وزير السياحة الأردني: حركة الاستثمارات السياحية شهدت نموا كبيرا وتبدلا في النظرة إلى القطاع

9% معدل نمو السياحة الأردنية خلال النصف الثاني من العقد الماضي و500 مليون دولار استثمارات نفذها القطاع الخاص

TT

شهد القطاع السياحي في الاردن عدة تحولات جوهرية خلال السنوات القليلة الماضية ساهمت في تعزيز قدرته على التفاعل مع المعطيات السياحية الاقليمية والدولية وزيادة القيمة المضافة في الاقتصاد الاردني.

اكد ذلك وزير السياحة الاردني الدكتور طالب الرفاعي امام نحو 500 من رجال الاعمال والمستثمرين الاردنيين في مؤتمرهم الثاني الذي اختتم في عمان اخيرا، وقال ان التحول الاول برز عقب توقيع معاهدة السلام عام 1994 والآمال الواعدة بالاستقرار والتعاون الاقليمي باعتبار ان السياحة صناعة على درجة عالية من الحساسية للتقلبات واجواء التوتر وانعكاساتها السلبية على الحركة والحجوزات السياحية الى المنطقة بشكل عام.

واشار الى تكريس النظرة الى القطاع السياحي والتعامل معه كقطاع اقتصادي رائد تتوفر له مقومات النمو المستدام والقدرة على جذب الاستثمارات باعتباره احد التحولات الهامة والتطوير الشمولي الطابع في اطار رؤية استراتيجية متكاملة وخطط بعيدة المدى.

واوضح الرفاعي ان التحول الاول ادى الى تدفق الحركة السياحية بمعدلات عالية وصلت في عام 1995 الى حوالي 25%، وصاحب الزيادة الكبيرة في اعداد السياح والزوار زيادة الطلب على المنتج السياحي الاردني والمرافق والخدمات والتسهيلات السياحية. وعلى الرغم من العوامل السلبية التي اضعفت اجواء السلام في المنطقة فقد سجلت السياحة معدلات نمو عالية وصلت خلال النصف الثاني من العقد الماضي الى حوالي 9% سنويا وهي ما يوازي اكثر من ضعف معدلات النمو السياحة العالمية التي قدرت خلال نفس الفترة بحوالي 4%.

واضاف الرفاعي ان الدولة استجابت بسرعة لعوامل الطلب المتنامي على السياحة الاردنية بتطوير التشريعات والقوانين والانظمة لمواكبة المستجدات المتسارعة على الساحة السياحية وتوفير مرافق البنية التحتية من طرق ومياه وكهرباء واتصالات وتسهيلات الحركة السياحية في المطارات والمعابر، وفي نفس الوقت تفاعل القطاع الخاص من خلال علاقاته التبادلية مع القطاع العام مع الطلب المتزايد على الخدمات السياحية حيث تكثفت الاستثمارات السياحية في مرافق البنية الفوقية والمتمثلة في مشاريع الفنادق والمطاعم والنقل السياحي ومتاجر التحف الشرقية والادلاء السياحيين، واولت الدولة اهتماما خاصا للترويج السياحي باعتباره الاداة الرئيسة لاستقطاب الاعداد المتزايدة من الزائرين من اسواق السياحة والسفر العالمية والاقليمية وأنشات وطورت هيئة تنشيط السياحة لتكون الذراع المتخصص في ترويج وتسويق المنتج السياحي الاردني في هذه الاسواق.

واضاف ان التحول الثاني تمثل في النظرة والتعامل مع القطاع السياحي من مجرد قطاع ثقافي/اجتماعي الى قطاع اقتصادي، والتعامل مع السياحة كصناعة لها مقوماتها واحتياجاتها التي لا بد من توفرها، ولهذا فقد اعتبرت الخطط والبرامج الحكومية السياحية واحدا من القطاعات الاقتصادية الواعدة لغايات تنشيط النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات وزيادة الايرادات والدخل القومي ومساهمته في الناتج الاجمالي المحلي وتوفير فرص العمل. وقد ادى ذلك الى التغير الجذري في نظرة الى القطاع السياحي الى اعتباره احد القطاعات الرئيسة التي لها الاولوية في التوجهات الحكومية لتطوير وتحديث الاقتصاد الوطني.

اما التحول الثالث فكان باتجاه مواكبة القطاع السياحي للتطورات والمتغيرات في اسواق السياحة والسفر والتي تطلب نظرة شمولية ومتكاملة وفق افضل المعايير واعلى المواصفات التي تقود الى وضع الاردن على خريطة السياحة العالمية وتحويلها الى مقصد سياحي قائم بذاته (اي مستقر سياحي وليس معبرا) من خلال بناء صناعة سياحية متقدمة لها قدرات عالية على المنافسة من خلال استثمار الميزات النسبية والتنافسية بحكم التفرد في خصائص المنتج السياحي الوطني.

