برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: حربا يوليو ونهر البارد زادتا فقراء لبنان فقرا

أكد حصول «تقدم ملحوظ» في أهداف الألفية

امرأة لبنانية تبحث عن معادن وعبوات بلاستيكية وسط أكوام القمامة في شارع الحمرا في بيروت. وكان تقرير الإنماء للأمم المتحدة قد ذكر أن 28% من اللبنانيين يمكن اعتبارهم من الفقراء و8 في المائة من الفقراء للغاية (أ.ف.ب)
TT

أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حصول «تقدم ملحوظ» في لبنان في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وأشار إلى أن حرب يوليو (تموز) 2006 وحرب نهر البارد 2007 زادت فقراء لبنان فقرا فيما لم يتخطَّ الفقر في بيروت 1 في المائة.

أطلقت منظومة الأمم المتحدة العاملة في لبنان التقرير الوطني الثاني حول الأهداف الإنمائية للألفية وذلك بالتعاون مع الحكومة اللبنانية ومجلس الإنماء والإعمار. ويُعتبر هذا التقرير عصارة جهود اللجنة الفنية الوطنية التي تمثل الوزارات والمؤسسات الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة. وقد تم إعلان الأهداف الإنمائية للألفية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2000 وصادق على هذا الإعلان 161 دولة والتزمت هذه الدول بتحقيق الأهداف الثمانية بحلول عام 2015.

يقيّم التقرير التقدم المحرز في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي تتمثل في الحد من الفقر والقضاء على الجوع، وتوفير التعليم للجميع، وتعزيز المساواة بين الجنسين وتحسين الرعاية الصحية للأم والطفل ومكافحة انتشار الأمراض المعدية وحماية البيئة وتعزيز الشراكات العالمية من اجل التنمية وذلك بالاستناد إلى بيانات وطنية جديدة تمت صياغتها بعد نشر التقرير الأول في العام 2003. كما يحدد التقرير التقدم المحرز في كل هدف والتحديات ونقاط القوة والتوصيات.

وأشار إلى أن حرب يوليو (تموز) 2006 أثرت سلبا على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، لكن الأثر الكبير طاول المستوى المعيشي وأفقر شرائح المجتمع في المناطق التي تحملت بشكل مباشر أو غير مباشر الخراب الذي خلفته الحرب. والجدير بالذكر أن المناطق التي تأثرات بالصراع القائم هي تحديدا تلك التي طالما سجلت تاريخيا أعلى نسب انتشار للفقر في البلاد كما أن أزمة مخيم نهر البارد انعكست بشكل مباشر على الاقتصاد مما أدّى إلى تفاقم الفقر المدقع في شمال لبنان.

وتناول التقرير التقدم المُحرَز في كل هدف من الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية، فأشار على صعيد القضاء على الفقر والجوع، وفقا لدراسة مقارنة أحوال المعيشة في لبنان بين عامي 1995 و2004 مع نتائج خارطة أحوال المعيشة 1998 إلى أن نسبة المحرومين انخفضت من 34 في المائة إلى 25.5 في المائة. وقد لوحظ هذا الانخفاض في مختلف الميادين (التعليم والإسكان والنفاذ إلى الموارد المائية والصرف الصحي).

أما المؤشرات المرتبطة بالدخل (التوظيف، الشعبة الاقتصادية) فأشارت إلى تفاقم الوضع القائم وعكست ارتفاعا في نسبة الأسر المحرومة 18.8 نقطة. كما يشكل التفاوت المناطقي أحد أبرز مميزات الفقر. فمحافظة شمال لبنان تضم 20.7 في المائة من سكان البلاد وتشكل 38 في المائة من الفقراء و46 في المائة من الفقراء جدا. خلافا للعاصمة بيروت التي لا تتعدى فيها نسبة الفقراء 2.1 في المائة والفقراء جدا 1 في المائة.

ويؤدي عدم الاستقرار السياسي إلى نتائج سلبية تنعكس على النمو الاقتصادي واستدامة مصادر العيش. ولا بد من وضع استراتيجية تنمية اجتماعية شاملة ومتكاملة بخطة عمل قابلة للتنفيذ بغية الحد من الفقر وعدم المساواة على أن يصار إلى إشراك كل الأطراف المعنية في صياغة هذه الاستراتيجية.

وعلى صعيد تحقيق تعميم التعليم الابتدائي، يفيد التقرير أن لبنان أحرز تقدما جديرا بالثناء في مجال تطوير النظام التربوي وذلك منذ نهاية حرب العام 1991.

كما أحرز تقدما ملحوظا في تحقيق المساواة بين الجنسين في التحصيل العلمي، بحيث ارتفع صافي معدل الالتحاق من 91.5 في المائة في العام الدراسي 2001 ـ 2002 إلى 97.1 في المائة في عام 2005 ـ 2006 وجاءت هذه النسبة على النحو التالي: 98.3 في المائة للذكور و93.8 في المائة للإناث في العام نفسه. ومن الملاحظ أن معدلات الالتحاق تنخفض بعد سن الرابعة عشرة للذكور والإناث على حد سواء.

