ملامح لبيئة ملائمة للاستثمارات المالية

سـعود الأحمد

TT

ماذا تعني للاقتصاد الذكرى الرابعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وكيف يقرأ المستثمرون هذه الملامح والشواهد على الاستقرار السياسي، فالاستقرار عامل أساسي لجذب الاستثمارات المالية الأجنبية وتوطينها. وهو نعمة في جسم الكيان السياسي كالصحة في جسم الإنسان، التي أشبه ما تكون بالتاج الذي على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.

كنت أتحدث مع رجل أعمال لبناني الجنسية أواخر عام 1990، وتناولنا في حديثنا الأوضاع السياسية والحرب بمنطقة الخليج في تلك الفترة، وكان الرجل ممن يملكون المال والخبرة، لكنه لا يستطيع أن يستثمر في لبنان آنذاك، بسبب الحرب الأهلية. ومما قال لي: أنتم في السعودية تعيشون نعمة الاستقرار لكنكم لا تعرفون قدره لأنكم لم تجربوا العيش بدونه.

والاقتصادي المتابع لما ينشر ويبث عبر مختلف وسائل الإعلام بالداخل والخارج، يستطيع أن يقرأ معنى هذه المشاعر وانعكاسها الإيجابي على الوضع الاقتصادي السعودي، وكفاءة البيئة الاستثمارية لهذا البلد، وجذبها للاستثمارات الأجنبية. فمشاعر محبة الشعب للقيادة، ليست مجرد شعور تقليدي متوارث. لكنها قناعة موضوعية ومؤشر حقيقي يؤكد على أن البيئة الاقتصادية السعودية في مرحلة بناء وتطوير، بعيدا عن عبث التقلبات والتغييرات السياسية. فما أجمل أن تجلس مع نفسك لتقارن الفترات بين العقود والسنوات والأشهر، وتجد اللبنات توضع لبنة بعد أخرى، والمشاريع ترصد لها الاعتمادات ويصرف منها بندا بعد آخر. والبنى التحتية تعزز بخدمات الطرق البرية والحديدية والمستشفيات والجامعات، وعقود بناء المدارس الحديثة تبرم مع الصين واليابان وأوروبا وغيرها. عوضا عن التوقف عن البناء والانشغال بحملات الانتخابات والسياسات. ليس بالضرورة أن تكون نفقات الحكومة ممثلة في مساعدات نقدية تسلم للمواطن ضمنا أو تضاف لراتبه الشهري المحول في حسابه البنكي. فالمواطن الواعي هو الذي يسعد إذا سافر إلى منطقة غير منطقته أو بلدة نائية، ووجد المعدات تعمل لشق الطرق البرية لربط المدن والبلدات ببعضها، لتسهل عليه الوصول بسيارته للمكان الذي يريد، بجهد وتكلفة أقل، ووجد المعدات الضخمة تحفر في الصحراء البعيدة لتعبد الطريق لبناء السكك الحديدية التي ستنقله وتنقل البضائع والمنتجات الزراعية التي سيستهلكها فيما بعد بيسر وسهولة وبتكلفة أقل إلى مختلف أطراف ومناطق المملكة، ووجد وزارة الصحة تبني مستشفى ولو بعيدا عن المدينة التي يعيش فيها، لأنه يدرك أن المرضى من سكان هذه البلدة سيجدون الخدمات الصحية قريبة منهم، وبالتالي لن يزاحموه على العيادات والسرر المخصصة بالمدن الرئيسية.

كلمات قيلت على ألسنة أناس بسطاء وعاميين في الشوارع والمحلات من المواطنين والمقيمين بمناسبة الذكرى الرابعة للبيعة، يستدل بها على خصوبة البيئة الاستثمارية للمملكة. فالعامل المشترك فيما بين هذه المشاعر الوطنية هو «الرضا». وهذا التنوع في المبادرات للتعبير عن مشاعر الرضا من ممثلي شركات ورجال أعمال وجهات غير حكومية وجمعيات مهنية لا تهدف للربح، تحدثت عن المناسبة بإيجابية. استوقفني منها صفحة كاملة بجريدة «الشرق الأوسط» تحدثت فيه «الجمعية السعودية لعلوم العمران» وما تضمنته عن بعض ملامح البناء في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حقائق تستحق أن تدون ليستفيد منها الباحثون عن شواهد التنمية. لكننا بالمقابل، إذا كنا لا نكتب (ككتاب) إلا بالنقد والملاحظات ونقسو أحيانا على المسؤولين، وإن حدث وكتبنا ثناء لأحد فربما نريد منه حث الآخر على العمل، فكل ذلك من قبيل التلاحم والدعم لتوجهات القيادة، لتنمية هذا الوطن ورفاهية مواطنيه. ولا ننسى في مثل هذه المناسبة أن نشكر الله عز وجل على النعمة، والله يحب الشاكرين. كاتب ومحلل مالي [email protected]