ألف مرحبا.. للفكرة

سـعود الأحمد

TT

الزميل الأستاذ علي المزيد تحدث في هذه الزاوية أول من أمس (السبت) عن الغرامات التي تفرضها هيئة السوق المالية السعودية على المخالفين للنظام الذين يقومون بتنفيذ معاملات في السوق المالية بناءً على معلومات داخلية. مؤيدا فرض الغرامة (من حيث المبدأ)، ومعبرا عن ترحيبه بالإجراء ومعنونا مقاله بـ(مرحبا). ومستغربا من استفادة الهيئة من المخالفة في وقت يبقى المتضرر بلا تعويض.. وأعتقد أن هذه قضية غاية في الأهمية.

وأهميتها تنبع من أن المتضرر من المخالفة لم يُعوض عما أصابه، ولكن التعويض ذهب لطرف آخر غير متضرر (وهو هيئة سوق المال)!. وتحدث الزميل المزيد عن أن أحد المخالفين حقق أرباحا تصل إلى 3.7 مليون ريال (قرابة مليون دولار أميركي). وأنه وكما أن الهيئة لديها رصيد دقيق بالعمليات التي تمت وتستطيع معرفة الفاعل المستفيد، فإنه يمكنها معرفة المتضرر أو المتضررين من هذه العمليات غير القانونية. فلماذا يُطلب من المتضرر اللجوء للقضاء ما دام الحق واضحا وصاحبه موجودا؟!. وحيث لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص، أورد نص رأي المستشار السابق لهيئة سوق المال الأستاذ/ إبراهيم الناصري على هذه النقطة المنشور في جريدة «الجزيرة» بتاريخ 4 يوليو 2009 بما يلي «أكد المستشار القانوني إبراهيم الناصري أن نظام هيئة سوق المال يعطي الحق للمتضررين بالتعويض نتيجة مخالفات متداولين آخرين، إذا كان ذلك معلوما وثابتا للهيئة. وقال الناصري في معرض رده: إن العقوبات التي تُصدرها لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية تشمل تعويض الأشخاص الذين لحقت بهم أضرار نتيجة للمخالفة المرتكبة وهو نص المادة التاسعة والخمسين.. وغني عن القول أن الهيئة يمكنها معرفة المتضررين من هذه المعاملات غير المشروعة».

والخلاصة أن هناك غرامات كعقوبات نظير مخالفات وهي مبلغ المائة ألف ريال، هذه شأنها شأن المخالفات المرورية والبلدية. لكن لا ينطبق عليها ما ينطبق على التعويضات المدنية التي هي عبارة عن أرباح غير شرعية مستعادة. وإذا كان نظام هيئة سوق المال نص على أن المبالغ تسجل لحساب الهيئة، وبنهاية العام يورد ما لم تصرفه الهيئة لوزارة المالية؛ فإن ما ينبغي مراعاته أن هذه المبالغ لا يوجد مبرر لاعتبارها حقا للهيئة، فهذه أموال لها أصحاب حتى ولو لم يطالبوا بها. والمطلوب اليوم سرعة تعديل النظام بحيث يفرق بين الغرامة التي تفرضها الهيئة وتحصلها من المخالفين، كإيرادات للهيئة أو لحساب لوزارة المالية. وبين المبالغ التي اكتسبها المخالف كأرباح محققة جراء تعامله غير الشرعي مع متعاملين آخرين. بحيث تجنب هذه الأرباح في حساب خاص يحول مباشرة لمن تضرر من العمليات غير المشروعة. أو على الأقل يبقى مثل الحسابات الخاصة للصرف منها على الجوانب الخيرية كما هو الحال في النظام الأميركي Dormant Accounts ليصرف منه على جوانب ذات صفة خيرية. وعلى حد علمي فإن النظام الأميركي ينظم هذا الجانب بحيث يتم تعويض المتضررين من هذه المعاملات غير المشروعة، كما أن اللوائح التنفيذية البريطانيةFSA: Financial Service Authority نظمت هذا الأمر.. على أساس ألا تدخل مبالغ الأرباح المستعادة كإيرادات مكتسبة لهيئة سوق المال. وختاما.. فإن الكلمة لأصحاب الفتوى الشرعيين والقانونيين: في مسألة أن دخول هذه التعويضات المدنية لحساب الهيئة وهل فيه تعارض مصالح، لأن هذا ما يبدو لي (واضحا). حيث إن النظام جعل من مصلحة الهيئة كثرة المخالفات لتزداد معها إيراداتها!.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]