وعلى صعيد خفض وفيات الأطفال استند التقرير إلى دراسة أجريت في إطار المشروع العربي لصحة الأسرة وأشارت إلى انخفاض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من 35 في المائة في العام 2000 إلى 19.1 في المائة لكل ألف مولود حيّ، ما سمح بتحقيق الغايات المحددة في تقرير الألفية للتنمية 2003، غير أن 90 في المائة من حالات وفيات الأطفال دون الخامسة تحدث مباشرة بعد الولادة أو خلال الأسابيع الأربعة الأولى من حياة الرضيع.

وفي مجال خفض وفيات الأمهات ترجم التقدم الملحوظ في لبنان للسنوات الأخيرة في تحسن مخرجات الصحة الإنجابية، لا سيما لجهة الرعاية في أثناء الحمل وما بعد الولادة، وارتفعت نسبة الولادات التي تتم بإشراف طاقم صحي مؤهل بالرغم من التفاوت المناطقي القائم. وفي السياق عينه، تحسنت نسب استخدام وسائل منع الحمل، لا سيما الحديثة منها. كما أن معدل وفيات الأمهات انخفض بشكل بارز من 140 إلى 107 لكل مائة ألف ولادة حية في السنوات 1993 ـ 1998 بالإضافة إلى التحسن في الرعاية المقدمة للأم في أثناء الحمل، وأشار التقرير على مستوى نقص المناعة (الإيدز) والملاريا وغيرهما من الأمراض إلى أن إجمالي عدد حالات الإصابة بمرض نقص المناعة (الإيدز) بلغ 1056 حالة في نوفمبر(تشرين الثاني) 2007. غير أن منظمة الصحة العالمية تقدر عدد حالات الإصابة غير المصرح عنها بـ2500 حالة. تبقى حالات الإصابة المصرح عنها ضئيلة خصوصا بين الأطفال (2.1 ـ 100.000 حالة في الفئة العمرية 15 ـ 24 سنة) وتسجل معظم هذه الحالات في أوساط الفئة العمرية 31 ـ 50 سنة، التي تضم نحو 52 في المائة من إجمالي حالات الإصابة المصرح عنها في العام 2006. أما نسبة النساء إلى الرجال فتبلغ 1.4، ما يشير إلى ارتفاع في النسبة المسجلة سابقا والبالغة 1.9.

أما بالنسبة إلى مرض السل فتشير البيانات الوبائية الصادرة عن البرنامج الوطني لمكافحة السلّ التي نشرتها وزارة الصحة العامة إلى انخفاض عدد الإصابات بمرض السل من 983 في العام 2005 إلى 375 في العام 2006، نتيجة لاعتماد طريقة العلاج بالمراقبة المباشرة القصيرة الأمد (أو ما يُعرف باستراتيجية DOTS). وقد سجّلت أعلى نسبة إصابة بمرض السل في محافظة البقاع وأدنى نسبة في محافظتي الجنوب والنبطية.

ولفت التقرير إلى احتلال لبنان في بداية عام 2006 المركزَ السادس والثلاثين من 133 دولة في مجال ضمان الاستدامة البيئية والمرتبة الأولى في المنطقة العربية بالنسبة إلى مؤشر الأداء البيئي لعام 2006. كما لفت إلى سعي الحكومة إلى حشد كل الهيئات الحكومية ذات الصلة بتطوير الشراكة العالمية من أجل التنمية وإرساء تطوير هيكلية تنسيق داخلية جيدة للتطبيق والمراقبة والتقييم ولإجراء مراجعة سنوية ووضع التقارير حول التقدم المحرز، بالإضافة إلى عملية صنع السياسات والقرارات الاستراتيجية. وبذلك التزمت الحكومة بوضع آليات لإكمال مسؤولية المانحين في عملية الأهداف الإنمائية للألفية «للتمكن، وبمساعدة أكثر فعالية، من تخفيف الدين بصورة أكثر استدامة وتوفير قواعد أكثر عدلا للتجارة قبل العام 2015».

وألمح التقرير إلى أن التعاون التنموي في لبنان يمر عبر مرحلتين، تمتد الأولى من العام 1992 إلى العام 1997 الفترة المباشرة التي تلت الحرب الأهلية، حيث ركز الدعم الدولي خلالها على مشاريع إعادة الإعمار. فافتُتح اجتماع عقد في عام 1997 في واشنطن، يسمى بمؤتمر أصدقاء لبنان، المرحلة الثانية بينما بدأت الحكومة بتوجيه اهتمامها نحو الاستقرار المالي، بما في ذلك تنمية القطاع الخاص. تم توسيع هذه المقاربة في عام 2006 للتركيز على التنمية الاجتماعية وبالتالي، تمكنت هذه المقاربة من وضع حجر الأساس لبرمجة ذات قاعدة عريضة للتنمية والتعاون الدولي ذي الصلة.