وزير التجارة المصري لـ الشرق الاوسط: انضمام مصر للاتحاد الجمركي الخليجي سيفيد الجانبين

رشيد محمد رشيد: التداخل بين القطاع الخاص والسياسة موجود في كل دول العالم.. وله ضوابطه

المهندس رشيد محمد رشيد (تصوير:حاتم عويضة)
TT

المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري ليس متفائلا أو متشائما تجاه الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية الناجمة عن العاصفة التي ضربت المؤسسات المالية الدولية، ففي رأيه أن الخروج منها سيحتاج إلى بعض الوقت بين 3 و4 سنوات. في الوقت ذاته يرى أن النشاط الداخلي للسوق المصري عوّض التأثيرات الخارجية للأزمة التي كان لها وجه إيجابي وهو إثبات صحة الإصلاحات الاقتصادية المصرية التي اتخذت في السنوات الماضية وقللت من آثار الأزمة. وفي الحوار التالي الذي أجرته «الشرق الأوسط» خلال زيارة الوزير الأخيرة إلى بريطانيا أجرى فيها مباحثات مع مسؤولين وشركات تحدث عن طائفة من القضايا الاقتصادية بدءا من العلاقات الخارجية التجارية والاستثمارية لمصر وطلبها الانضمام إلى الاتحاد الجمركي لمجلس التعاون الخليجي وآثار الأزمة العالمية واستمرارية إجراءات الإصلاح والانفتاح على العالم، وصولا إلى صورة رجل الأعمال لدى رجل الشارع العادي وما يثار في أحيان عن التداخل بين رجل الأعمال والسياسة.. وإلى نص الحوار.

عن زيارته ومباحثاته في بريطانيا قال.. لدينا علاقات اقتصادية مهمة بالمملكة المتحدة، فتاريخياً بريطانيا من أكبر الدول المستثمرة في مصر وعلاقتنا التجارية كبيرة ومهمة وتعتبر بين أهم 5 دول في العالم نتعامل معها تجاريا.. وكلنا على دراية أن بريطانيا تأثرت بشكل كبير جدا بالأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي هناك داع لتحديد أولويات العلاقة الاقتصادية معها، فطبعا وسط تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية كان هناك نوع من القلق الشديد، وعدم الوضوح، لكن الآن بدأت الصورة تستقر بعض الشيء والأمور تتضح.

ونحن على الأقل في مصر ظروفنا أصبحت أكثر وضوحا ومدى تأثرنا أصبح ملموسا وواضحا، ونرى أن هناك مستقبلا إيجابيا، وبدأنا اليوم نخرج من هذه الأزمة.. هذه الأزمة لو كانت لها نتائج لدينا فإن نتائجها إيجابية.. وهو أننا تأكدنا أن الإصلاح الاقتصادي بصفة عامة وتأثيراته كانت إيجابية علينا.. الدفعة التي أخذناها في الإصلاح الاقتصادي مكنتنا من عبور هذه الأزمة بدون تأثيرات كبيرة، بالعكس فهي حسنت موقفنا التنافسي في العالم، أصبحنا من الدول التي لا تزال تنمو بمعدلات بين 4% ـ 5%. وهذه يجعل مصر أكثر جاذبية. وكنا نحتاج فيما يخص بريطانيا بصفة عامة إلى إعادة تقييم للعلاقة الاقتصادية في الفترة المقبلة لنعرف ماذا ستكون عليه أولوياتها، وهناك مشاركة حكومية مع القطاع الخاص في هذا التقييم. وإضافة إلى لقاءات المسؤولين الحكوميين كانت هناك لقاءات مع العديد من الشركات البريطانية سواء المستثمرة في مصر أو غيرها لمعرفة ما هي الأولويات خلال 3 أو 4 سنوات المقبلة وما هي القطاعات التي عليها استثمارات في الخارج والقطاعات التجارية التي من الممكن أن تكون لها فرصة في التصدير، وما هي القطاعات التي ستنكمش والانكماش نفسه قد يكون فيه فرصة أن نجد اليوم بعض الشركات تغلق أو تنقل أعمالها إلى أماكن أخرى، فهي فعلا فترة مهمة جدا أن نقيّم مستقبل هذه العلاقة خلال السنوات القليلة المقبلة.

