لكي لا نرفع الأسعار.. ونعود لنشتكي منها!

سعود الاحمد

TT

ونحن على أبواب دخول موسم شهر رمضان المبارك، والبعض يشتكي من غلاء الأسعار في هذا الوقت من كل عام، نحتاج إلى تأمل الحالة وتشخيص أسباب هذه الظاهرة، وبالأخص أسعار المواد الغذائية والمواد الاستهلاكية الأخرى.

والحقيقة أن أهم سبب لهذا الارتفاع في الأسعار نابع من المستهلك نفسه، فالقاعدة البديهية لميكانيكية العرض والطلب وعلاقتها بسعر السلعة أنه كلما زاد الطلب زاد السعر، حيث لا ينتظر من التاجر أن يخفض سعر سلعته والطلب في تزايد عليها.

والذي يحصل أن لدينا (كمستهلكين) عادة تتكرر كل عام في موسم دخول شهر رمضان المبارك، حيث تتجه نسبة كبيرة من مختلف شرائح المجتمع السعودي إلى الأسواق لشراء مؤونة شهر رمضان بالكامل. هذه المؤونة من حيث الكم يمكن أن تقسم على فترات كما هو الحال في الأحوال المعتادة، فغالبية الناس تشتري لما يكفي لمدة أسبوع، فلماذا لا نسلك نفس المسلك في شرائنا لحاجات رمضان؟ لماذا نشتري حاجات الشهر مرة واحدة ولسلع قد لا نحتاجها؟ لماذا لا نذهب للشراء إلا قبل دخول الشهر بيومين أو ثلاثة، ونخلق مشكلة زحام في داخل الأسواق ومواقف السيارات فيها؟ لماذا لا نقوم بشراء حاجتنا للأيام الخمسة الأولى من شهر رمضان قبل الزحمة بوقت مبكر، ونترك «لغير المخططين» أن يتزاحموا (كما يحلو لهم) في الأيام الأخيرة من شعبان؟

فلو أعددنا لهذا الأمر بشيء من التخطيط المسبق لكان من السهل تلافي هذه المشكلة، وذلك عن طريق تحديد ما تحتاجه الأسرة (بالفعل) وبالكميات التي نحتاجها (دون مبالغة). فإنه بالتأكيد سيكون حجم الطلب على هذه السلع أقل بكثير مما يحصل مع بداية شهر رمضان من كل عام. ومنه سيتأثر معدل الطلب وتقل الأسعار، وهذه عوامل تأثير ميكانيكية العرض والطلب المتعارف عليها.

أضف إلى ذلك حاجات العيد، فبعض الأذكياء من الأسر وربات البيوت الحاذقات انتهوا قبل أيام من شراء ما يحتاجونه لكسوة العيد والمستلزمات الأخرى (لهم ولبناتهم وأولادهم)، حتى لا يواجهوا مشكلات البحث عن لون أو نوع معين من القماش الفلاني، ويضطرون إلى الإلحاح على الخياطة أو الخياط أن ينهي لهم خياطته قبل يوم العيد! وبعض أرباب الأسر تراه على باب الخياط أو الخياطة في ليلة العيد، يحرم نفسه أجر قيام ليالي رمضان ليتابع مع بناته وأبنائه استكمال شراء متطلبات العيد! هذا بخلاف ما يدفعه من أسعار مبالغ فيها بسبب أزمة التوقيت، ولأن الخياط أو الخياطة يكون عليها زيادة طلب فإنه هو الذي يتحكم في السعر، ورب الأسرة في مثل هذه الحالات آخر ما يفكر فيه أن يفاصل في السعر مع خياط أو خياطة. وفي النهاية كلها ملابس تستخدم لبضع مناسبات وتستهلك في وقت قياسي! الأمر الثالث، مستلزمات المدارس. فعلى الرغم من أن الجميع يعلم بموعد افتتاح المدارس، ويعرف المراحل التي انتقل إليها أبناؤهم، ويستطيع الغالبية تحديد احتياجات أبنائهم المدرسية، فإن البعض يبقى إلى آخر لحظة ليدخل في دوامة الزحام كما هي عادته كل عام! وفي الختام.. لا ننسَ ما استجدّ علينا من عادات وأنماط استهلاكية جديدة، كالأكل خارج المنزل بالمطاعم والفنادق، والبعض يحلو له أن يترك بيته ويأخذ غرفة أو جناحا ينام فيه مع أسرته في فندق بنفس المدينة التي فيها منزله! والبعض لا يهنأ له بال إلا إذا سافر في فصل الصيف إلى أي مكان ولأي مدة ولو كانت قصيرة (حتى لو استدان لذلك).. المهم أن يشعر أنه سافر في الصيف!

* كاتب ومحلل مالي