مصر: عودة التوتر لسوق الإسمنت وسط اتهامات لموزعين برفع الأسعار

الحكومة مدت حظر تصديره إلى أكتوبر 2010.. ومنتجوه يتجهون لاستيراده

TT

توتر بسوق الأسمنت في مصر دفع منتجين للاستيراد والبيع دون هامش ربح، واتهام موزعين برفع الأسعار من خلال تقليل المعروض. وبعد أشهر قليلة من انخفاضها، بدأت أسعار الأسمنت في التصاعد مرة أخرى، ما دفع الحكومة أمس إلى الضغط أكثر على الشركات المنتجة، وقيامها بمد حظر التصدير، من أغسطس (آب) المقبل، إلى العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2010.

متعاملون في السوق العقارية المصرية قالوا إن سعر الطن وصل إلى 650 جنيها، وأشاروا أنه وفقا للأسعار المعلنة من قِبل الشركات فإن سعر البيع هذا أعلى من السعر الرسمي بنحو 125 جنيها للطن.

وتبادل صناع وموزعون الاتهامات حول المتسبب في رفع الأسعار، إلا أن ما حدث مؤخرا من ضبط 210 حالات مخالفة لتجار توزيع الأسمنت تشير إلى أن المتسبب في رفع الأسعار عدد من التجار، وذلك بعد أن ثبت للجهات الرقابية مخالفات تخص تخفيض الكمية المعروضة ورفع الأسعار.

من ناحية أخرى أخطرت مجموعة السويس للأسمنت قطاع التجارة الداخلية بوقف التعامل مع ثلاثة من كبار تجار الأسمنت بسبب قيامهم بالبيع بأكثر من السعر المعلن من قبل الشركة.

«قلة المطروح من الأسمنت أدت إلى ارتفاع أسعاره، واتجاه التجار إلى التحكم بشكل كبير في أسعار البيع»، هذا ما أكده لـ«الشرق الأوسط» زياد محمود (مسؤول تنفيذي بشركة «بدر» العقارية)، وقال إن الشركات توجه أغلب إنتاجها إلى شركات المقاولات التي توقع معها اتفاقيات توريد مسبقة، وهو ما أدى إلى قلة الأسمنت في السوق الذي يوجه إلى شركات المقاولات الصغيرة وإلى الأفراد، وبخاصة مع الطفرة التي تشهدها صناعة البناء في مصر على مستوى الشركات والأفراد.

أحمد الزيني رئيس قطاع مواد البناء والتشييد باتحاد الصناعات المصرية، قال إنه سيتقدم بطلب لإنشاء شركة جديدة تملكها الحكومة تكون مسؤولة عن توزيع الأسمنت المنتج محليا، وتضم مجلس إدارة يتكون من شركات إنتاج الأسمنت وتجار الأسمنت، وذلك لإنهاء «الفساد» في قنوات التوزيع.

وفي خطوة قد تؤثر إيجابا على أسعاره في السوق، أبدت شركات الأسمنت استعدادها لاستيراد مليون طن من الأسمنت خلال الشهرين القادمين. وتقوم أكبر شركتين لصناعة الأسمنت في مصر بتأسيس شركتين لاستيراد الأسمنت من الخارج وهما «السويس للأسمنت» و«لافارج للأسمنت». وغرض هاتين الشركتين تضييق الفجوة بين العرض والطلب. وقالت الدكتورة منى بكر رئيس قطاع التوزيع بشركة «لافارج مصر»، إن الشركة ستقوم خلال ثلاثة أيام باستيراد نحو 70 ألف طن من الأسمنت قادمة من تركيا، وسيتم طرحها في السوق بسعر تكلفة الاستيراد فقط، وأشارت إلى أنه سيتم توزيع الأسمنت من الميناء مباشرة لأي شخص يحمل تصريحا للبناء في مصر دون تدخل تجار التوزيع.

كما ستقوم «شركة الإسكندرية بني سويف (مجموعة تيتان)» بالتعاقد على استيراد كمية تصل إلى 250 ألف طن أسمنت، يتم استيرادها على مراحل حتى نهاية سبتمبر (أيلول) 2009. وأبدت الشركة استعدادها للتعاقد على كميات أخرى في حالة استمرار الزيادة في الطلب المحلي. كما أعلنت مجموعة السويس عن تعاقدها لاستيراد كميات من الكلنكر، وهي مادة خام تدخل في صناعة الأسمنت، من الخارج تصل إلى 25 ألف طن منها 7 آلاف طن سيتم جلبها من كرواتيا هذا الأسبوع، فيما تتوالى باقي الكميات خلال الأسابيع القادمة.

إلا أن ما يحدث في سوق الأسمنت في مصر ما زال غامضا، على حد تعبير غادة رفقي المحللة المالية المتخصصة في شركات الأسمنت بشركة «سي آي كابيتال». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن هناك حلقات مفقودة هي التي أدت إلى ارتفاع أسعار بيع الأسمنت في مصر، أو أن تعدد مراحل بيع الأسمنت، الذي يمر من المصنع إلى شركات التوزيع بالجملة والقطاعي، هي التي أدت إلى تلك الحالة التي تعيشها السوق».