطنة بكل تفاصيله.