* هل هناك تصور من الجانب المصري عن هذه الأولويات؟

طبعا لدينا اليوم أكبر 20 شركة بريطانية تستثمر حوالي 20 مليار دولار في مصر.. طبعا المجالات الأساسية هي الغاز والبترول.. هناك مجالات مثل الاتصالات (فودافون) البنوك («إتش إس بي سي» و«باركليز»).. طبعا الشركات الصناعية لدينا مجموعة كبيرة جدا تعتبر عاملا مهما.. قطاع الأدوية عندنا شركات مستثمرة هناك لكن إضافة إلى ما نراه من توسع لهذه الشركات في مصر نرى أن هناك قطاعات جديدة فيها فرص.. مثل الطاقة المتجددة التي نرى أن لنا فيها أولوية مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقات المتجددة بصفة عامة، وكذلك مجالات الكول سنترز والتجارة الداخلية التي نرى أن فيها فرصا كبيرة للشركات البريطانية.

* قطاع التجارة الداخلية قطاع حساس بالنسبة إلى صغار أصحاب الأعمال التجارية المصريين وبالتالي يمكن أن يواجه المستثمرون الأجانب في هذا القطاع صدى اجتماعيا؟ ـ أي تغيير هناك ناس سيكونون مؤيدين وآخرون سيرفضون. هذه طبيعة الإصلاح والتغيير.. وهذا ينطبق على أي استثمار أو أي تغيير أو عندما تفتح مجالات معينة، فعندما تأتي شركة كبيرة من الخارج سيكون هناك أمامها مجموعة كبيرة من الشركات المصرية ستشعر بالمنافسة. لكن نحن ارتضينا في مصر أن جزءا أساسيا من الإصلاح الاقتصادي مبني على المنافسة.. السبب أننا نريد أن نزيد التنافسية والإنتاجية لشركاتنا.. ولا يمكننا تحسين إنتاجيتنا إلا إذا كانت هناك منافسة.. ولو حمينا شركاتنا فلن نتحسن.

والتوجه الذي أخذناه من عام 2004 هو المزيد من التنافس والمزيد من الاندماج، وعندما نجذب شركات أجنبية في التجارة الداخلية فإن المسألة ليست لمجرد التباهي.. هذه الشركات لديها من التكنولوجيا ومن طرق الشراء والبيع والتخزين والتعاقد أحدث ما هو موجود في العالم.. وهو غير موجود في مصر، وبالتالي المستهلك المصري لا يستفيد من هذه المزايا.. نحن نريد أن يستفيد المستهلك المصري من الجودة والأسعار المنافسة.. نريد للمنتج المصري أن يستفيد.. نحن نرى اليوم شركات داخل مصر استفادت من التجارة الداخلية داخل بريطانيا.. كيف؟ هذه الشركة مثلا تحدد للمزارع المصري ماذا يزرع وكيف يعبئه وينظفه وكيف يغلفه وكيف يصدره، وأصبح العائد بالنسبة له أعلى، فيأخذ ـ مثلا ـ من الخيار الذي يزرعه 4 أو 5 أضعاف العائد لأنه ينتجه ويصدره بمواصفات سليمة. في الوقت نفسه تتطور الزراعة لدينا. وهذا حدث أيضا في صناعة الأثاث. فالتجارة الداخلية المتقدمة تفيد الزراعة والصناعة.

* في الفترة الأخيرة كانت هناك جولات خارجية لوزراء المجموعة الاقتصادية المصرية، وواضح أن ذلك يبدو بهدف ضمان استمرار جذب استثمارات أجنبية.. هل ترى أن ذلك ممكن أو واقعي في ضوء انكماش في التمويل والاستثمار على مستوى العالم؟

ـ هناك تغير عالمي يحدث في مناطق الاستثمار، فالشركات الكبيرة لديها أموال وإذا كانت لديك سيولة فأين ستستثمر.. الطبيعي الاتجاه إلى أماكن فيها طلب، ومع نسب النمو السلبية في الولايات المتحدة وأوروبا أصبح هناك بُعد عن الأماكن التقليدية.. فرغم كل ما يقال فإن أوروبا وأميركا واليابان كانت تستحوذ على 60% من الاستثمارات في العالم لأنها أكبر 3 مناطق اقتصاد في العالم.. وهذا يتغير اليوم. والفرصة ألا تكون فقط من الدول المستمرة في تحقيق نمو إيجابي لكن أن تضمن أن هذا النمو سيستمر.. وتصبح منطقة جذب حقيقية.

