الصين تواجه استياء من مواطني دول تستثمر فيها

تعتبر سادس أكبر مستثمر أجنبي في العالم

مهندس صيني يشرف على مشروع في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)
TT

كان عبد الكريم سلودة، الذي يملك متجرا بالجزائر، ممن لمسوا بأنفسهم توسع الصين الاقتصادي العالمي.. ولا يروقه الأمر، خصوصا أنه خاض عراكا كبيرا هذا الشهر مع عمال صينيين مهاجرين.

قال عبد الكريم، وهو مسلم متدين يعيش في ضاحية بالعاصمة الجزائرية: «يثيرون استياءنا بسلوكهم السيئ». وأضاف: «في الليل... يحتسون البيرة ويلعبون الورق ويرتدون الشورت أمام السكان».

ومن أفريقيا إلى أوروبا وفي الشرق الأوسط والولايات المتحدة يمكن أن يثير مسعى الصين لاستعراض قدرتها الاقتصادية في الخارج الخوف والاستياء في بعض الأحيان. وأوضحت وكالة «رويترز» للأنباء أنه من المرجح أن تزيد المخاطر حيث توجه بكين مزيدا من احتياطياتها من النقد الأجنبي الذي بلغ 2.13 تريليون دولار في نهاية يونيو (حزيران) إلى الاستثمارات الخارجية.

وبعد أن كانت لا تملك إلا حفنة من الاستثمارات الصغيرة في الخارج قبل أقل من عقدين أصبحت الصين سادس أكبر مستثمر أجنبي في العالم، وتفوقت على الولايات المتحدة بوصفها أكبر شريك تجاري لأفريقيا العام الماضي. وقد صاحب هذا الصعود المذهل مشكلات مثل مزاعم دول صاعدة بأن الصين تجردها من الموارد، فضلا عن شكوك في العالم المتقدم بأن هناك مصالح غامضة للدولة وراء الاستثمارات الصينية.

وفي حين ترحب الحكومات باستثمارات الصين لما توفره من دعم لاقتصاداتها، أثارت نزعة المؤسسات الصينية لجلب عمال صينيين إليها توتر الساعين لاقتناص فرص عمل.

ويقول كيري براون الباحث بمؤسسة «تشاتام هاوس» البريطانية للأبحاث، إن الأمر ينطوي على «الكثير من المشكلات المحتملة، لكنه أيضا زاخر بالفوائد المحتملة».

لكن الاستياء الذي يشعر به صاحب المتجر الجزائري تجاه جيرانه الصينيين الجدد لا يمثل اتجاها عاما، فالناس في أماكن كثيرة سعداء بمزايا الاستثمارات الصينية. ومن هذه الامتيازات المحتملة تقديم مساعدات بشروط قليلة وتوفير رأس المال لتوجيهه إلى البنية التحتية في مشروعات لن يمولها المانحون الغربيون، فضلا عن المنافسة التي تؤدي إلى انخفاض الأسعار.

وعلى الرغم من الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الجزائرية هذا الشهر، ترحب الحكومة بالاستثمارات الصينية.

وفي الكونغو الديمقراطية عرض الرئيس جوزيف كابيلا صفقة قيمتها تسعة مليارات دولار مع الصين بوصفها حجر زاوية في خطته لإعادة بناء البلاد بعد سنوات الحرب. وستمد الصين طرقا وتقيم مدارس ومستشفيات مقابل الحصول على حقوق استخراج معادن في البلاد. وفي كوناكري عاصمة غينيا تنشئ الحكومة الصينية استادا رياضيا يتسع لخمسين ألف شخص منحة منها للبلاد.

وقال رئيس الكونغو دينيس ساسو نجويسو خلال زيارة لسد يقيمه مقاولون صينيون: «نحن سعداء جدا بتعاوننا مع الصين».

وفي بعض البلاد يكون مصدر التوتر هو حجم الوجود الصيني. يقول مسؤولون روس إنه كان هناك في العام الماضي 350 ألف مهاجر صيني يعيشون في أقصى شرق البلاد، كثيرون منهم دون تصاريح إقامة، وذلك في منطقة يزيد عدد سكانها عن سبعة ملايين نسمة بقليل. وعندما سئل مسؤول روسي كبير في شؤون الهجرة عما إذا كانت أعداد المهاجرين الصينيين تعرض سيطرة موسكو للخطر في المنطقة، قال: «هناك خطر. ينبغي ألا نبالغ في الأمر لكن هناك خطرا».

وفي السودان يتهم المتمردون بكين بدعم الخرطوم في الصراع المستمر منذ ست سنوات في دارفور، وينظرون إلى الشركات الصينية على أنها تجسيد لتلك السياسة. وقال الطاهر الفقي المتحدث باسم حركة العدل والمساواة المتمردة في السودان، إن اهتمام الصين الوحيد بالسودان ينصب على ما تجنيه من فائدة اقتصادية، وبمجرد أن تنتهي هذه الفائدة سيختفي الصينيون تاركين وراءهم أشياء كثيرة دمروها.

ومن بين الاتهامات التي وجهت إلى المستثمرين الصينيين أنهم ينفقون أقل القليل. وكان خمسة مواطنين من زامبيا قد أصيبوا بالرصاص عام 2005 في أعمال شغب بشأن الأجور ومعايير السلامة في منجم مملوك لصينيين، وبعد ذلك بعام قتل 52 في زامبيا أيضا في انفجار بمؤسسة صينية تصنع المتفجرات لاستخدامها في قطاع استخراج المواد الخام.

وفي يناير (كانون الثاني) أغلق التجار الصينيون في غينيا محالهم لأيام خوفا من وقوع أعمال انتقامية، بعد أن اكتشفت السلطات أدوية مغشوشة صينية الصنع. وتقول الصين إن مستثمريها يضطرون إلى دخول أسواق جديدة لأن الدول المتقدمة تحول دون استثمارهم في اقتصادات أكثر استقرارا، ومن ثم فإنهم يواجهون مخاطر أكبر.

ويوضح براون من مؤسسة «تشاتام هاوس»، وهو دبلوماسي بريطاني سابق في بكين ومؤلف كتاب «صعود التنين»، وهو كتاب عن الاستثمار الصيني، أن هذا الحديث ينطوي على قدر من الحقيقة.

وأضاف: «نجد أنه في دول... مثل بوتسوانا أو جنوب أفريقيا، حيث هناك درجة معقولة من سيادة القانون وأنواع من البنية التحتية... لا يثير الاستثمار الصيني مشكلات كبيرة». واستطرد قائلا: «غير أنه في الدول التي توجد بها مشكلات في الحكم أو مشكلات في الأثر البيئي أو مشكلات تتعلق بحقوق العمال يكون أداء الاستثمار الصيني سيئا جدا للأسف».