من يحاسب مكاتب السياحة؟!

سعود الاحمد *

TT

ونحن على أبواب إجازة الصيف، فقد قدرت مصلحة الإحصاءات الدولية عدد السائحين السعوديين حول العالم بحوالي أربعة ملايين سائح سنويا، ينفقون حوالي 50 مليار دولار سنويا. في المقابل، ما زال سوق السفر والسياحة الخارجية يعيش عشوائية منقطعة النظير، وما زالت تتوالى أصوات المشتكين من إخلال بعض مكاتب السياحة بالتزاماتها.. ويتساءلون «مَنْ يحاسب مكاتب السياحة؟!». أحد الشباب عاد للتو من رحلة شهر العسل.. بعد أن اتفق مع مكتب سياحي على تأمين تذاكر السفر والتنقل والسكن في فنادق خمسة نجوم له ولعروسته. يقول صاحبنا: «فوجئنا بأن السكن في فنادق أقل من ثلاثة نجوم، أو يكون للفندق أكثر من فرع بنفس المدينة، ويسكنونا في الفرع البعيد عن المدينة.. وأحيانا يختارون لنا الغرف الأقل ميزة من حيث الأثاث والمطل والتجهيزات الأخرى». يقول «ذات مرة.. فتحت النافذة في الصباح، ونظرت إلى الخارج، منتظرا شاطئا أو مساحة خضراء.. وإذا بي أطل على سطح به مكائن تكييف ومعدات كهربائية، تصدر أصواتا لا تطاق!. وكانت خدمات النظافة متدنية، وكذلك خدمات النقل للمواقع السياحية المتفق عليها، والمواعيد لا يلتزم بها.. كنا ننتظر لفترة طويلة ببهو الفندق. وكان المرشد السياحي المرافق لنا مجرد مساعد سائق حافلة، لا يتحدث إلا لغة البلد التي هو فيها. وكانوا يبحثون لنا عن أرخص الأماكن لكي نزورها ونبقى فيها. وكلما كان الموقع السياحي جيدا (وبالتالي تكلفته عالية)، يمرون بنا عليه مرور الكرام!. وكانت رحلاتنا من مدينة إلى أخرى في أوقات غير مناسبة، معظمها في وقت مبكر جدا».

وتعليقي هنا: مَنْ يعوض هذا (العريس) عن ما أصابه من نكد أفسد عليه شهر العسل؟!. من جانب آخر، البعض يعود من سفره وقد تعرض للعديد من الصعوبات، جراء جهله ببعض أنظمة الجوازات والجمارك بالدول التي يسافر إليها، ضمن المجموعات السياحية التي تنظمها بعض المكاتب المحلية، حيث لا يتم إبلاغه بهذه الأنظمة!؛ مما يتسبب في تعرض البعض لمختلف أنواع الاستغلال المادي، والنصب والاحتيال بشتى الطرق، في وقت لا يوجد مَنْ يحاسب المتسبب، سواء في البلاد المسافر إليها، أو حتى محليا، وفي وقت يفترض أن يكون لمكاتب السفر والسياحة دور توعوي مكمل، يوضح للمسافر أهم الملاحظات التي ينبغي مراعاتها، ويزوده بأرقام مكاتب سفارات بلاده وقنصلياتها ومكاتب الخطوط السعودية، وأهم الأرقام الضرورية في البلد التي يسافر إليها السائح .. مثل أرقام شرطة السياحة المتواجدة بمعظم دول العالم لتقوم بدور فعال في مجال مكافحة صور استغلال السائحين، والأرقام الأخرى، مثل الإسعاف، وغير ذلك.

وهناك من يروي حالات يتفق فيها مع شركة سفر وسياحة، وعندما يذهب إلى المطار للسفر، ويصل إلى المطار المحلي يفاجأ بأن الرحلة قد ألغيت!. وبالطبع تفوت عليه فرصة الإجازة، وينقلب برنامج سفره (رأسا على عقب)؛ فيثور وينفعل، ولا يجد من المكتب السياحي إلا عدم الاكتراث. ولا يجد أمامه إلا أن (يذعن) لما يملونه عليه من ترتيبات بديلة، إذا تلطفوا ورغبوا في ذلك.. مع تحميله أي فروق مالية.

وفي تقديري.. نحن بحاجة إلى وجود آلية لتفعيل دور الهيئة العامة للسياحة والآثار، وكذلك الجمعية الوطنية للسفر والسياحة (المنبثقة عن مجلس الغرف التجارية)، لكي تقوم بدورها في مجال الإشراف على مكاتب السفر والسياحة، ولتكون مرجعا رسميا لمتابعة أداء وكالات السفر بالمملكة.. ولتقوم بتوعية المسافر بما له وما عليه تجاه المكاتب السياحية، وتجنبه ما قد يتعرض له من الوقوع في مصيدة عصابات النصب في الخارج. كما أن لوزارة الثقافة والإعلام دورا لا بد أن يُقوَّى ويُفعَّل في مجال توعية المسافر إلى الخارج بحقوقه والتزاماته.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]