أبوظبي تواصل استراتيجيتها نحو تأسيس قاعدة لصناعة الطيران

إطلاق صندوق للاستثمار في الطيران بمليار دولار وتسويقه في مجلس التعاون

من المتوقع أن يتملك الصندوق أصولا بقيمة مليار دولار أميركي خلال العامين المقبلين («الشرق الأوسط»)
TT

تواصل إمارة أبوظبي مضيها قدما في توسيع قاعدة استثماراتها بعيدا عن النفط الذي تعد ثالث أكبر مصدر له في العالم، ومن ضمن استراتيجية أبوظبي الاتجاه نحو صناعة الطيران، الذي تأمل الإمارة في تتويجه عبر تصنيع أول طائرة تجارية في العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال الفترة من 2016 إلى 2018.

ويوم أمس أعلن بنك أبوظبي الوطني، ثاني أكبر البنوك الإماراتية الذي تملك الحكومة المحلية نسبة 70.48 في المائة من إجمالي أسهمه، أنه وقع وبنك «دي في بي إس إي» الألماني، مذكرة تفاهم لإطلاق صندوق للاستثمار في أصول قطاع الطيران وتحديدا في طائرات ومحركات مؤجرة لخطوط طيران دولية. ومن المتوقع أن يستحوذ هذا الصندوق على أصول تصل قيمتها إلى مليار دولار خلال عامين.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال شيراز حبيب، رئيس تطوير المنتجات في المجموعة المصرفية للاستثمار ببنك أبوظبي الوطني، إن هذا التوجه نحو صناعة الطيران «يأتي ضمن توجه مؤسسات عدة نحو الاستثمار في قطاع صناعة الطيران». ويضيف أن هذا الصندوق الاستثماري يوفر فرصا استثمارية في صناعة الطيران «التي تشهد نموا في أبوظبي والمنطقة خاصة والعالم بصفة عامة، بالإضافة إلى أن هذا الصندوق يدعم صناعة الطيران».

ووفقا لشيراز حبيب سيُطلق الصندوق خلال الربع الأخير من العام الجاري، على أن يبدأ التملك الفعلي مطلع العام المقبل، متوقعا العائد من هذا الصندوق الاستثماري بين 6 و8 في المائة سنويا، على أن يتم التوزيع بشكل سنوي أو ربع سنوي.

وأعلنت الذراع الاستثمارية لحكومة أبوظبي، شركة «مبادلة» للتنمية (مبادلة) في يونيو (حزيران) الماضي، أنها ستبدأ بأعمال الإنشاء لمصنع مكونات هياكل الطائرات «ستراتا للتصنيع»، ليستهل نشاطه في العام المقبل 2010.

وتقول الحكومة المحلية في أبوظبي إنها تنوي الاستفادة من إمكانياتها القائمة في أعمال صناعة الطائرات لكي تتحول إلى لاعب عالمي. وسيقوم بنك أبوظبي الوطني و«دي في بي»، اللذان يملكان الصندوق الاستثماري مناصفة، بإنشاء وإدارة الصندوق علاوة على الاستثمار فيه مع مستثمرين من دولة الإمارات العربية المتحدة وبقية دول مجلس التعاون الخليجي بشكل رئيسي، ومن المتوقع أن يتملك الصندوق أصولا بقيمة مليار دولار أميركي خلال العامين المقبلين.

وبحسب مسؤولين في بنك أبوظبي الوطني فإن صندوق الطيران سيتم تسويقه على مستثمرين كبار في الإمارات وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، في الوقت الذي قالت فيه مصادر قريبة من الصندوق إن الاستثمار فيه يبدو مضمونا قبل التسويق له، وذلك لتوافر عناصر النجاح التي يملكها البنك والشركة الألمانية في الاستثمار في صناعة الطيران.

وسوف تركز إمارة أبوظبي على تطوير قدراتها في تصنيع وصيانة معدات الطائرات المدنية والعسكرية وقطع الغيار الخاصة بها، إلى جانب الأجهزة الإلكترونية للطائرات العسكرية وأجهزة ومعدات الطيران الأخرى. كما تنوي الإمارة الاستفادة من إمكانياتها المتوافرة سلفا في أعمال صيانة الطائرات، لكي تتحول إلى لاعب عالمي في مجالات الصيانة والخدمات والإصلاح والتحديث وتصنيع قطع الغيار.

