حينما كنت في المرحلة الدراسية الابتدائية ذهبت للدمام وتحديدا حي العدامة لزيارة خال لي كان يعمل ضابطا في خفر السواحل، وكعادة الفتية في التعرف السريع تعرفت على عدد من أقراني سكان حي العدامة وببساطة الفتية أصبحنا أصدقاء نلتقي كل صباح حينما يذهب خالي للعمل، أما عصرا فقد كان خالي يبذل كل ما في وسعه ليفرجنا على معالم شرق السعودية. في ذات صباح خرجت لألتقي أقراني في حي العدامة وكنا نتجمع عند بقالة صغيرة يديرها فتى في سني يبدو أن والده أراد أن يعلمه التجارة صيفا، لأنني عرفت فيما بعد أن والده هو من يعمل بها بقية العام ولكن بعد خروجه من عملة الصباحي، وكنا نلعب الكيرم عند البقالة ومن يهزم يشتري للفائز كيكا معين ولكننا في النهاية كنا نختلف لأن هناك كيك يسمى كيك ارامكو وقيمته ريال واحد (30 سنتا أميركيا) وهناك كيك مشابه له تماما وبذات الطعم ولكن يختلف نوع الغلاف وقيمته نصف ريال (15 سنتا أميركيا) ويطول دائما الجدل بين الفائز والمهزوم لتحديد نوع الكيك، حتى يتدخل الأجاويد منا لحل الموضوع الذي يكون حله سهلا. عندما كبرنا وأصبحنا شبابا اكتشفنا أن الكيك سواء «مال ارامكو» كما يقول أقراني في حي العدامة أي التابع لآرامكو أو الآخر هما صناعة مخبز واحد في الشرقية ومن ذات خط الإنتاج ولكن بغلاف مختلف. أتعرفون ما كنا نتقاتل عليه؟ كنا نتقاتل على اسم الشهرة الخاص بآرامكو فبما أن اسمه كيك آرامكو إذا هو جيد لثقة الناس في الشرقية بآرامكو التي لا تشتري سوى الأجود، ويثق الناس في منتجها بأنه الرائع وأن اختيارها هو الأفضل فالاسم يبنى بصعوبة وبتراكم تاريخي.
تواردت لي هذه الفكرة حينما كنت في حديث ودي مع صديقي عبد الله البراك الرئيس التنفيذي لشركة ثراء المالية عن اسم الشهرة وأهمية صناعته والحفاظ عليه من التلوث، لأن اسم الشهرة بحد ذاته رأس مال كبير جدا. آرامكو بعد العيد مباشرة وبحضور خادم الحرمين الشريفين وعدد كبير من رؤساء الدول والملوك، ستنتج لنا جامعة جديدة في جدة هي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ولأن اسم الشركة آرامكو فإن رئيس مجلس الجامعة ليس سعوديا بل حتى ليس عربيا ولكنه في النهاية يتمتع بالكفاءة لأنه يدير جامعة بهذا النوع لا الحجم. ألم أقل لكم إن اسم الشهرة رأس مال كبير.
* كاتب اقتصادي