مرحبا

علي المزيد*

TT

صدرت قرارات هيئة السوق المالية السعودية الأسبوع الماضي بمعاقبة عدد من مخالفي أنظمة السوق المالية عبر استفادتهم من معلومات داخلية من الشركات وانعكاسها على شكل أرباح في محافظهم. ومن المعروف أن جميع الأسواق في العالم تعاقب على الاستفادة من المعلومات الداخلية وسوق الأسهم السعودي واحد من هذه الأسواق ونظام الشركات السعودية المساهمة أفرد فصلا خاصا للتعاطي مع المستفيدين من المعلومات الداخلية للشركات وحدد طرق معاقبتهم، وحقيقة الأمر أن الدين والنظام لا يجيزان عددا من البيوع. كما لا يجيزان تحقيق أي نوع من الأرباح عبر الخداع أو التظليل والاستفادة من معلومات داخلية هو نوع من التظليل الذي تحرّمه الأديان والأنظمة.

ونحن كمراقبين للاقتصاد نرحب بهذا القرار الذي نرى أنه متأخر في سوقنا السعودية التي تعمل منذ 30 عاما، ومما أعجبني في القرار وضوح الأسماء والشركات ومبلغ المخالفات، فالقرار أتى واضحا وما نريده هو تكرار تطبيقه بحزم وعلى الجميع على قدم المساواة ودون التفريق بين المتعاملين أيا كانت أسماؤهم أو أحجامهم. ولا أعلم إذا كانت الهيئة قادرة على عمل من هذا النوع أم لا لأن بعض أسماء المتعاملين تخيف النائم إذا زارته حلما، فأسواقنا العربية بها مفاصل قوى وتداخلات شتى سوء سياسية أو مراكزية، فقوى التأثير مترابطة سواء في الوسط المالي أو السياسي أو الاجتماعي. لذلك نرى أنه يصعب على هيئات سوق المال في العالم العربي تطبيق القانون على الجميع وبمساواة.

نعود مرة أخرى إلى محور حديثنا عن قرار الهيئة السعودية، فمدعاة ترحيبي به أنه حرم المستفيد من المعلومات الداخلية من العمل في الشركات السعودية لمدة ثلاث سنوات لأنه أخل بالأمانة أو غير ذي ثقة أو بأي وصف قانوني يمكن إطلاقه عليه وأحد هؤلاء المخالفين كان عضو مجلس إدارة شركة سعودية مساهمة تم حرمانه من عضوية الشركة وفُرض حضر عليه لمدة ثلاث سنوات وهذا أمر نراه إيجابيا في الوسط الاقتصادي. ولكن هذا الشخص حقق مكاسب قدرها 3.7 مليون ريال (986.6 ألف دولار) أرباحا نتيجة هذه المعلومات. والقرار صدر لتحويلها لحساب الهيئة وهذا التحويل غير مرحَّب به على الأقل من قبلي لأن هناك متضررا من عمل هذا العضو والهيئة تعرف ممن اشترى العضو الأسهم وإلى من باع ولديها رصد دقيق لعمليات السوق وتعرف المتضرر وحجم أضراره ويجب أن تعيديها إليه لا أن تحولها إلى حسابها وأن لا تتحجج كما هي العادة دائما أن على المتضرر اللجوء إلى القضاء أو إلى هيئة المنازعات، وفي رأيي أنه يجب إنصافه ما دام أنه قد تم ضبط من ظلمه.

الأمر الآخر أنني أرى أنه بعد انتهاء فترة الحظر أن يمكن المحظور من العمل في شركة واحدة فقط سواء كان موظفا أو عضو مجلس إدارة ولمدة ثلاث سنوات ليتم فحصه ومراقبة سلوكه وما إذا كانت العقوبة السابقة قد ردعته أم لا فحتى النشالين بعد خروجهم من السجن يطلب منهم شهادة حسن سيرة وسلوك تتم من مخفر الحي ونشلهم قد يكون قروشا أو ريالات أو مئات الريالات وهؤلاء نشلوا ملايين، ألا يحق لنا أن نطالبهم بشهادة حسن سيرة وسلوك.

* كاتب اقتصادي