رئيس البنك الدولي لا يتوقع تغير وضع الدولار كملاذ آمن في الأمد القريب

حذّر من خطر تضخم في جنوب شرقي آسيا وتباطؤ في الصين

يثير وضع الدولار كعملة احتياط رئيسية في العالم جدلا واسعا («الشرق الأوسط»)
TT

صرح رئيس البنك الدولي، روبرت زوليك، أن جنوب شرقي آسيا قد يشهد تضخما، فيما قد تشهد الصين تباطؤا في نموها بسبب إحجام كبير عن إعطاء القروض.

وقال زوليك للصحافيين: «حين تراقبون اقتصادات جنوب شرقي آسيا، سترون مؤشرات إلى نهوض قوي وكذلك مؤشرات إلى تضخم محتمل».

وأوضح أن المصارف المركزية الآسيوية تتجه إلى تبني سلوك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في سياستها النقدية، وفي هذا السياق فهي لا تريد زيادة نسب الفائدة في شكل سريع. وأضاف زوليك: «إذا تحركت على هذا النحو، فإن هذا الأمر قد يؤثر عبر خلق كتلة تضخمية».

وتابع: «أعتقد أن الصين، التي أظهرت سلوكا ممتازا وأدت دورا رئيسيا في النهوض، تواجه تحديا». وقال أيضا إن «منح (الصين) قروضا كان كبيرا جدا وهم الآن بصدد تقليصه، وهذا الأمر قد يؤثر على نموهم خلال عام 2010».

وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الصندوق يتوقع تراجع النمو في الصين بمعدل نقطتين على أن يبلغ 8.5 في المائة هذا العام.

وحذّر الصندوق من التزايد الكبير لحركة منح القروض الذي شهدته الصين منذ بداية العام، والذي يواكب تطبيق خطتها للنهوض، معتبرا أنه ينطوي على مخاطر. وأوضح زوليك أن الدول النامية ما زالت متضررة بشدة من التراجع الاقتصادي العالمين وأن البنك الدولي الذي تشمل أهدافه مكافحة الفقر يحتاج إلى مزيد من الموارد لمساعدتها. وأوضح زوليك الذي تحدث قبيل بدء اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في إسطنبول أنه سيعرض في مطلع هذا الأسبوع على عدد من الدول زيادة إسهاماتها المالية للبنك لمواجهة ازدياد الطلب من الاقتصادات الناشئة في مقابل أن يكون لها صوت أكبر في المؤسسة. وأضاف أنه يدرك أن ميزانيات الدول الغنية مثقلة بسبب الأزمة المالية العالمية. واقترحت الدول الأعضاء في مجموعة العشرين الأسبوع الماضي تغيير اللوائح بحيث تعطي الدول النامية صلاحيات أكبر في التصويت على حساب الدول المتقدمة. وحذّر البنك الدولي من أنه سيبدأ في مواجهة نقص تمويلي خطير بحلول منتصف العام المقبل ما لم يحصل على المزيد من التمويل من الدول الأعضاء.

وقال زوليك إنه في حين بدأت بعض الاقتصادات تشهد دلائل على الانتعاش الاقتصادي فإن أفقر دول العالم ما زالت متضررة من تراجع التجارة العالمية وانخفاض تحويلات العاملين في الخارج وتراجع إيرادات السياحة.

ودعا الدول الأعضاء لدعم اقتراح لتسهيل ائتماني لمواجهة الأزمات للدول منخفضة الدخل من شأنه حماية البرامج الاجتماعية خلال الأزمات المالية في المستقبل.

وقال زوليك: «كسرنا التراجع في أسواق المال، لكن من السابق لأوانه بالتأكيد إعلان تحقيق النجاح». وأضاف: «لحسن الحظ لم يعد الخطر القائم اليوم يتعلق بانهيار الاقتصاد بل بالمبالغة في الرضا عن الذات... إذا انحسرت الأزمة سيكون هناك ميل طبيعي».

وأوضحت وكالة «رويترز» للأنباء أن البنك الدولي ارتفع إقراضه إلى ثلاثة أمثال للدول ذات الدخول المتوسطة ليبلغ 33 مليار دولار، وارتفعت قروضه ومنحه التي لا تُرد بنسبة 25 في المائة إلى 14 مليار دولار للدول الأكثر فقرا.

وقال زوليك إنه في حين تقود الهند والصين الانتعاش العالمي فإن دولا أخرى في جنوب شرقي آسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط قد تكون محركا كذلك للنمو عن طريق تعويض تراجع الطلب في الاقتصادات المتقدمة.

