ارتفاع مؤشرات ثقة المستهلكين والمنتجين يقوي علامات التعافي الاقتصادي

عزز الآمال بقرب الخروج من أسوأ ركود عرفه العالم في الستين سنة الماضية

مستثمر في البورصة الفلبينية يعبر عن فرحته («الشرق الأوسط»)
TT

ارتفعت أسواق المال العالمية أمس متفاعلة إيجابيا مع مؤشرات جيدة أظهرت زيادة ثقة المنتجين والمستهلكين وارتفاعا في مؤشرات الثقة الاقتصادية خاصة في أوروبا في إشارة تعزز علامات تعافٍ اقتصادي من أسوأ ركود اقتصادي عرفه العالم في الستين سنة الماضية. وقد ارتفعت الأسهم الأوروبية في بداية تعاملاتها أمس وذلك بعد يومين من الخسائر تقودها شركات السلع الأولية والبنوك.

وارتفع مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 0.6 في المائة إلى 974.21 نقطة بعد تراجعه 0.5 في المائة أول من أمس. وارتفع المؤشر خمسة في المائة في أغسطس (آب) ويتجه إلى مواصلة مكاسبه للشهر الثاني على التوالي. كان المؤشر تراجع 45 في المائة في 2008 لكنه ارتفع 17 في المائة هذا العام وقفز 51 في المائة منذ تراجعه إلى أدنى مستوى على الإطلاق في أوائل مارس (آذار). وكانت البنوك من أكبر الرابحين حيث ارتفعت أسهم ستاندرد تشارترد وباركليز ومجموعة لويدز المصرفية ورويال بنك أوف سكوتلاند وبي.ان.بي باريبا وسوسيتيه جنرال ما بين 0.3 و2.4 في المائة. وقفز سهم لوريال سبعة في المائة بعدما تراجع صافي أرباح عملاق مستحضرات التجميل الفرنسي في النصف الأول من العام لكن دون المتوقع وذلك مع انخفاض إنفاق المستهلكين. وقال برايان مايرز المحلل لدى أو.دي.ال للأوراق المالية «جلسة معاملات الجمعة دائما ما تكون محل اهتمام. إنها مؤشر جيد للثقة عموما ولا سيما في أسبوع شهد موجة صعود للأسواق». وفي أنحاء أوروبا ارتفعت مؤشرات فايننشال تايمز 100 في بورصة لندن وداكس في بورصة فرانكفورت وكاك 40 في بورصة باريس ما بين 0.7 و0.9 في المائة.

وفي آسيا أغلقت غالبية الأسواق مرتفعة باستثناء تراجع مؤشر البورصة الصينية بشنغهاي بنسبة 2.9% وبورصة هونغ كونغ 0.7% والبورصة الهندية 0.4%، وفي المقابل ارتفع مؤشر نيكي القياسي للأسهم اليابانية 0.6 في المائة في معاملات هزيلة أمس وسط تردد المستثمرين في الشراء في ظل أداء ضعيف للأسهم الصينية في شنغهاي وإحجامهم عن البيع قبيل الانتخابات اليابانية المقررة غدا الأحد.

وفي أميركا فتحت وول ستريت على مكاسب أمس بعدما رفعت انتل توقعاتها للعائدات وأعلنت ديل عن أرباح فصلية أفضل من المتوقع مما عزز قطاع التكنولوجيا. واستمدت السوق دعما إضافيا من بيانات تظهر ارتفاع إنفاق المستهلك في يوليو. وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى 31.06 نقطة أي ما يعادل 0.32 في المائة ليصل إلى 9611.69 نقطة. وزاد مؤشر ستاندرد اند بورز 500 الأوسع نطاقا 6.55 نقطة أو 0.64 في المائة مسجلا 1037.53. وصعد مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 23.95 نقطة أو 1.18 في المائة إلى 2051.68 نقطة.

ودعمت نتائج شركة تصنيع أجهزة الكمبيوتر الأميركية «ديل» الآمال بالتعافي، رغم أنها أعلنت تراجع أرباحها بنسبة 23% في الربع الثاني في ظل استمرار تراجع إنفاق الشركات.

لكن مع تحقيق الشركة أرباحا بلغت 472 مليون دولار من مبيعات وصلت إلى 12.76 مليار دولار، فإنها تكون بذلك قد فاقت توقعات بورصة «وول ستريت». وأشارت الشركة، ومقرها تكساس، إلى أن توقعاتها للتعافي تتحسن.

وقال مايكل ديل الرئيس التنفيذي لشركة ديل «إذا استمرت اتجاهات الطلب الحالية (على نفس المستوى) فإننا نتوقع إيرادات خلال النصف الثاني من العام أعلى من النصف الأول».

وكانت «ديل» قد حققت أرباحا بلغت 616 مليون دولار من مبيعات بلغت قيمتها 16.4 مليار في نفس الفترة من العام الماضي.

يشار إلى أن شركة «ديل» ثاني أكبر منتج لأجهزة الكومبيوتر الشخصي في العالم تأثرت بشدة بتراجع الإنفاق، حيث إن مبيعاتها لعملائها من الشركات تمثل 80% من إيراداتها.

