وزير الزراعة المغربي: مخطط «المغرب الأخضر» يتطلب استثمارات 1.9 مليار دولار

مؤتمر «تكنولوجيا صناعة الأسمدة» بمراكش يناقش آفاق تبادل الخبرات

محمد نجيب بنشقرون رئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للأسمدة، وإلى جانبه شفيق الأشقر الأمين العام للاتحاد ومصطفى التراب الرئيس المدير العام للمجمع الشريف للفوسفات وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري المغربي («الشرق الأوسط»).
TT

قال عزيز أخنوش وزير الزراعة والتنمية القروية والصيد البحري المغربي، إن الأسمدة تمثل اليوم محركا لا محيد عنه للتنمية الفلاحية، مشيرا إلى أن صناعة الأسمدة والمواد الأولية المرتبطة بها أضحت مطالبة بأن تلعب دورها كاملا في دعم ومواكبة الفلاحة، وذلك على مستويين: الأول يتعلق بضعف استعمال الأسمدة، حيث لا يتعدى استعمالها بالمغرب 45 وحدة سمادية في الهكتار الواحد، أي ما يمثل ربع حاجات الفلاحة الوطنية من هذه المواد، وهو ما يضع المغرب في مرتبة جد متأخرة مقارنة مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك «على الرغم من التدابير الأخيرة المتخذة والمتمثلة في الضبط الاحترازي للأسعار، وتعزيز شبكة التوزيع والإرشاد». وشدّد أخنوش على أن «هذا الأمر يحيلنا على إشكاليات كلفة الأسمدة، ومردودية الاستغلاليات الفلاحية لاسترجاع هذه الكلفة، وكذا على مسألة التأطير الناجع».

أما المستوى الثاني فيتعلق بمصاحبة الاستراتيجيات الفلاحية على المدى الطويل، وهو مستوى ذكّر من خلاله أخنوش بـ«مخطط المغرب الأخضر كاستراتيجية طموح للنهوض بالفلاحة المغربية على المدى البعيد».

وقدم أخنوش في مداخلة له بالمؤتمر الدولي الثاني والعشرين لتكنولوجيا صناعة الأسمدة، الذي ينظمه الاتحاد العربي للأسمدة، وتنتهي أعماله اليوم بمراكش، بتعاون مع المجمع الشريف للفوسفات بالمغرب، لمحة موجزة عن الأهداف الرئيسية للمخطط، وقال إنها تتلخص في «تحويل ما يقرب من مليون هكتار نحو زراعات ذات قيمة مضافة عالية، ومضاعفة الإنتاج ثلاث مرات في أفق السنوات العشر القادمة، وهو ما يستدعي استثمارات مهمة في القطاع تناهز 15 مليار درهم (1.9 مليار دولار)، يتوخي منها نتائج هامة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وتتجلى على الخصوص في خلق مليون ونصف مليون فرصة عمل وتقليص ملموس للفقر بالقرى».

وذهب أخنوش إلى أن القارة الإفريقية «مطالبة حتميا بالقيام بثورة خضراء. ذلك أن التأخير المسجل في استعمال الأسمدة يزداد حدة مع غياب رؤية استراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي الذي تفتقر إليه هذه القارة أكثر من أي رقعة أخرى في العالم».

وتضمن برنامج المؤتمر تقديم 23 ورقة عمل، بالإضافة إلى معرض دائم، تتمحور حول مواضيع تهم جديد تكنولوجيا صناعة الأسمدة النيتروجينية الفوسفاتية والبوتاسية، والتكنولوجيا التي تمكن من حماية البيئة والسلامة والصحة المهنية، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه، والمعدات وأنظمة التحكم والعمليات والصيانة.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد العربي للأسمدة هو منظمة غير حكومية تأسست عام 1975، يعمل تحت مظلة الوحدة الاقتصادية العربية، ويضم المؤسسات والشركات العربية العاملة في مجال صناعة وتجارة الأسمدة وخاماتها والمجالات ذات العلاقة بذلك. وهو يضم 200 عضو، بينهم 38 عضوا نشيطا و137 عضوا شريكا، بالإضافة إلى 25 مراسلا. وتتمثل مهمة الاتحاد في تطوير علاقات التعاون التقنية والتجارية بين الشركات الأعضاء.

وتميزت أشغال المؤتمر، الذي تواصل على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة أزيد من 450 خبيرا مهندسا ومسؤولا وجامعيا وباحثا يمثلون 40 دولة من القارات الخمس، للاطلاع على آخر مستجدات التكنولوجيا، وتبادل الخبرات في مجال صناعة الأسمدة وحماية البيئة.

ومن جهته، انطلق محمد نجيب بنشقرون رئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للأسمدة، من جرد للثروات الطبيعية التي يختزنها الوطن العربي، خصوصا على مستوى الفوسفات، الذي يمثل 70 في المائة من المخزون العالمي، والغاز الطبيعي الذي يمثل 35 في المائة، فضلا عن خام البوتاس وغيره من الخامات.

وبسط بنشقرون مجموعة من التحديات المرتبطة بمجال تصنيع وتسويق الأسمدة، ترتبط، أساسا، بالتحديات التكنولوجية والبيئية واللوجستيكية، وترشيد الاستخدام الأفضل للأسمدة، وتكوين عمالة فنية مؤهلة، متسائلا عن الكيفية التي يمكن بها رفع كل هذه التحديات في وقت تخصص فيه الدول العربية أقل من 0.02 في المائة من ناتجها المحلي لأغراض البحث والتطوير.

وقال بنشقرون إن «ما يدعو إلى الأسف هو أن الوطن العربي يصدّر العلماء، ويستورد التكنولوجيا، ويعاني من عدم إمكانية توظيفها، وهو ما أكده أخيرا تقرير البنك الدولي، الذي أكد أن المناخ غير المحفز في الدول العربية للبحث العلمي والإبداع أدى إلى هجرة أكثر من 500 ألف عالم عربي».

ودعا بنشقرون في ختام كلمته إلى «تعزيز مكانة العلماء الباحثين في الجامعات ومعاهد التعليم وتوفير متطلبات البحث العلمي الحديث»، مشددا على أن الاتحاد العربي للأسمدة «يرحب بالتعاون في مشروع يهدف لنقل التكنولوجيا من الأكاديميات العربية للقطاعات الصناعية والاستثمارية، بدلا من التركيز على الأهمية الأكاديمية للبحث فقط، وربط البحث العلمي والتكنولوجي باحتياجات صناعة الأسمدة ومختلف الميادين ذات الصلة، وإنشاء شبكات لربط مراكز البحوث في الوطن العربي، بعضها ببعض، وبنظيرتها في المجتمعات الغربية».