وأضاف: «اقتصاد متعدد الأقطاب هو اقتصاد عالمي أكثر استقرارا». لكنه قال إن الدول الأفقر ستكون في حاجة إلى المزيد من القروض من البنك الدولي لمساعدتها في زيادة الطلب المحلي. من جهة أخرى قال روبرت زوليك رئيس البنك الدولي أمس، إنه لا يتوقع تغير وضع العملة الأميركية كملاذ آمن. وأبلغ زوليك لجنة استضافها تلفزيون «فرانس 24» «عندما تفجرت الأزمة ورغم كل الحديث عن عدم التيقن بشأن الدولار، فقد ارتفعت قيمته، وهو ما ينبئ بأنه اعتبر ملاذا آمنا ولا أتوقع أن يتغير هذا في الأمد القريب». من جهة أخرى أشاد مسؤولون أوروبيون أمس بتجدد مساندة الولايات المتحدة لدولار قوي في إطار تحضيرهم لمحادثات مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في اسطنبول.

وبحسب «رويترز» قال وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر في وقت متأخر من مساء أول من أمس الخميس، إن الدولار القوي مهم جدا بعد شكاوى من جانب واضعي سياسات في أوروبا بشأن التقلبات في أسواق الصرف. وقال يواكين ألمونيا مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية بالاتحاد الأوروبي إن منطقة اليورو والمسؤولين في الاتحاد الأوروبي، أوضحوا موقفهم المشترك تماما ورحبوا بالموقف الأميركي.

وقال ألمونيا بعد اليوم الثاني والأخير من اجتماعات وزراء مالية الاتحاد الأوروبي ومحافظي البنوك المركزية «إننا نعلم موقف السلطات الأميركية من الدولار».

وأضاف «إننا نسعد كثيرا عندما يؤكدون هذا الموقف وهذا الرأي علنا».

وارتفع سعر اليورو بأكثر من أربعة في المائة أمام الدولار حتى الآن هذا العام مما تسبب في المزيد من الأضرار للمصدرين في وقت سجل فيه الاقتصاد تراجعا حادا.

من جهة أخرى استقر سعر الدولار أمام سلة عملات أمس، بعد أن قام المتعاملون بتسوية مراكزهم قبيل صدور بيانات العمالة الأميركية واجتماع وزراء مالية مجموعة الدول الصناعية السبع في مطلع الأسبوع المقبل.

واستفاد الدولار من ضعف أسواق الأسهم بعد صدور بيانات اقتصادية أميركية ضعيفة جددت المخاوف بشأن قوة الانتعاش الاقتصادي، مما أثار عمليات بيع لجني الأرباح على العملات ذات العائدات المرتفعة وتراجع الإقبال على المخاطر بشكل عام.

ويعني ذلك أن المستثمرين أعادوا شراء الدولار الذي استخدموه في شراء عملات وأصول أخرى ذات عائدات مرتفعة في الأسابيع القليلة الماضية، مما عزز الإقبال على الدولار كملاذ آمن في أوقات تتسم فيها الأسواق بعدم التيقن وتراجع الإقبال على المخاطر. لكن مكاسبه كانت محدودة بسبب انخفاض عائدات سندات الخزانة الأميركية وتوقعات أن تكرر مجموعة السبع دعوتها لتحقيق التوازن في الاقتصاد العالمي وهي عملية من المرجح أن تتطلب دولارا ضعيفا وعملات آسيوية أكثر قوة. واستقر سعر مؤشر الدولار الذي يقيس سعره أمام ست عملات رئيسية عند 77.25. واستقر سعر اليورو عند 1.4530 دولار بعد أن سجل أدنى مستوياته في ثلاثة أسابيع عند 1.4502 دولار في وقت سابق أمس. ونزل سعر الدولار 0.2 في المائة إلى 89.40 ين مقتربا من أدنى مستوياته في ثمانية أشهر عند 88.23 ين الذي سجله يوم الاثنين. من ناحية أخرى أظهرت دراسة حديثة أن الشركات الألمانية تتجه إلى زيادة قدراتها الإنتاجية في الولايات المتحدة مع التوسع في عمليات الشراء مستغلة في ذلك تراجع قيمة الدولار الأميركي.

وأظهر استطلاع أجراه معهد دروغي أند كومب المتخصص في استشارات الشركات بالتعاون مع صحيفة «هاندلسبلات» الاقتصادية أن أكثر من نصف 500 شركة ألمانية عاملة في الولايات المتحدة تعتزم زيادة قدراتها الإنتاجية للاستفادة من تراجع قيمة الدولار وارتفاع فرص تحقيق الأرباح.

يأتي ذلك في الوقت الذي فشلت فيه الشركات الألمانية في زيادة أسعارها في السوق الأميركي بسبب الأزمة الاقتصادية المالية والعالمية واضطرارها للاعتماد على الموردين المحليين في الولايات المتحدة والاستقلال بالتالي عن السوق الأوروبي.

وأوضحت الدراسة التي نشرت نتائجها أمس أن الشركات الألمانية ترغب في الاستحواذ على شركات أميركية، نظرا لأن ارتفاع سعر العملة الأوروبية اليورو يقلل من سعر الشراء.