* ما تأثير الأزمة العالمية على التجارة والصادرات وعلى الاقتصاد؟

ـ الصادرات المصرية في عام 2004 كان تقريبا إجماليها أقل من 10 مليارات دولار، وهذا يشمل النفط.. العام الماضي وصلنا إلى 29 مليارا، أي تضاعفنا 3 مرات. ما حدث في عام 2009 أن صادراتنا انخفضت 8% بنسبة 4% في البترول و4% في الصادرات غير البترولية، هذا هو مقدار الانخفاض.. ويجب أن نلاحظ أننا نقيس الصادرات في مصر بالقيمة وليس الكمية، وهذه القيم تأثرت بمستويات الأسعار فالنفط الذي كنت تبيعه بـ 100 دولار تبيعه الآن بـ 50. ولو قلنا إن صادراتنا تراجعت 8% في إجمالي القيمة فإن متوسط التراجع في الأسعار حوالي 20% ولا فرق عُوّض بالإنتاجية.

ويجب أن نلاحظ أنه لم يحصل تسريح لعمال في مصر، ولم نر مصانع تغلق، ولم يقلّ استغلال الطاقات المتوفرة ولم تتراجع نسبة العمالة.. أنا توقعي أن صادراتنا في العام المالي الجديد 2009 ـ 2010 ستزيد بين 10 و15% وجزء من هذه الزيادة سيكون في القيمة لأن القيم بدأت ترتفع مرة أخرى.

وطبعا كل ما هو يتعلق بالعالم الخارجي تأثرنا به، السياحة قلّت، الصادرات انخفضت، الاستثمارات الأجنبية تراجعت لكن نسب الانخفاض أقل مما كنا نتوقع. طبعا كان أكبر تأثر في قناة السويس لأنها تعبر عن التجارة العالمية. السياحة تراجعت أقل من 10% وكذلك الصادرات، لكن ما عوّض ذلك هو الاستهلاك الداخلي ونشاط السوق الداخلي.

وتوقعاتنا أن الأزمة العالمية وصلت أدنى مستوياتها، وبالتالي لن نرى انخفاضا أكثر من ذلك، ولكن السؤال الكبير: كيف نستعيد ما فقد وبأي سرعة هل سيأخذ الأمر سنة أو اثنتين أو خمسا أو ستاً؟.. أنا لست متفائلا ولا متشائما.. أنا أرى أن العملية ستأخذ وقتا، لن نخرج من الأزمة في سنة واحدة، سنأخذ 3 أو 4 سنوات ولكن الحيوية الموجودة في مصر ستستمر، وقد يصل النمو هذه السنة المالية إلى 4.7% والعام الجديد في تصوري سيكون النمو 5%.

* هل الـ 5% كافية في ظل زيادة السكان؟

ـ لا ليست كافية، نحن وضعنا لأنفسنا هدفا هو 6% على الأقل، لكن في النهاية أنت تتعامل بالأدوات المتاحة أمامك.

* لو تحدثنا على المستوى العالمي هناك مؤشرات بدء الخروج من الركود ولكن هناك أيضا حديث عن أرقام العجز والاقتراض التي يتعين مواجهتها بعد الخروج من الأزمة؟

ـ الأزمة لم تنته.. ما انتهى اليوم هو الانحدار.. العالم كل ما يطلع فيه من إيجابي يتحدث عن وصولنا للقاع.. أنا شخصيا دائما أتساءل ما هو الخبر الجيد في أننا وصلنا إلى القاع.. السؤال الحقيقي متى الطلوع. وطبعا الأزمة أخذت حدتها في أوروبا وأميركا بينما دول مثل الصين والهند حدة الأزمة فيها أقل بكثير.

ولكن الأزمة لم تنته.. وإنما بدأت حدودها تظهر بما يعني أن الأمور لن تكون أسوأ.. والخروج من هذا القاع فيه مخاطر كثيرة جدا مثل مسألة حجم الديون التي أصبحت ضخمة جدا على الدول... المشكلة الثانية التي أراها تتمثل في مجموعة العشرين، فالشعور بالاطمئنان يعني أن الإجماع لن يكون موجودا فعندما كان هناك إحساس بالغرق كان الجميع متكاتفين.. وعندما بدأت الأمور تستقر أصبح هناك شد وجذب حول المصالح وفرص الاتفاق والالتزام أقل.. نحن الآن في مفترق طرق ما بعد الأزمة سيكون أصعب من الأزمة لأنه في حالة الأزمة الخوف جعل العالم يتكاتف مع بعضه.. في الفترة المقبلة لن يكون هذا موجودا وبالتالي ستكون هناك صراعات.

* هل سياسة ضبط العجز في إطار الإصلاحات ما زالت مستمرة أم تم تخفيفها لدواعي الأزمة؟

ـ نحن في نفس الطريق.. حجم العجز في الميزانية العام الماضي كان أقل مما التزمنا به. كنا نتحدث عن 6.8%، وصلنا إلى 6.3%، العام الحالي لأن إحنا زدنا مثل الدول الأخرى الإنفاق سنكون أقل من 7%.

