«فيس بوك» يشتري موقعا بـ 47 مليون دولار

الإعلام الاجتماعي متباين.. وفي حاجة إلى مكانة وسط تنظمه

يعد شراء «فيس بوك» لشبكة الإعلام الاجتماعية المغمورة «فريند فيد» حدثا ذا أهمية كبرى
TT

اشترى «فيس بوك» كل الحقوق لكل ما يمكن أن تقوم به تقريبا على الإنترنت، وقد كلف ذلك الشركة 47.5 مليون دولار فقط.

ويعد شراء «فيس بوك» لشبكة الإعلام الاجتماعية المغمورة ««فريند فيد»» حدثا ذا أهمية كبرى. ولكي نفهم السر وراء ذلك يجب أن نعلم أن موقع «فريند فيد»، الذي انطلق في الآونة الأخيرة والذي يشتهر بين التقنيين ولا يعلم الكثيرون منا عنه شيئا، يتميز بقدرته على نشر كل صور أنشطتك الاجتماعية. فإذا ما نشرت شيئا على موقع ««فليكر»» أو ««ديغ»» فسوف تظهر على صفحتك في «فريند فيد». وإذا ما نشرت شيئا على «تويتر» من هاتفك الجوال فإن «فريند فيد» سينقل رسالتك. وبعد أن كنت تقوم في السابق بتحديد المكان الذي يجب البحث فيه، سيقوم «فريند فيد» بجمع كل شيء وينقله إلى العالم.

الهدف من ذلك هو تحويل الأمر الذي كان يتم بصورة يدوية إلى صورة أوتوماتيكية. فإذا ما أعجبت بمقال على موقع «ديغ» فلماذا يجب عليّ أن أخبر أصدقائي عن طريق «فيس بوك» أو «تويتر»؟ فقد أصبح مشهد الإعلام الاجتماعي متباينا إلى حد أننا في حاجة إلى مكانة وسط تنظم كل تلك الأمور بالنسبة لنا. وذلك المكان هو «فريند فيد».

وقد أظهر «فيس بوك» أخيرا رغبته في أن يصبح هو ذلك المكان. ومع كل موهبته في تسريع وتيرة العمل المتراخي إلا أن «فيس بوك» كان يطلب منك عادة الدخول إليه. فعلى سبيل المثال إذا ما كنت ترغب في نشر صور كانت تنشر على «فليكر» وليس على «فيس بوك». ويقوم Good luck بإعلام أصدقائك على «فيس بوك» عنها. وفي الماضي عندما كان «فيس بوك» يحاول زيادة عدد مستخدميه ساعدت هذه الشبكة التي لم تكن تسمح لمستخدميها بالوصول إلى مواقع خارجية بزيادة عدد مستخدميه. وإذا ما كان أصدقاؤك على «فيس بوك» فلماذا لا تنشر صورك عليها؟ فهدف التصوير الرقمي في 2009 هو إعادة إحياء ذكريات مجموعة من الأشخاص عاشت داخلهم في المقام الأول. وغالبا ما ستكون تلك المجموعة على «فيس بوك».

لكن قاعدة «فيس بوك» باتت الآن متسعة الآن بما يكفي لكي تسعى إلى التطوير. فيستخدم تطبيقات «تويتر» التي تنشر خواطرك بصورة متزامنة مع رسائل «فيس بوك» النصية. وهناك أيضا «فيس بوك كونكت» والذي جاء كمحاولة ذكية لجعل الموقع المدخل الرسمي للإنترنت. كما تسمح المواقع التي تدعم «فيس بوك كونكت» ـ حوالي 1500 وهي في ازدياد ـ لمشتركيها باستخدام «فيس بوك» للقيام ببعض الأمور مثل إضافة التعليقات على المقالات والآراء المنشورة على المدونات. وترد هذه التعليقات بعد ذلك إلى صفحة المؤلف التي تسوق للموقع الذي تُرك فيه التعليق. الكل في هذه الحالة رابح خاصة «فيس بوك» الذي يحصل على المزيد من المحتوى والمزيد من التأثير.

لذا فالفكرة هنا أن يصبح «فريند فيد» رفيقا لـ«فيس بوك كونكت»، فيقوم «فيس بوك كونكت» بنقل «فيس بوك» إلى المواقع الأخرى فيما ينقل «فريند فيد» التكنولوجيا إليه.

كيف استنتجت ذلك؟ من الأفضل الافتراض أن «فيس بوك» لن يمزج بصورة ما قاعدة بيانات مستخدمي «فريند فيد» مع بياناته على «فيس بوك». وهناك احتمالية بأن يكون كل مشتركي «فريند فيد» مشتركين في «فيس بوك» والشبكتان ليستا مصممتين على العمل بصورة مشتركة. وعلى عكس الكثير من الصحافة الإلكترونية لا أعتقد أن هذا الاستحواذ متعلق بمحرك بحث أو المنافسة مع «تويتر».

