1.4 مليار دينار توقعات عجز الميزانية الأردنية

تمويل العجز من خلال الاقتراض يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي

أولويات البرامج الوطنية التي تم تبنيها محليا بعد تعافي الاقتصاد من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية التي تعرضت لها المملكة في 1989 هو ضبط العجز (ا.ب)
TT

حذر خبراء ماليون من استمرار تفاقم عجز الموازنة العامة المتوقع تجاوزه حاجز المليار دينار ما يعادل 1.4 مليار دولار، مؤكدين أنه يتعارض مع نهج الاعتماد الذاتي الذي سلكه الأردن منذ أكثر من عقد من الزمان. وسجلت الموازنة العامة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2009 عجزا ماليا بنحو 348.3 مليون دينار مقابل 97.3 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من العام السابق، وإذا ما تم استثناء المساعدات الخارجية، فإن العجز المالي يبلغ 444.2 مليون دينار مقابل عجز مالي بلغ نحو 223.5 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من العام السابق.

ويؤكد وزير الصناعة الأسبق واصف عازر أن جذور الموضوع تعود إلى الحجم الكبير الذي تشكله مساهمة الحكومة في الناتج المحلي الإجمالي ببلوغها 50 في المائة و60 في المائة من الناتج عند إضافة موازنة المؤسسات المستقلة والبلديات.

واعتبر عازر أن تلك الأرقام غير منطقية ولم تتناسب مع الطموحات التي كانت في الماضي الرامية حينها إلى ترشيق الجهاز الحكومي لضبط نفقاته.

وقال إن «مشاريع القوانين المطروحة، مثل قانون الضريبة الموحد، يهدف لحماية الأغنياء، خصوصا أن ضريبة المبيعات تستهلك 14 في المائة من دخل المواطنين». وانتقد عازر «استمرار الحكومة في الاعتماد على المساعدات وكأنها إيراد رئيسي وثابت ويتم على أساسه بناء الموازنة».

ومن أولويات البرامج الوطنية التي تم تبنيها محليا بعد أن تم الانتهاء من برنامج التصحيح الاقتصادي عام 2006 بعد تعافي الاقتصاد من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية التي تعرضت لها المملكة في 1989 وتأثيراتها، هو ضبط العجز في الموازنة لنسب لا تتجاوز 3 في المائة. وقال عازر إن تمويل العجز في الموازنة العامة من خلال الاقتراض محليا بات يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي نتيجة مصارعة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول على التسهيلات الائتمانية. غير أن المسؤولين الحكوميين يبدون انزعاجهم من تراجع الإيرادات المحلية نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني والمتوقع أن تخفض حاصلات إيرادات الخزينة عما هو متوقع.

بلغ إجمالي الإيرادات المحلية والمساعدات الخارجية خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2009 ما مقداره 1990.5 مليون دينار مقابل 1903.9 مليون دينار خلال الفترة نفسها من عام 2008 أي بارتفاع مقداره 86.6 مليون دينار أو ما نسبته 4.5 في المائة، وقد بلغت المسـاعدات الخارجيـة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2009 ما مقداره 95.9 مليون دينار. وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن نفقات الوزارات تتم بصورة كبيرة ونسب الإنجاز لا تتحقق كما هو مطلوب، خاصة في المشروعات الرأسمالية مما يضخم الموازنة.

وأوضح عايش أن الموازنة تشكل فلسفة الدولة في كيفية إدارة مواردها، مؤكدا على ضرورة اتباع الشفافية من قبل الوزارات في كيفية النفقات وعدم تدويرها إلى السنة المالية التي تليها. وشدد على ضرورة أن يتم تدقيق النفقات الرأسمالية لجعلها استثمارية إنتاجية بمعنى الكلمة ولا تكون مخصصة للدراسات والأبحاث حتى تمنح الاقتصاد الوطني دفعة للأمام.

يذكر أن صافي رصيد المديونية الداخلية والخارجية المترتبة على الأردن خلال فترة الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي ارتفع عن مستواه بنهاية عام 2008 بمقدار 221 مليون دينار وبنسبة ارتفاع بلغت 6.2 في المائة ليبلغ صافي الرصيد القائم غير المسدد بنهاية شهر مايو (أيار) من العام الحالي نحو 8773 مليون دينار وليشكل بذلك ما نسبته 2.57 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لهذا العام مقابل ما نسبته 3.60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2008.

إلى ذلك، يرى محللون أن ارتفاع صافي رصيد الدين العام الداخلي إلى نحو 5220 مليون دينار وهو يساوي الرصيد نفسه القائم للدين العام الخارجي قبل تنفيذ عمليات الشراء المبكر لجانب منها يعتبر من المستويات المرتفعة والمكلفة على الخزينة العامة جراء ارتفاع تكلفة خدمة هذه الديون المحلية التي تعتبر مرتفعة ومكلفة وبما يشكل عبئا ماليا إضافيا على الموازنة العامة، حتى وإن كانت عمليات الإطفاء لهذه الديون تتم بالعملة المحلية، لكنها تشكل عبئا ماليا وعلى حساب مخصصات المشروعات التنموية ومن خلال اقتطاع جزء من الموارد المحلية لعمليات السداد. كما توقع محللون أن تتصاعد حدة الاقتراض المحلي خلال العامين الحالي والمقبل في ظل تفاقم عجز الموازنة العامة، إذ من المتوقع أن يرتفع إلى 1.1 مليار دينار مع نهاية العام الحالي نتيجة انخفاض الإيرادات المحلية عن تقديرات الموازنة العامة.