الأردن: خطوات لتقليص النفقات لمواجهة عجز الموازنة

348 مليون دينار عجز الموازنة العامة في 5 أشهر

TT

قال اقتصاديون إنه على الرغم من تفاقم عجز الموازنة العامة والتوقعات المتعلقة بتجاوزه حاجز المليار دينار ما، يعادل 1.4 مليار دولار، فإن الحكومة لم تقابل تلك الظروف الاستثنائية بجهود مماثلة لضبط العجز.

وسجلت الموازنة العامة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي عجزا ماليا بنحو 348.3 مليون دينار مقابل 97.3 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من العام السابق، وإذا ما تم استثناء المساعدات الخارجية، فإن العجز المالي يبلغ 444.2 مليون دينار مقابل عجز مالي بلغ نحو 223.5 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من العام السابق.

وكانت وزارة المالية الأردنية قد نسبت إلى مجلس الوزراء تخفيض النفقات الرأسمالية بقيمة 170 مليون دينار، من خلال تأجيل مشروعات لوزارات ومؤسسات.

كما أكد وزير المالية الأردني باسم السالم أن «الوزارة بدأت خطوات جدية لتقليص النفقات، مشيرا إلى أن الحكومة لم تتخذ قرارا بهذا الصدد بعدُ بانتظار إجراء حوار مع الوزارات والمؤسسات حول المشرعات المقترح تأجيلها.

وقال وزير الصناعة السابق واصف عازر إن «جذور الموضوع تعود إلى الحجم الكبير الذي تشكله مساهمة الحكومة في الناتج المحلي الإجمالي ببلوغها 50 في المائة، و60 من الناتج عند إضافة موازنة المؤسسات المستقلة والبلديات».

واعتبر عازر تلك الأرقام غير منطقية ولا تتناسب مع الطموحات التي كانت في الماضي الرامية حينها إلى ترشيق الجهاز الحكومي لضبط نفقاته.

وانتقد عازر «استمرار الحكومة في الاعتماد على المساعدات وكأنه إيراد رئيسي وثابت ويتم على أساسه بناء الموازنة».

ومن أولويات البرامج الوطنية التي تم تبنيها محليا بعد أن تم الانتهاء من برنامج التصحيح الاقتصادي عام 2006 بعد تعافي الاقتصاد من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية التي تعرض لها الأردن في 1989 وتأثيراتها، هو ضبط العجز في الموازنة لنسب لا تتجاوز 3 في المائة.

وأرجع أمين عام وزارة المالية، عز الدين كناكرية، ارتفاع العجز إلى هذا المستوى إلى تباطؤ حصيلة الإيرادات العامة التي سجلت نموا طفيفا بلغ 4.5 في المائة، إلى ارتفاع النفقات العامة بنسبة 17 في المائة وذلك بسبب إقرار موازنة العام الحالي في وقت مبكر وبدء الصرف منها مع بداية العام.

وأوضح في التصريح ذاته، أن الإيرادات المحلية والمساعدات الخارجية بلغت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي نحو 1990 مليون دينار، في حين بلغ إجمالي الإنفاق نحو 2338 مليون دينار.

وقال عازر إن «تمويل العجز في الموازنة العامة من خلال الاقتراض محليا بات يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي نتيجة مصارعة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول على التسهيلات الائتمانية».

ورأى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الحكومة تتخذ إجراءات متأخرة في العادة، وهو ما ينطبق عليها في موضوع السيطرة على تفاقم عجز الموازنة، مشيرا إلى أنه لم يتم تطبيق إجراءات فعلية تثبت صدق النوايا لضبط النفقات والتأقلم مع الأوضاع الجديدة.

وحول توجه وزارة المالية نحو تأجيل بعض المشرعات الرأسمالية، قال عايش إن «تلك البرامج لا تزال على الأوراق، وهناك كثير من المشرعات الرأسمالية نسبة الإنجاز فيها متدنية، وبالتالي النتائج ليست كبيرة، خاصة أن القرار يتخذ بعد مرور 7 أشهر من السنة المالية».

غير أن المسؤولين الحكوميين يبدون انزعاجهم من تراجع الإيرادات المحلية نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني، التي ستخفض حاصلات إيرادات الخزينة عما هو متوقع.

أما الخبير الاقتصادي الدكتور هاني الخليلي، فيؤكد على ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، وبما يسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني.

واعتبر أن أحد أسباب تراجع الإيرادات للخزينة جراء تراجع النشاط الاقتصادي هو عجز الموازنة نتيجة الاقتراض من السوق المحلي، بدلا من تلقي القطاع الخاص تلك الأموال وتوفيرها في أنشطة اقتصادية تعود بالنفع على الاقتصاد الكلي.

ودعا الخليلي إلى ضرورة ترتيب أولويات النفقات بشكل يسهم في ضبطها ويخفض من مستويات العجز.

وبخصوص تطورات المديونية العامة، قال كناكرية إن «الرصيد القائم للدين العام الخارجي في نهاية مايو (أيار) الماضي قد انخفض إلى نحو 87 مليون دينار مقارنة بنهاية مايو (أيار) من العام الماضي، أما صافي رصيد الدين العام الداخلي فقد سجل ارتفاعا بمقدار 309 ملايين دينار خلال الفترة نفسها، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع صافي الدين العام إلى نحو 222 مليون دينار».

أما فيما يتعلق بنسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي فقد بين كناكرية أن النسبة بلغت 57.2% مقابل ما نسبته 60.3% للفترة نفسها من العام الماضي.

وكانت آخر إحصائية للبنك المركزي قد أشارت إلى أن حجم المديونية قد بلغ مع نهاية الثلث الأول من عام 2009 الحالي 8.663 مليار دينار أردني (نحو 12.2 مليار دولار) منها 5.150 مليار دينار (نحو 7.27 مليار دولار)، دين داخلي.