وقد أظهرت بيانات نشرت أمس تحسن الثقة في الاقتصاد بمنطقة اليورو بوتيرة أفضل من المتوقع في أغسطس (آب) وذلك في مؤشر جديد على تعاف اقتصادي، غير أن توقعات تضخم أسعار المستهلكين واصلت تراجعها لتصل إلى مستوى قياسي منخفض جديد. وأظهر تقرير شهري للمفوضية الأوروبية أن الثقة في الاقتصاد بدول منطقة اليورو الست عشرة زادت إلى 80.6 نقطة في أغسطس (آب) من 76.0 في يوليو (تموز) وهو التحسن الخامس على التوالي منذ انخفاض المؤشر إلى 64.6 نقطة في مارس (آذار). وثمة مؤشرات متزايدة على أن منطقة اليورو قد تخرج من الركود في الربع الثالث من 2009 بعدما بدأ الناتج ينكمش على أساس فصلي في الربع الثاني من 2008. وكان محللون قد توقعوا في مسح أجرته «رويترز» ارتفاع مؤشر المعنويات إلى 78.0 ويعتقد البعض أنه يجب أن يصل المؤشر إلى 90 قبل أن يتمكنوا من إعلان نهاية الركود. وأظهر تقرير المفوضية أيضا أن توقعات المستهلكين للتضخم في الاثني عشر شهرا القادمة تراجعت مجددا في أغسطس (آب) إلى مستوى منخفض قياسي جديد بلغ سالب 16 نقطة من سالب 12 نقطة في يوليو (تموز) وهو خامس شهر على التوالي يشهد توقعات بانخفاض الأسعار. وزادت توقعات أسعار البيع بين المصنعين قليلا إلى سالب تسعة من سالب 11 في يوليو (تموز) ومن مستوى قياسي منخفض بلغ سالب 14 في مارس (آذار). لكن في قطاع التجزئة هوت التوقعات لأسعار البيع إلى مستوى قياسي منخفض جديد بلغ سالب عشرة من سالب خمسة في يوليو. كانت أسعار المستهلكين انخفضت 0.7 في المائة في يوليو (تموز) ـ مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي ـ وهو الشهر الثاني على التوالي الذي يشهد انخفاضا في الأسعار بعد تراجعها بنسبة 0.1 في المائة في يونيو (حزيران).

وفي أميركا أظهرت بيانات أمس نمو إنفاق المستهلك الأميركي كما كان متوقعا في يوليو (تموز) مدعوما ببرنامج حكومي يقدم حوافز مالية لاستبدال السيارات القديمة بأخرى أفضل كفاءة في استهلاك الوقود، وهو ما عزز الطلب على السيارات. وقالت وزارة التجارة الأميركية إن الانفاق زاد 0.2 في المائة بعد ارتفاعه 0.6 في المائة في يونيو (حزيران). كانت القراءة السابقة لشهر يونيو (حزيران) تشير إلى نمو الإنفاق 0.4 في المائة. وتوقع محللون استطلعت «رويترز» آراءهم نمو الإنفاق ـ الذي يسهم بنحو 70 في المائة من النشاط الاقتصادي الأميركي ـ 0.2 في المائة في يوليو (تموز). وبحساب التضخم يكون الإنفاق قد ارتفع 0.2 في المائة بعد زيادته 0.1 في المائة في يونيو (حزيران).

من جهة أخرى انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة أقل من المتوقع بلغت 0.7 في المائة في الربع الثاني من العام بعدما عدل الإحصائيون بالزيادة تقديراتهم لناتج قطاعات الصناعات التحويلية والطاقة ومبيعات الجملة والسيارات. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن معدل الانخفاض السنوي أصبح 5.5 في المائة وهو لا يزال أسوأ أداء منذ بدأ الاحتفاظ بالسجلات عام 1955. وبحسب «روتيرز» توقع المحللون عدم تغيير القراءة السابقة التي كانت تشير إلى انخفاض بنسبة 0.8 في المائة على أساس فصلي و5.6 في المائة على أساس سنوي. وأكدت البيانات تعرض ناتج قطاع التشييد والبناء لأكبر انخفاض سنوي منذ بدأ الاحتفاظ بسجلاته عام 1944. كما أن التراجع السنوي لناتج قطاع الخدمات هو الأكبر منذ بدأت السجلات في 1955.

ومن جهة أخرى أظهرت بيانات معدلة أمس أن الاقتصاد السويسري نما العام الماضي بإيقاع أسرع من التقديرات السابقة. وقال مكتب الإحصاءات الاتحادي إن الناتج المحلي الإجمالي لسويسرا نما 1.8 في المائة في 2008 بدلا من 1.6 في المائة في القراءة السابقة. كما عدل المكتب نسبة النمو للعام 2007 إلى 3.6 في المائة من 3.3 في المائة. ومن المتوقع انكماش الاقتصاد السويسري نحو ثلاثة في المائة في 2009 وهو ما سيكون أول انخفاض في أكثر من 30 عاما. وبحسب البيانات المعدلة انكمش الاقتصاد 0.9 في المائة على أساس فصلي في الأشهر الثلاثة الأولى من 2009 بعدما كانت القراءة السابقة تشير إلى انخفاض نسبته 0.8 في المائة. وتصدر بيانات الربع الثاني من العام الأسبوع القادم.من ناحية أخرى قال مكتب الإحصاء المركزي في بولندا أمس إن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نما بنسبة 1.1% في الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي متجاوزا توقعات بنمو نسبته 0.5%.

وقال المكتب في بيان إن النمو تعزز بالأساس من صافي الصادرات والإنفاق الاستهلاكي الكلي.

وحققت بولندا تقدما أفضل بكثير عن باقي دول أوروبا في مواجهة الأزمة المالية، حيث سجلت زيادة نسبتها 0.8% في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام. وفي إسبانيا واصل اقتصاد إسبانيا الذي ضربه الركود في إظهار بوادر على التعافي أمس مع تباطؤ وتيرة تراجع أسعار المستهلكين.