لكني أعتقد أن الأمر يتعلق بشبكة اجتماعية، فقد اشترت «فيس بوك» «فريند فيد» حتى تصبح كمحتوى لحياتك الاجتماعية.

الأمر الآخر أن غالبية أخبارك تصل إليك عبر التحديثات التي قام بها أصدقاؤك على موقع «فيس بوك»، حيث تظهر تحديثات في التغذية الإخبارية الخاصة بك، لكن خاص لـ«فيس بوك»، والجميع يقضي وقتا طويلا خارج «فيس بوك» أيضا. ولكي تحاول اقتفاء أنشطة صديقك سيكون عليك الاشتراك في كل الشبكات المختلفة أو أن تأمل في أن يخبروك بالوقت الذي أضافوا فيه إلى واحدة من صفحاتهم الشخصية. وهو ما يعد إرهاقا كبيرا.

لذا فإن ما تحتاجه هو شبكة اجتماعية ـ موقع تدخله يقدم لك الأخبار ليس فقط ما دار داخل نطاق شبكتك ولكن ما يدور خارجها أيضا. ومن ثم فإن «فيس بوك»/ «فريند فيد» واللذين إن اتحدا تحت «فيس فيد» كما نسميه، فسيكون ذلك هو الحل الأمثل.

ولكي ندرك الشغف بمثل هذه الشبكات الاجتماعية يجب علينا أن نقف على بعض الشبكات الإخبارية الناجحة، منها على سبيل المثال موقع «هافنغتون بوست» الذي حقق، نتيجة لتقديمه لأخبار من مصادر متنوعة، نجاحا كبيرا بين زواره الذين يقدر عددهم بـ 7 ملايين زائر شهريا. وصفحة الموقع الرئيسة خليط من روابط لمقالات على مدونات من مساهمي الموقع وروابط إلى المقالات الأخرى من وسائل الإعلام الإخبارية. فبدلا من التنقيب وراء الأخبار على المواقع الأخرى يدخل الأفراد إلى «هافنغتون بوست» لكي يحصلوا على الروابط المختلفة. ولعل السبب في نجاح الشبكات الاجتماعية هو أنها تقوم بالعمل الشاق نيابة عنك.

لذا فمن الطبيعي أن يقبل المستخدمون على شبكة اجتماعية بحجم وشعبية «فيس بوك»، لأنها ستجعل من حياتهم أكثر بساطة. أما المواقع الاجتماعية الأخرى فمؤهلة للفوز أيضا لأن «فيس بوك» سيلفت انتباه المزيد من المستخدمين إلى مواقع خارجه. وستشهد مواقع الأخبار المزيد من الدخول إليها لأن الأفراد سيمرون عبر المزيد من الروابط. سيكون «فيس بوك» بالطبع هو الرابح الأكبر، حيث سيضطر الأفراد إلى الدخول إليه مرات عدة للمراجعة والبقاء فترة أطول. ومن المتوقع أن ترتفع معدلات الإعلان وهو ما سيساعد الجانب المالي للشركة.

وإذا ما حدث ذلك فإن «فيس بوك» سيكون مهيأ لتسيد تلك المواقع جميعا على عكس «غوغل» الذي سيطر على الكثير من استخداماتنا للإنترنت مثل خدمة البريد الإلكتروني «جي ميل» و«غوغل دكيومنتس» و«غوغل سيرش».. إلخ.

ويعد «فيس بوك» و«تويتر» الآن موقعين مستقلين تماما، وربما يكون «تويتر» أكثر أهلية للاعتماد عليه بسبب الطريقة التي يستخدمها «فيس بوك» في الوصول إليه.

سيجعل ذلك الشبكتين الاجتماعيتين في موضع تنافسي لكي تكونا مدخلا لكل ما نقوم به على الإنترنت. وقد حاولت غوغل من قبل الدخول إلى مجال اللعبة الاجتماعية، ولن تمانع «فيس بوك» في التوسع في بعض مناطق غوغل (سيكون ريال تايم نقطة المدخل) وسيكون ذلك كالصراع التقليدي الأميركي بين شركتي بيبسي وكوك: شركتان وسوق واحدة.

وبغض النظر عن الجانب الذي ستختاره فأنا على يقين من أن «فيس بوك» سيكن سعيدا بنشر أفكارك بهذا الشأن، حتى وإن كتبتها على بلوجسبوت، شبكة تدوين غوغل. وذلك هو السبب وراء شراء «فيس بوك» لـ«فريند فيد»، حتى تتمكن من امتلاكك.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»