وكل التقارير الدولية تؤكد الإصلاحات في مصر وإصرارنا عليها.. هذه الأزمة كانت مجال اختبار هل الدول التي في حالتنا ستتراجع.. كنا أمام ضغوط شديدة لإغلاق البلد، وهناك بلدان متقدمة اتخذت إجراءات.. الإغلاق بمعنى أن تقول لا نريد منافسة ونحمي المصانع وأحمي كذا.. وهذا الكلام سيتحمله المستهلك ولكن مثلما قلنا فإن عدم وجود منافسة لن يدفع إلى تحسين الإنتاجية والتنافسية.. تحت هذه الضغوط تمسكنا بمبادئ الإصلاح الموجودة لدينا وتمسكنا بضبط الموازنة.

* إذا كانت دول أخرى تضع إجراءات حمائية مثل أميركا في حالة الإطارات مع الصين؟

ـ هناك قوانين.. لو حصل إغراق فهناك إجراءات.. وقد اتخذناها سابقا، مثلا.. في بداية الأزمة كان هناك إغراق في السكر ولكن لم نتجاوز ما هو قانوني.. العملية لم تكن توجها. أنا رجل صناعي.. 29 عاما في الصناعة لست ضد الصناعة.. لكن الصناعة لن تتقدم إلا لو وضعت تحت منافسة، فالمنافسة هي الشيء الوحيد الذي يجعلك تتقدم. والدليل على هذا أننا عندما زدنا المنافسة زادت صادراتنا. وقد كانت لنا رؤية واضحة متوازنة لم نحُد عنها، لم ننفعل أو نفقد أعصابنا ونقفل ونفتح. وفي الوقت نفسه أعطينا المساندة في الأماكن المطلوبة بمزيد من الاستثمارات في البنية التحتية التي نحتاجها، أعطينا مساندة لبعض الشركات، أعطينا مساندة لاستثمارات جديدة.

* حظر تصدير الأرز.. أليس حمائية؟

ـ هي حمائية.. لكن لمستهلك وليس للصناعة.. لقد جاءت أزمتان وراء بعضهما البعض في منتهي الصعوبة، إحداهما فترة تضخم لم يرها العالم منذ فترة طويلة ونسيناها، لكن هذا كانت من سنة عندما كانت أسعار البترول 150 دولارا والأرز 13 جنيها. لو فتحنا تصدير الأرز سيرتفع سعره داخل مصر من 2.5 جنيه إلى عشرة جنيهات. لكن لم نغلق تصديره لهذا السبب فقط ولكن أغلقناه لأن هناك سياسة مائية زراعية فيها أيضا. فقد حصل توسع رهيب جدا في زراعة الأرز وهو من أكثر السلع التي تستهلك مياها.. لذا فقد حدد وزير الزراعة ووزير الري هذه المساحات وقالا أننا يجب ألا نتجاوز مساحة محددة وصلت قبل إلى ذلك إلى حوالي مليوني فدان.. طبعا هذا له عواقب سيئة على السياسة المائية الزراعية في مصر، نحن لا نتحدث فقط من منطلق إنتاجي لكن من منطلق التخطيط الاستراتيجي، فنحن لا نتحمل زراعة مليونين أو 2.5 مليون فدانمن الأرز بغرض التصدير فنكون بذلك وكأننا نصدر مياها ونحن في حاجة إلى مياه.

* مرت هذه الحكومة بأزمات خارجية عالمية هل تعتبرها سيئة الحظ رغم الإجراءات التي اتخذتها على صعيد الإصلاح.. وهل ترى أن حكومات سابقة لو كانت اتخذت إصلاحات أسرع كانت ستجعل الموقف أسهل اليوم؟ ـ أولا مسألة حكومة سيئة الحظ.. لا، أنا لست مقتنعا بها، فطالما أنت في موقع مسؤولية فأنت موجود حتى تحل مشكلات.. لو لم تكن هناك مشكلات فليس لنا داع.. لا أتصور أن هناك حكومة ستأتي لن يكون أمامها تحديات.. أما قصة الذين قبلنا ماذا كانوا سيفعلون.. الظروف كانت مختلفة. الحكومة المصرية في الثمانينات أو التسعينات كان عندها تحد مختلف غير ما نراه اليوم. لو تعود الثمانينات ستجد أن الديون كانت هائلة واستدنا لأننا كنا خرجنا من حرب وجاء الرئيس السادات وقضية البنية التحتية والهاتف والطرق واقترضنا هذه الأموال وكان لدينا ديون رهيبة، فكانت المشكلة في الديون.. بعد حرب العراق دخلت معادلة الصندوق الدولي؛ قال سأعطيك فرصة وأرفع عنك نصف الديون بشرط أن تسير على هذا البرنامج والروشتة.. يعني كل حكومة لها تحدياتها وظروفها.. هل لها أخطاؤها؟.. طبعا كان لها أخطاؤها ونحن أيضا لنا أخطاؤنا.. لو ستجيء وتقيّم بعد 5 سنوات ستقول هناك أشياء نفذناها صح وأخرى خطأ.

