«سابك» المسكينة

TT

رغم أن العالم ينظر إلى «سابك» كشركة عالمية في مجال البتروكيماويات، أو قل في المجال الصناعي، ويرون أنها محظوظة جدا، إذ إنها تقيم مصانعها على أعلى احتياطي بترولي في العالم، ويرون أن ذلك يمثل ميزة تنافسية عالية لـ«سابك»، فإن البعض في الداخل لا يزال يراها الشركة الصغيرة التي بدأت في شقة في شارع المطار القديم بالرياض. الشركة التي بدأت في شقة أصبح لها نحو 19 شركة تابعة، وأصبح إنتاجها نحو 100 مليون طن متري، وامتدت شركاتها لتصل أوروبا وأمريكا، بل ومعظم المناطق الهامة في العالم، ومع ذلك يشكك البعض في جميع صفقات «سابك»، وكان آخرها شركة الصناعات البلاستيكية المبتكرة، حيث علق على هذه الصفقة «كل من هب ودب»، ومن يفقه ومن لا يفقه، وانتقدوها أشد انتقاد، ومثل ذلك يقال عن الشركة الهولندية التي اشترتها «سابك» في وقت سابق، وانتقدت أيما انتقاد في حينه، حتى أنهم أخرجوا «سابك» وإدارتها بمفهوم من لا يعي ولا يفقه، ومع ذلك أصبحت الشركة الهولندية تدر أرباحا وتكسب وترد على كل الذين شككوا في نجاح الصفقة، ولربما كانت صفقة شركة البلاستيك المبتكرة نسخة مكررة من الصفقة الهولندية.

نعم لو تريثت «سابك» لحصلت على سعر أقل للصفقة بحكم الأزمة العالمية، ولكن جميع الاقتصاديين يؤكدون أن لا أحد يستطيع التوقيت للسوق، وبدقة متناهية، إذ إن عوامل السوق متعددة، وقد يختلف عامل في اللحظات الأخيرة ويقلب المعادلة من السلب إلى الإيجاب، أو العكس، فتنجح أو تفشل الصفقة، ونحن في بلادنا العربية نطلق على ذلك التوفيق أو قلته. فحينما اشترت «سابك» الشركة كانت المعطيات تشير إلى أن الصفقة جيدة، ولكن الأزمة أثرت على الصفقة وأثرت على كل شيء أيضا، وهو أمر خارج عن يد الجميع، وهو ما أشرت إليه بالعامل المتغير، مسؤولو «سابك» منذ بدأت الأزمة يصرحون بأنهم على استعداد لشراء أي فرصة متاحة، وكان البعض ينظر إليهم بنظرات الشك والريبة، هل هم قادرون على تمويل سيولة كافية ودخول شراكات جديدة في العالم، رغم الأزمة، أم أن ذلك مناورات يطلقها مسؤولو «سابك» لتبيين أن شركتهم قوية. ما حصل أن الشركة بدأت تبني مصنعا جديدا في الجبيل مع «أجاكسون» الأمريكية، وأبرمت اتفاقيات مع شركات صينية لإنشاء مصانع بتروكيماويات في الصين.

ما الذي يجعل صفقات «سابك» غامضة. أظن أن على مسؤولي «سابك» أن يفرجوا عن كم هائل من المعلومات حتى يضعوا الناس معهم على الطريق.

«سابك» شركة البتروكيماويات العالمية، يتم تداولها في سوق الأسهم السعودية عند مكرر 12 مرة، بينما مثيلاتها في العالم يتم تداولها على 23 مرة. ألم أقل لكم إن «سابك» مسكينة، وإن مسؤوليها يطلقون التصريحات الواحد تلو الآخر لتبيان أن شركتهم قوية وناجحة، ومع ذلك ينظر لهم بعين الريبة.

* كاتب اقتصادي [email protected]