وقبل أشهر قليلة أعلنت شركة أبوظبي للمطارات (أداك) أنها عقدت اتفاقية شراكة مبدئية مع مجمع «بافاريا» لصناعة الطيران (bavAIRia)، وذلك لإنشاء مجمع لصناعة الطيران بمدينة العين الإماراتية. وسيقام هذا المجمع على مساحة 25 كيلومترا مربعا، ويقع بجوار مطار العين الدولي.

ويقول مارك ياسين، المدير العام للقطاع المصرفي للشركات والاستثمار في بنك أبوظبي الوطني، إن البنك يلتزم بدعم قطاع الطيران وتوفير فرص استثمارية متميزة لعملائه، مشيرا إلى عزم البنك على توفير التمويل اللازم لتعزيز صناعة الطيران. ويضيف ياسين «إن البنك قام بزيادة نشاطه في تمويل قطاع النقل ليصل إلى 6.36 مليار درهم بنهاية عام 2008 مقارنة بـ5.16 مليار درهم في عام 2007، الأمر الذي يؤكد عزم البنك على تنشيط جهوده لدعم الخطط الاقتصادية الرامية إلى تعزيز الطفرة التنموية التي تشهدها الدولة».

من جانبه، قال بيرتراند جابوسكي، عضو مجلس مديري «دي في بي»: «يدرك بنك أبوظبي الوطني و(دي في بي) أهمية هذه الفرصة لتوفير التمويل اللازم لصناعة الطيران وإتاحة فرص استثمارية جديدة في القطاع، ونعتقد أن الوقت ملائم للاستثمار في الأصول الخاصة بصناعة الطيران».

ويعد تطوير إمارة أبوظبي لتصبح لاعبا عالميا في قطاع صناعات الطيران واحدا من أبرز أهداف الرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي 2030. وتعمل شركة «مبادلة» على الاستفادة والربط بين الإمكانات المتوافرة حاليا وتشكيل شراكات صناعية لكي تشكل مجتمعة قاعدة قوية متطورة لصناعات طيران في إمارة أبوظبي.

وكان حميد الشمري، المدير التنفيذي المساعد لدى وحدة «مبادلة» لصناعات الطيران، التابعة لشركة مبادلة للتنمية «مبادلة»، قد أكد أن الشركة وضعت استراتيجية طويلة الأمد مع شركائها العالميين لتطوير تنمية قطاع صناعات الطيران، والمكونات الدقيقة، «مما سيساعدها على تصنيع وإنتاج أول طائرة تجارية في أبوظبي خلال الفترة بين عامي 2016 و2018».

وتقول الأرقام الرسمية التي تضمنتها الرؤية الاقتصادية أبوظبي 2030، إن الأسواق العالمية المرتبطة بالطيران والفضاء من أسرع الأسواق نموا وقوة من حيث العائدات التي قدرت قيمتها الإجمالية في العام 2005 بما يزيد على 500 مليار دولار.

ودائما ما يؤكد كبار المسؤولين في أبوظبي على رغبتهم الجادة في تنويع اقتصاد إمارتهم، الذي لا يزال يعتمد حاليا في غالبه على الصادرات النفطية.

وتعتبر إمارة أبوظبي المنتج الرئيسي في الدولة مقارنة ببقية الإمارات، فقد بلغ إنتاج الإمارة حدود 93 في المائة من إجمالي إنتاج الدولة من النفط الخام في عام 2006. أما دبي فقد شكلت نحو 4 في المائة من إجمالي الإنتاج، والباقي يمثل إنتاج إماراتي الشارقة ورأس الخيمة بما يقارب 3 في المائة من الإنتاج الكلي للدولة، حيث أنتجت إمارة الشارقة ما يقارب 80 ألف برميل في اليوم، وأنتجت رأس الخيمة 10 آلاف برميل في اليوم في عام 2005.