وصاحب هذا التحول توجه نحو السياحة الثقافية بأطيافها الواسعة بدل التركيز على المنتج الآثاري الذي اتسمت به السياحة الاردنية خلال المراحل الاولى لتطورها.

وابرز الرفاعي الاهتمام الخاص بالسياحة الدينية والسياحة العلاجية والسياحة الصحراوية والسياحة الحضرية القائمة على تنشيط اللقاءات والندوات وسياحة الحوافر مثل شهر التسوق والمؤتمرات الدورية والمناسبات والمهرجانات او على ما اصطلح اختصاره بكلمة «ام اي سي اي». كما تم تحديد «السياحة التي نريد» في سياق خطة وزارة السياحة الاردنية التي نصت على انه تفعيلا لدور صناعة السياحة الوطنية في ابراز معالم الاردن وتميزه كمنطقة جذب سياحي وتقديرا وتعظيما لدور السياحة في تطوير وزيادة الدخل القومي وتوفير العملات الصعبة وفرص العمل، واعترافا بالدور الكبير الذي بدأ القطاع الخاص بانتهاجه في مجالات الاستثمار واستقطاب رؤوس الاموال، ستعمل الوزارة على تطوير السياحة بمفهمومها الشامل لتعبر عن وجدان الامة وثقافتها وتاريخها وتراثها وإرثها وحضارتها ورخائها الاقتصادي وترسيخ القيم الانسانية النبيلة المبنية على السلام والاحترام المتبادل بين الشعوب.

وحتى يتحقق المدخل الشمولي والتكاملي في التعامل مع معطيات تطوير القطاع السياحي فقد كان لا بد من تحديد الاهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها في هذا الاتجاه والتي ركزت على:

ـ تطوير صناعة سياحية متقدمة ومتجددة ومستدامة قادرة على استثمار الميزات النسبية والتنافسية من خلال توفير مرافق وخدمات وتسهيلات البنية التحتية والفوقية للأنشطة السياحية.

ـ تطوير المواقع الاثرية والموارد السياحية لتوسيع وتعزيز مكونات المنتج السياحي الاردني والعمل على زيادة ليالي الاقامة للزوار وللسائحين وتعظيم الايرادات السياحية وتوسيع فرص العمل.

ـ توسيع دور القطاع الخاص في مجالات الاستثمار واستقطاب رؤوس الاموال واقامة المشاريع السياحية في اطار علاقات تبادلية مع القطاع العام الذي يتولى اعمال التنظيم والرقابة والمتابعة.

ـ الارتقاء بخدمات السياحة الى اعلى المستويات العالمية وفق افضل معايير الجودة والنوعية.

ـ تطوير الوعي السياحي بثقافة وإرث المملكة وحضاراتها وكنوزها الاثرية في اطار التنمية السياحية المستدامة ودمج المجتمعات المحلية وتوسيع مشاركتها في المشاريع السياحية للقطاعين العام والخاص.

ـ دعم البناء المؤسسي للمهن والفعاليات السياحية من خلال تطوير التشريعات والقوانين والانظمة وتدريب وتأهيل القوى البشرية.

ـ توسيع وتنشيط برامج التسويق والترويج السياحي في الاسواق العالمية والاقليمية وتعزيز علاقات التعاون مع هذه الاسواق.

وتم في نفس الوقت وبشكل مرادف تطوير سبعة محاور استراتيجية وآليات تنفيذ للمساعدة على ترجمة الاهداف في الواقع العملي، وذلك من خلال استغلال وتطوير الموارد والامكانات السياحية كافة وفق الاولويات، والعمل على تحويل المملكة الى محطة جذب سياحية رئيسية وزيادة اعداد السياح والزوار ومعدلات الاقامة والإنفاق وفرص العمل وكذلك العمل على توزيع متوازن وعادل لمكتسبات السياحة بين جميع المناطق.

وفي ما يتعلق بالمحور الاستراتيجي الثاني فقد تم التأكيد على بذل الجهود الحثيثة والمستمرة والعمل على تنويع وتطوير اطياف جديدة للمنتج السياحي الاردني بما يتناسب مع الطلب الحقيقي ومتطلبات حركة السياحة والسفر في الاسواق العالمية والاقليمية، وتم في هذا السياق ايضا تقديم التسهيلات اللازمة امام حركة السياحة وخاصة ما يتعلق بالاجراءات الحدودية واصدار التأشيرات ورسوم الدخول والمغادرة.

اما في المحور الاستراتيجي الثالث والمتعلق باستقطاب الاستثمارات وروؤس الاموال فقد تواصلت الجهود لتطوير عوامل جذب الاستثمارات والمشاريع السياحية في اطار الجهود الحكومية الهادفة الى تطوير بيئة جاذبة للمستثمرين وبالتعاون بين مؤسسات القطاعين العام والخاص.

=