* عقدت القمة الاقتصادية العربية الأولى في الكويت في بداية العام هل ترى أن هناك تجاوبا مع تنفيذ قراراتها والسير في التعاون الاقتصادي العربي؟

ـ القمة الاقتصادية الثانية ستكون في مصر.. وقد تم اتخاذ قرار في القمة الاقتصادية بأن عام 2015 سيشهد تطبيق قرار الاتحاد الجمركي. ومصر تقدمت بطلب إلى مجلس التعاون للانضمام إلى الاتحاد الجمركي الخليجي. هذا الاتحاد لو تم فسيكون الخطوة الأولى والأساسية في الاتحاد الجمركي العربي لأنه تم بين مصر والدول الست.. ورد الفعل كان إيجابيا وكلهم قبلوا وبدأنا مفاوضات فعلا. وزرت السعودية والإمارات وعمان في هذا الإطار وتحدثنا مع قطر. ونحن ننظر إلى نموذج مجلس التعاون الخليجي كنموذج ناجح استطاع تجاوز الكثير ولو تم الاتحاد الجمركي معهم سيكون مفيدا جدا للطرفين. هم سيأخذون عمقا متمثلا في الاقتصاد المصري ونحن سنأخذ عمقا هو الاقتصاد النشط لديهم وسيجعل ذلك حركة الاستثمارات والتجارة ترتفع بسرعة عظيمة.

* تقريبا مرت حوالي 30 عاما من الانفتاح الاقتصادي في مصر.. وما زالت الثقافة العامة عن صورة رجل الأعمال ودوره سلبية ليست مثلا كما هو موجود في الغرب.. كما أنه دائما ما يثار جدل حول العلاقة بين رجال الأعمال والسلطة؟

ـ موضوع الصورة العامة لها سبب هو تاريخي من فترة الاشتراكية.. دور الدولة في كل دول العالم هو المنظم والمراقب، وهو قوي وملموس، فإذا خالفت تستطيع الدولة التدخل.. هذا الدور انهار في مصر سابقا لأن ما حصل في الستينات أننا نقلنا دور الدولة من مراقب ومنظم إلى منتج وبائع، وأصبحت هي التي تنتج كبريتا لا يشتعل ولا أحد يستطيع أن يقول شيئا، وبضاعة تالفة وتعليما ضعيفا ولا أحد يقول شيئا.. الدور الخاص بالرقابة والتنظيم ضاع مقابل أن الدولة توسعت في دور المنتج عندما حصل التحول أيضا لم يتحقق هذا الدور ولم تكن هناك الإمكانيات لذلك وقتها. وبالتالي هذا ما نركز عليه حاليا، فدور الدولة يجب أن يكون المنظم والمراقب والمعاقب لأي تجاوزات، هذا هو الذي سيعطي اطمئنانا للناس لأن الذي يخالف سيعاقب. وهذا الدور يحتاج إلى قوانين حماية مستهلك وحماية المنافسة وضرائب مضبوطة وقوانين ملكية مضبوطة. أما التداخل بين السياسة والقطاع الخاص فهذا موجود في العالم كله وهو أيضا يحتاج إلى ضوابط.. من الذي قال إن القطاع الخاص لا يتدخل في السياسة؟ نحن نقول للشباب: اذهبوا للعمل في القطاع الخاص وليس الحكومة بعد ذلك سيكون الشعب كله في القطاع الخاص فهل نقول له لا تدخل في السياسة. لكن هناك ضوابط.. ففي السياسة لو عندك فلوس يجب أن تكون لديك قراراتك وإذا كنت عضوا في الحكومة أو مجلس الشعب فيجب ألا تشتري أو تبيع شيئا للدولة وألا تأخذ أراضي إلى آخره.. هناك قواعد وأنظمة.. وهذا هو المطلوب حتى تطمئن الناس.