بروكسل: الاقتصادات كبيرة الإنتاج ستحقق انتعاشا قبل الدول التجارية

تباين ردود الفعل داخل دول الاتحاد حول أرقام المفوضية بشأن النمو والناتج المحلي

TT

كان للأرقام الأخيرة التي أصدرتها المفوضية الأوروبية ببروكسل، حول النمو الاقتصادي والناتج المحلي القومي، ردود فعل متباينة داخل الدول الأعضاء.

فهناك ترحاب من جانب عدد من الدول مثل البرتغال وألمانيا وفرنسا، بينما استمرت المخاوف في دول أخرى، وظهرت حالة من الجدل في بعض الدول ومنها هولندا.

وقالت وسائل الإعلام: «إنه بعد لحظات فقط من إبلاغنا بأن الاقتصاد بدأ ينهض على قدميه، تظهر تقارير أخرى أن آخر الأرقام الرسمية تشير إلى أن أداء اقتصادنا أسوأ من اقتصادات جيراننا، وخصوصا أن كلا من فرنسا وألمانيا حققت نموا اقتصاديا بلغ 0.3 في المائة خلال الربع الثاني هذا العام، بينما لا تزال هولندا تعاني ركودا بنسبة 0.9 في المائة. وإن ذلك يعود إلى الإجراءات التي اتخذتها فرنسا وألمانيا لإنعاش اقتصادهما». وأضافت أن هولندا أمة تجارية، مع اعتماد الكثير من أعمالها على بضائع تنتج في أماكن أخرى، وهذا يعني أن الاقتصادات كبيرة الإنتاج مثل ألمانيا ستنتعش قبل أن تستطيع هولندا الانتعاش.

وأشارت إلى أن آخر التوقعات الهولندية الرسمية للنمو في 2010 تؤكد أن التجارة العالمية ستنتعش بأسرع من التوقعات الأولى. رغم ذلك تعتقد وسائل الإعلام الهولندية أن النمو الحالي جاء بسبب أن الشركات تقوم بإعادة شراء احتياجاتها، وأن ذلك لن يسفر إلا عن نمو مؤقت. ويحذر أحد علماء الاقتصاد بقوله: «سيجيء وقت يضطر فيه المستهلك إلى البدء في شراء السلع، لكن يظل السؤال: هل سيحدث ذلك مع البطالة المتصاعدة؟ سيكون الانتعاش بطيئا وهشا إلى أقصى الحدود».

وكانت البرتغال نجحت في تحقيق أرقام إيجابية، تشير إلى تجاوزها المرحلة الصعبة من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، لتنضم إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفرنسا في هذا الصدد، وذلك بعد أن أعلن مكتب الإحصاء البرتغالي أن إجمالي الناتج المحلي القومي قد ارتفع في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 0.3 في المائة. ونقلت وكالة الأنباء البلجيكية عن رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سقراطيس قوله، إنه سعيد جدا بهذه الأرقام، «وهذا لا يعني نهاية الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وتجاوزها، ولكنه بداية النهاية لتحقيق ذلك».

وجاءت تلك التصريحات بالتزامن مع إعلان الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي ببروكسل أن الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصائيات الأوروبي (يوروستات) بشأن معدلات النمو الاقتصادي تبدو أقل سلبية من المتوقع. وجاء ذلك على لسان الناطق باسم المفوضية الأوروبية توم فان ليروب، الذي أشار إلى أن الناتج القومي المحلي في الدول الأعضاء يتابع الانخفاض ولكن بوتيرة أقل من السابق مقارنة بالعام الماضي وبداية العام الحالي، «وهو أمر جيد بحد ذاته». وأوضح أن توقعات المفوضية الأوروبية الاقتصادية في الربيع الماضي كانت أكثر تشاؤما من الأرقام الصادرة حديثا عن «يوروستات»، وأعلن أن المفوضية الأوروبية ستنشر توقعاتها حول النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء في 14 سبتمبر (أيلول) المقبل. ولم يفُت الناطق التذكير بأن الإجراءات «الاقتصادية الطموحة» التي اتخذتها مؤسسات الاتحاد الأوروبي لمواجهة الأزمة قد بدأت تعطي نتائجها.

وأظهر تقرير لمكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي أن معدل الناتج القومي المحلي سجل انخفاضا بمقدار 0.1 في المائة في منطقة اليورو، و0.3 في المائة في مجمل بلدان الاتحاد مقارنة بالنصف الثاني من العام المنصرم.

وأفاد بيان للمكتب الأوروبي وزع في بروكسل أن معدل النمو الاقتصادي خلال النصف الأول من العام الحالي قد سجل أرقاما سلبية، هي على التوالي 2,5%- لمنطقة اليورو (16 دولة) و2,4%- لمجمل دول الاتحاد الأوروبي.

ويقارن مكتب الإحصائيات الأوروبي الأرقام المتوفرة على صعيد دول التكتل الموحد بتلك المعلنة في الولايات المتحدة الأميركية، فيذكر بأن الناتج القومي المحلي للأخيرة قد تراجع بنسبة 0,3% بعد بداية النصف الثاني من عام 2009، قياسا بالنصف الأول من العام نفسه، والذي سجل تراجعا مقداره 1,6%.

وكان معدل الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو تراجع خلال الربع الأخير من عام 2008 بمعدل وصل إلى 1,5% عن الربع الثالث من العام الماضي، وذلك حسب ما جاء في تقرير لمكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) في وقت سابق، والذي أشار إلى أن معدل هذا التراجع «يشكل سابقة في منطقة اليورو»، لافتا النظر إلى دخول دول هذه المنطقة مرحلة الكساد رسميا منذ الربع الأخير من 2008، وتضم منطقة اليورو، التي تستخدم العملة الأوروبية الموحدة، 16 دولة حاليا بعد أن انضمت إليها سلوفاكيا مطلع العام الحالي، واعتبر هذا التراجع في ذلك الوقت هو الثالث من نوعه، إذ سبق للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تستخدم العملة الموحدة أن سجلت تراجعا في ناتجها القومي الإجمالي قدره 0,2% خلال كل من الربعين الثاني والثالث من عام 2008.

وأكد التقرير الصادر في فبراير (شباط) الماضي بأن كل دول الاتحاد الأوروبي الـ27 قد دخلت رسميا مرحلة الكساد خلال الربع الأخير من العام الماضي. ويعود الكساد المسجل في الاتحاد إلى تراجع الأنشطة الصناعية والتجارية والمالية كنتيجة مباشرة للأزمة المالية العالمية، «وهي الأسوأ عالميا منذ 60 عاما»، ويقدر الخبراء الأوروبيون أن معدل النمو الاقتصادي خلال عام 2008 بمجمله قد سجل رقما إيجابيا بالرغم من الأزمة، 0,7% في منطقة اليورو و0,9% في مجمل دول الاتحاد، وذلك بسبب البداية الاقتصادية «الجيدة» التي طبعت الاقتصاد بداية 2008.