تقرير اقتصادي يرجح أن تكون الصكوك وسيلة رئيسية للتمويل في السعودية

«جدوى للاستثمار»: 4 عوامل ستسهم في نمو العرض والطلب

خيار «الصكوك» بات الحل الأمثل في الوقت الحالي للحصول على التمويل في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

رجح تقرير اقتصادي صدر أمس أن تكون سوق الصكوك السعودية الوسيلة الرئيسية لتمويل الشركات، ومدخلا لتنويع المحافظ الاستثمارية بالنسبة إلى المستثمرين، عطفا على النمو الكبير الذي حققته سوق الصكوك خلال السنوات الماضية.

وقال تقرير الصادر من شركة «جدوى للاستثمار»، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن إنشاء سوق ثانوية للصكوك تعمل آليا بنظام أوامر البيع والشراء، لن يؤدي بمفرده إلى إحداث تحول في سوق الصكوك، ولكنه يُعتبر خطوة ضمن عملية طويلة تستهدف تعزيز سوق الدين في المملكة.

وأشارت «جدوى» في تقريرها إلى أن إجراء عمليات تطوير في سوق الصكوك من حيث الانتشار والعمق يُعتبر مسألة «في غاية الأهمية»، إلا أنها ذكرت أنه من غير المعروف المدى الزمني الذي قد تستغرقه هذه العملية، لافتة إلى أن الظروف الحالية التي تشهد صعوبة في الحصول على التمويل ستقود إلى تسريعها.

وربط التقرير ارتفاع حجم المعروض والمطلوب من الصكوك، في ظل النظام الجديد لتداول الصكوك، بـ4 عوامل، يتمثل العامل الأول في إمكانية التنبؤ بالعائدات وتنويع المحافظ الاستثمارية، حيث دفع انهيار سوق الأسهم العام الماضي المستثمرين إلى التفكير في الاستثمار في أصول يمكن التنبؤ بعائداتها مثل الصكوك، إضافة إلى أنها تلعب دورا مهما في تنويع المحافظ الاستثمارية في ضوء محدودية القنوات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين في المملكة.

في حين يتمثل العامل الثاني في المشكلات المتعلقة بتأمين التمويل من المصادر التقليدية، حيث تلجأ الشركات إلى سد حاجتها من التمويل عبر وسيلتين هما الاقتراض من البنوك والاكتتابات الأولية، مشيرة إلى أن البنوك أصبحت شديدة التردد في تقديم القروض، كما أن الاكتتابات لم تعد جذابة بسبب تدني تقييمها ما جعل إصدار الصكوك مصدرا مهما للتمويل.

في الوقت الذي وصف فيه تقرير «جدوى للاستثمار» بعدم التكافؤ في الميزانية العمومية للشركات، مبينا أن القروض المصرفية طويلة الأجل لا تتوفر بصورة كافية، ما يعرّض الشركات التي تقترض لتمويل مشاريع طويلة الأجل لمشكلة عدم التكافؤ بين الموجودات والمطلوبات في ميزانياتها العمومية، مؤكدا أن إصدار الصكوك طويلة الأجل سيخفف من حدة هذه المشكلة.

وذكر أن الإصدارات القادمة في الطريق عامل رابع في عمليات نمو حجم المعروض والمطلوب للصكوك في السعودية، وذلك في أعقاب إصدارَي الصكوك الناجحَين مطلع هذا العام، حيث أعلنت شركات محلية أخرى وكذلك حكومات بعض الدول الخليجية عن نيتها إصدار صكوك.

وقال التقرير إنه على الرغم من المستقبل المبشر للصكوك، فإن ذلك لا يُغني عن وجود تحديات كبيرة قد تعيق نمو هذا النشاط، يتمثل أولها في ضآلة حجم سيولة الصكوك الفعلية حيث لم يتجاوز عدد الصفقات خلال الشهرين الأولين من إطلاق التداول في سوق الصكوك 50 صفقة.

وذهبت «جدوى» في تقريرها إلى أن العائق الثاني يتمثل في افتقار السوق إلى الاتساع والعمق، ومثلت ذلك بوجود 5 صكوك مدرجة في سوق المال المحلية، ولا تتوفر أي مؤشرات على أن الحكومة بصدد إصدار صكوك بطريقة نشطة، مبينا أنه بصفة عامة يعتبر الدعم الحكومي عاملا أساسيا في تطوير أسواق الدين.

وأكدت وجود مشكلات جادة تتعلق بقلة الكوادر البشرية المؤهلة العاملة في مجال الصكوك، وعدم وجود نظام معايير موحد متوافق مع الضوابط الشرعية وضعف المقدرة على ابتكار منتجات جاذبة. ولفت التقرير إلى أن السوق العالمية للصكوك تنامت واتسعت بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، حيث قفزت قيمة الصكوك المتداولة من 8 مليارات دولار عام 2003 إلى 100 مليار دولار عام 2008.

وبينت «جدوى» أن الشركات والحكومات توظف الصكوك للحصول على التمويل والسيولة، بل وتعتبرها أدوات دين متوافقة مع الضوابط الشرعية وهي توفي باحتياجات المستثمرين لتنويع المحفظة الاستثمارية، مشيرة إلى اعتقادها أن الظروف مواتية حاليا لتحقيق دفعة قوية في إصدارات الصكوك وتداولها، خصوصا أن نمو سوق أدوات الدخل الثابت في المملكة يُعتبر ضعيفا بالمقارنة مع نمو سوق الأسهم. وأوضحت أن السعودية وضعت أهم الخطوات في هذا الصدد، من خلال قيام شركة السوق المالية السعودية «تداول» في منتصف يونيو (حزيران) الماضي بإنشاء سوق ثانوية للصكوك تعمل آليا بنظام أوامر البيع والشراء، على عكس النظام السابق القائم على تداول الصكوك في سوق موازية (بورصة خارج السوق الرسمية).

وبيّن التقرير أن سوق الصكوك في السعودية لا يزال وليدا، حيث لم تُطرح حتى الآن غير 5 صكوك للجمهور أصدرتها شركتان هما «سابك» و«الشركة السعودية للكهرباء»، بالإضافة إلى عمليات الطرح الخاص التي أصدرها «البنك السعودي الهولندي» و«شركة دار الأركان» وشركة «مجموعة بن لادن». وبينت أنه تم إطلاق سوق إلكترونية لتداول الصكوك في أغسطس (آب) 2006، وكان أول إصدار فيها صكا لشركة «سابك»، حيث كان التفاوض في تلك السوق يقتضي عقد الصفقات خارج البورصة، ولم يكن يتضمن نظاما لتنفيذ أوامر البيع والشراء. وذكرت أن معظم الصفقات تتم عبر إدارات الخزانة في البنوك المحلية، مشيرة إلى أن غياب العمق في السوق (قلة الإصدارات وانخفاض قيمتها) وانعدام الشفافية ونقص المعلومات التاريخية عن التداول دفع إلى جعل تداول الصكوك ضعيفا جدا، حيث لم يتعدَّ عدد صفقات بيع الصكوك المنفذة طوال عام 2008 نحو 85 صفقة، لم تتجاوز قيمتها 1.3 مليار ريال (347 مليون دولار)، بينما تداول سوق الأسهم نحو 52 مليون صفقة، زادت قيمتها عن تريليونَي ريال (533 مليار دولار) خلال نفس الفترة.