«صفقات الوقت» ترفع حركة الطيران الخاص 30% سنويا في الشرق الأوسط

لم يتأثر بالأزمة المالية إلا في حدود ركاب الشركات التجارية.. وسوقا السعودية والعراق الأنشط في المنطقة

تستخدم شركات الطيران الخاص أحدث التصاميم الداخلية في طائراتها («الشرق الأوسط»)
TT

في منطقة الشرق الأوسط تمضى ساعات الوقت سريعا، مع تقارب الزمن وسرعة الأعمال المتتالية، مع الحركة التنموية التي تعيشها المنطقة خلال الفترة الماضية، وازدياد حركة السفر بين بلدانها ومحطات العالم، مما يدخل المسافر في معركة مع الزمن.

ومع ازدياد أهمية ظرف الوقت وارتفاع قيمته، وازدحام الحركة على شركات الطيران التجاري ومطاراتها في المنطقة، بات الأمر ملحا لإيجاد بدائل تنهى صفقات الوقت في زمن طفرة الأعمال ذات القرار السريع.

وتتمثل البدائل في إيجاد وسائل طيران أخرى، مما جعلها الخيار الأول للمسؤولين في الحكومات ورجال الأعمال والمرضى، والذي لا يتقبلون جملة «لا توجد مقاعد شاغرة»، في سبيل توجههم لأي محطة جديدة لإنهاء أعمالهم بمختلف إشكالها.

الطيران الخاص سجل نفسه كبديل وحيد لتخفيض خسارة الوقت بنسبة 80 في المائة، للمسافرين من مسؤولين الحكومات أو رجال الأعمال أو حتى المرضى الذين هم بحاجة إلى وسائل نقل مجهزة لتلبية احتياجاتهم.

وبات الطيران الخاص يشكل ظاهرة عند تلك الفئات من المسافرين، حيث سجل نموا خلال الفترة الماضية بنسبة تعادل 30 في المائة سنويا، ليواكب نمو الأعمال والطفرة الاقتصادية بالمنطقة. وسجلت محطة العاصمة العراقية بغداد نقطة تحرك من وإلى بشكل نشط بحسب ما يؤكده عاملون في القطاع.

فهد ولي كرمستجي مدير إدارة المبيعات في شركة «رويال جت» الإماراتية للطيران الخاص يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، فيقول «إن الطيران الخاص ساهم بشكل كبير في إدارة الوقت وتحقيق الأهداف لدى كبار الشخصيات والتنفيذيين في الحكومات والشركات، بالإضافة إلى رجال الأعمال، وذلك لقصر المدة التي يحتاجها المسافر من تلك الفئة».

فيما تشير تقديرات شركة «بوينغ» عملاق صناعة الطيران الأميركي إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر واحدة من أكبر أسواق الطائرات الخاصة برجال الأعمال خارج الولايات المتحدة، حيث بلغ عدد طائرات الشخصيات الموجودة حاليا والمطلوبة في المنطقة نحو 485 طائرة.

وأشارت «بوينغ» إلى أنها تستحوذ على 57 في المائة من سوق طائرات الشخصيات المهمة ذات الممر المفرد، وعلى 64 في المائة من الطائرات الثنائية الممرات، مما يفيد بأن المنطقة تضم أكبر عدد من طائرات بوينغ للشخصيات المهمة في العالم.

وتحتل السعودية المرتبة الأولى من حيث عدد طائرات الشخصيات المهمة حسب ما تشير إليه تقديرات «بوينغ»، حيث تعتبره أحد الأسواق الاستراتيجية ذات الأولوية العالية لها. ووفقا للتقديرات فتشكل السعودية 60 في المائة من سوق الطيران الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حسب ما يذكره كرمستجي، وذلك نظرا لحجم الحركة التجارية والاقتصادية التي تعيشها المملكة خلال الفترة الماضية، في الوقت الذي تحل فيه الإمارات ثانيا، فيما تعد باقي دول الخليج العربي، ومصر والأردن ولبنان، من الدول التي تشهد حركة نشطة في قطاع الطيران الخاص.

وتدخل العراق في وصف أنشط الأسواق، بعد ارتفاع معدلات النمو على السفر بالطيران، حيث يؤكد مدير مبيعات «رويال جت»، أن شركته أول شركة طيران خاص هبطت في العراق بعد الأحداث الأخيرة، مؤكدا في الوقت ذاته أن محطة بغداد أصبحت من أكثر من المحطات طلبا خلال الفترة الأخيرة، وذلك لحجم الأعمال الذي تستهدفه شركات العالم للعراق.

