الاقتصاد الصيني يتحدى التباطؤ العالمي ويرتفع بنحو 8% خلال الربع الثاني

واشنطن وبكين تطلقان مشروعا للسيارات والمباني النظيفة

TT

استجمع الاقتصاد الصيني قواه في الربع الثاني بفضل خطة التحفيز المالي الهائلة، الأمر الذي يجعل تحقيق هدف الحكومة بتسجيل نمو بنسبة ثمانية في المائة خلال عام 2009 بأكمله أمرا ممكنا. وتسارعت وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الربع الثاني لتصل إلى 7.9 في المائة مقارنة مع 6.1 في المائة في الربع الأول، مما يجعل الصين أفضل الاقتصادات الكبرى أداء على المستوى العالمي. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا نموا بمعدل 7.5 في المائة. وأشارت مجموعة من البيانات صدرت خلال يونيو (حزيران) عن المكتب الوطني للإحصاءات إلى أن الاقتصاد يعوض تراجع الصادرات عن طريق الطلب المحلي ـ لكل من الاستثمار والاستهلاك ـ مدعوما بحزمة تحفيز ضخت أربعة تريليونات يوان (585 مليار دولار) وبمعدل قياسي لأنشطة الإقراض بالبنوك. وقال دانيال سو الاقتصادي لدى «فوركاست ـ سنغافورة» إن «الأمر مشجع للغاية. ويبدو هدف تحقيق نمو بنسبة ثمانية في المائة ممكنا». وأضاف: «يتضح الآن أن حزمة التحفيز المالي عوضت انكماش نشاط التصدير». إلا أن مكتب الإحصاءات حذر من أن الانتعاش الدائم غير مؤكد بعد. وقال إن «قاعدة الانتعاش لا تزال ضعيفة. والقوة الدافعة للنمو غير مستقرة».

ونمط الانتعاش غير متوازن، ولذلك لا يزال هناك عوامل متقلبة وغير مؤكدة في عملية الانتعاش. نما معدل الاستثمار في الأصول الثابتة بالمدن 33.6 في المائة خلال النصف الأول مقارنة مع 32.9 في المائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، بينما تسارعت وتيرة نمو الإنتاج الصناعي إلى 10.7 في المائة خلال عام حتى يونيو (حزيران) مقارنة مع 8.9 في المائة في 12 شهرا حتى مايو (أيار) ليتجاوز بذلك توقعات محللين حددت النمو عند 9.4 في المائة. وسجلت مبيعات التجزئة التي تشير إلى الاستهلاك بصورة تقريبية ارتفاعا بنسبة 15.0 في المائة في يونيو (حزيران) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بعد أن سجلت زيادة بنسبة 15.2 في المائة في مايو (أيار). وقال اقتصاديون إن البيانات منحت الصين الفرص كافة لتحقيق نمو بنسبة ثمانية في المائة خلال عام 2009 بأكمله، وهو الحد الأدنى اللازم للإبقاء على معدل البطالة منخفضا. ورفع بنك «اتش. اس. بي. سي هولدنجز»، أكبر بنك في أوروبا، من توقعاته بشأن النمو في الصين إلى 8.1 في المائة من 7.8 في المائة بعد صدور البيانات. وكذلك عدل البنك توقعاته لعام 2010 بالزيادة من 8.5 في المائة إلى 9.5 في المائة.

من جهة أخرى، أطلقت الصين والولايات المتحدة أكبر، دولتين مسببتين للتلوث في العالم الذي يلقى عليه باللوم في الاحتباس الحراري، جهدا بحثيا مشتركا أول من أمس الأربعاء لإنتاج سيارات وإقامة مبان أكثر كفاءة في استهلاك الوقود. وقال وزير الطاقة الأميركي ستيفن تشو في إفادة صحافية مع مسؤولين صينيين: «أعرف أننا نستطيع أن نحقق بالعمل معا أكثر مما نحققه إذا عملنا بشكل منفرد». وقال تشو إن الولايات المتحدة والصين ستلتزمان مبدئيا بتقديم 15 مليون دولار للمشروع الذي سيركز أيضا على تكنولوجيا جديدة لتقليل وحبس انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الفحم. وقال إن البلدين كليهما يعتمدان بكثافة على الفحم، أكثر وقود أحفوري مشبع بالكربون، وستستمران غالبا في ذلك لبعض الوقت. وركز تشو ووزير التجارة الأميركي جاي لوكي ـ كلاهما أميركي من أصل صيني ـ على تعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة مع الصين في أول رحلة لهما إلى العملاق الآسيوي منذ الانضمام إلى حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وفاقت الصين منذ وقت قريب الولايات المتحدة كأكبر دولة مسببة للتلوث بالغازات الضارة في العالم، والاثنتان معا تنتجان نحو 40 في المائة من ثاني أكسيد الكربون الذي يضخ في الهواء كل عام. ويعتبر التعاون بين الدولتين جوهريا إذا وافقت كلتاهما على معاهدة دولية جديدة للحد من الانبعاثات الغازية الضارة عندما يلتقيان في كوبنهاغن في شهر ديسمبر (كانون الأول). وقال وان جانج وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني: «كلا الجانبين أعرب عن رغبته في مواجهة التحديات العالمية لمكافحة تغير المناخ ونقص الطاقة». وقال تشو لمستشار الدولة الصيني ليو ياندونغ إنه من الممكن زيادة كفاءة استهلاك الطاقة أربعة أو خمسة أمثال في المباني الجديدة «بنفس السعر». وقال تشو إن العمل على «سيارات الغد الموفرة للوقود» ومشروعات الطاقة النظيفة الأخرى سيخلق أيضا الملايين من فرص العمل في كلا البلدين.