عاملون في قطاع الطيران الخاص يؤكدون أن عددا من العوامل دفعت العديد من المسؤولين في الحكومات ورجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين في الشركات التجارية إلى استخدام الطيران الخاص في تنقلاتهم العملية، والتي يعتبر «الوقت» أحد المسببات الرئيسية لاستخدام الطيران الخاص.

واستشهد كرمستجي بمثال رحلة بين الرياض والقاهرة تستغرق 48 ساعة في الطيران التجاري ما بين حضور للمطار والانتظار للصعود إلى الطائرة، في حين تستغرق كل تلك العملية 4 ساعات في الطيران الخاص بين التوجه للمطار والانتظار لصعود الطائرة، الأمر الذي يوضح الفارق الكبير بين الزمن في الطيران الخاص والطيران التجاري.

وأكد أن تكلفة الطيران الخاص تبنى على عدد ساعات الرحلات بين نقطة الانطلاق وبين نقطة الوصول، وتختلف بين طائرة وأخرى، حيث تتراوح أسعار الساعة الواحدة في الطائرات الصغيرة بما يقارب 4500 دولار و18 ألف دولار.

وأشار إلى أن إحجام الطائرات يتراوح ما بين 7 ركاب إلى 52 راكبا، مبينا أنه يمكن تعديل التصاميم الداخلية حسب رغبة العميل، حيث يتم إضافة غرف نوم أو قاعات اجتماعات، أو تكون مجهزة بالأجهزة الطبية والتي تستخدم في نقل المرضى.

وأضاف أن انخفاض الطلب جاء بسبب تغيير الشركات التجارية لسياسة استخدام الطائرات الخاصة للتنفيذيين والمديرين، في الوقت الذي استمر فيه الطلب من القطاعات الحكومية ورجال الأعمال، إضافة إلى الطلب على الطائرات المجهزة بالأجهزة الطبية، والتي تستخدم في حالات الإخلاء الطبي.

وقال كرمستجي إن تأثر سوق الطيران الخاص في منطقة الشرق الأوسط بالأزمة المالية التي يشهدها العالم كان طفيفا، معللا ذلك بأن دول الخليج العربي كانت الأقل تأثرا بالأزمة، إلا أنه أشار إلى أن التأثير الأكبر في حركة الطيران عانت منه الشركات التجارية. وأفاد أن كبار المسؤولين في حكومات الدول ورجال الأعمال ونقل المرضى لا تزال تواصل نموها بشكلها الاعتيادي. وأكد أن المميزات التي تقدمها شركات الطيران الإضافية تساهم في عملية جذب المسافرين لاستخدام الطيران الخاص، والتي تتمركز في نقل من وإلى المطار باستخدام وسائل عدة منها طائرة الهيلكوبتر، والسيارات الفاخرة والتي توصل المسافر لباب الطائرة.

وأوضح أن شركته سعت إلى تعزيز أسطولها من خلال شراء طائرات جديدة ستدخل ضمن أسطولها في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن أسعار طائرات الطيران الخاص تتراوح بين 20 مليون دولار و40 مليون دولار.

وكانت بوينغ قد أطلقت أحدث طائرتها «بي بي جي» مؤخرا، حيث أشارت الشركة إلى أن الطائرة الجديدة ستعمل على تخفيض استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 2 في المائة.

وشهدت ساحة الطيران في منطقة الشرق الأوسط تحالفا استراتيجيا بين الشركة العربية لخدمات الطائرات «عرباسكو» وشركة «رويال جت» المتخصصة في الطيران الخاص في منطقة الشرق الأوسط والعالم، تشكيل تحالف تجاري وتشغيلي بينهما، لتقديم خدمات تأجير الطائرات الخاصة وخدمات السفر داخليا وخارجيا من السعودية.

وعن هذا التحالف أشار كرمستجي مدير مبيعات شركة رويال جت للطيران الخاص إلى أن شركته سعت للحصول على رخصة في السعودية، إلا أن إصدارها تأخر، في الوقت الذي رأت فيه «رويال جت» الدخول مع شريك استراتيجي لدعم عملياتها في المملكة، وهو ما دفعت شركته للتحالف مع «عرباسكو».

وأكد أن التحالف من شأنه أن يساعد شركته في العمل من خلال المطارات السعودية حيث ستقدم «عرباسكو» الدعم اللوجستي لـ«رويال جت»، الأمر الذي من شأنه أن يزيد في عمليات الشركة في المملكة.