الدول العربية تعتمد التجربة المصرفية السعودية بتطبيق نظام الرقم الدولي للحساب المصرفي

«آيبان» يخفض التكاليف ويحد من تدخلات العمليات اليدوية غير الضرورية

TT

كشفت مصادر مصرفية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الدول العربية اعتمدت التجربة المصرفية السعودية المتعلقة بتقنية «تنميط الحسابات المصرفية»، والمعروفة ب«آيبان»، التي كانت السعودية إحدى أوائل الدول العربية استخداما لها، قبل أن تلحقها باقي الدول العربية، باستخدام نفس النموذج المصرفي السعودي.

وبحسب المصادر فإن مؤسسة النقد السعودي تقدمت لمجلس محافظي المصارف المركزية العربية بعرض لتجربتها في هذا النظام، وهو ما نال استحسان الدول العربية التي أقرت الموافقة على استخدام نفس النظام، بعد الأخذ بالملاحظات التي قدمتها الدول الأعضاء.

وتستخدم حاليا 45 دولة في العالم «آيبان» كتنظيم محلي لأرقام حسابات العملاء، ويتفاوت طول رقم الحساب لكل دولة، إلا أن الحد الأقصى لطول عدد خانات رقم الحساب هو 34 خانة.

ويتكون رقم حساب «آيبان» من خانتين من حرفين خاصَّين برمز البلد، ثم خانتين من رقمين خاصَّين بحق التدقيق، ثم 30 خانة لرقم الحساب البنكي الأساسي، والأمر متروك لكل دولة باتخاذ قرار بشأن عدد خانات رقم الحساب البنكي الأساسي، مع الالتزام بأن يكون الطول ثابتا لدى كل دولة.

وتقول المصادر إن العمل بنظام الرقم الدولي للحساب المصرفي «آيبان»، يساعد من خلال اتباع مواصفات موحدة لتركيبة أرقام الحسابات، على تحقيق الكثير من المزايا والمنافع، سواء للاقتصاد الوطني ـ وبوجه خاص للنظام المصرفي ـ أو على مستوى تحسين الخدمات المالية والمصرفية وخدمات مقاصة وتسوية المدفوعات محليا وعبر الحدود. ويتحقق ذلك من خلال توحيد تركيبة مواصفات رقم الحساب بين المصارف عبر الحدود على المستوى الدولي من جهة أخرى.

ولعل أهم المنافع التي تجنيها النظم المصرفية التي تطبق «آيبان»، تتلخص في المساعدة على تحسين تقديم خدمات مصرفية هامة، وتعزيز سلامة المعلومات المالية المصاحبة للحوالات المصرفية، وتوفير الأداء الملائم والفعال للمصارف المستقبلة للحوالات، للتحقق من صحة رقم الحساب ومكان وماهية المنشأة المالية التي أصدرته، وخفض الأخطاء التي تحدث حين معالجة التحويلات المالية محليا ودوليا مع تحقيق سرعة التنفيذ. كما يسهل تطبيق النظام أيضا تسهيل إجراءات تحويلات البنوك لمدفوعاتها المحلية والدولية، وبالتالي تسريع تحويل وإيداع الحوالات المالية الدولية الصادرة والواردة، بالإضافة إلى أن تطبيق «آيبان» يخفض التكاليف ويحسن المقدرة التشغيلية لتنفيذ التحويلات المالية داخل أنظمة البنوك من خلال القضاء أو الحد من تدخلات العمليات اليدوية الغير ضرورية، كما أنه يزيد قدرة البنوك على استيعاب النمو المطرد لأعداد الدفعات.

وعلى الرغم من تنامي استخدام الرقم الدولي من قِبل العديد من الدول في العالم، فإن استخدام هذا النظام في الدول العربية لا يزال محدودا، باستثناء عدد قليل من الدول مثل السعودية والإمارات وتونس. وأقدمت تونس في عام 2006 على استخدام هذه التقنية، والسعودية في العام الماضي 2008، والإمارات في العام الجاري 2009، في حين تعمل بعض الدول العربية مثل لبنان وموريتانيا حاليا على استخدام هذا النظام، حيث حدد مصرف لبنان منتصف العام المقبل 2010، كموعد لاستكمال إجراءات إدخال العمل بهذا النظام.

وتقول مصادر مصرفية إن الأنظمة المصرفية في الدول العربية لا تزال تعاني غياب مواصفات موحدة لأرقام الحسابات في القطاعات المصرفية، مما يؤدي إلى نتائج سلبية على جودة الخدمات المقدمة للعملاء. وتظهر التجربة العملية في الواقع الحالي لنشاطات التحويلات المصرفية بوضوح مدى ما تعانيه البنوك المركزية والمصارف والأطراف ذات العلاقة بالقطاع المصرفي العربي، بتصنيفاتها كافة جراء غياب رقم الحساب الموحد.

وبحسب ورقة عمل «تنميط أرقام الحسابات المصرفية» التي أعدتها اللجنة العربية لنظم الدفع والتسوية التابعة لصندوق النقد العربي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، فإنه من أبرز السلبيات التي تظهر على النظام المصرفي، في حال عدم تطبيق نظام الحساب الموحد، تباين أرقام الحسابات المصرفية وغياب التصنيف الموحد داخل كل دولة، «بل أحيانا داخل كل بنك، حيث ينشئ البنك الواحد تصنيفا خاصا به وتركيبة نظام لا تفهمها سوى الأنظمة التقنية والمحاسبية لديه، وهذا بدوره يبطئ من سرعة تنفيذ إجراءات التحويلات المالية ويعيق وصولها المستفيد النهائي من مصارف وأفراد وشركات».

وتشير ورقة عمل صندوق النقد العربي إلى سلبيات أخرى، لعدم تطبيق النظام، وهي غياب التكامل والتوافق المصرفي مع الدول المشاركة في نظام رقم الحساب الموحد «آيبان»، مثل الدول الأوروبية والتي تتميز بطبيعة الحال بنشاط مالي ومصرفي كبير على الساحة الدولية، «وهذا ما يعني أن التحويلات والمدفوعات مع هذه الدول غالبا ما تواجه بطئا جراء عدم اتباع نظام (إيبان)».

وتجربة تطبيق نظام الرقم الدولي للحساب المصرفي «آيبان» في المملكة العربية السعودية بدأ استخدامها منذ بداية عام 2006، عندما بدأت مؤسسة النقد العربي السعودي مشروعها بالعمل على تنظيم أرقام حسابات العملاء لدى البنوك العملة بالسعودية، طبقا للتنظيم الدولي المتعارف عليه، حيث أدارت مؤسسة النقد هذا المشروع وأشرفت عليه منذ بداياته وشاركت في فعالياته جميع البنوك المحلية. وقامت مؤسسة النقد العربي السعودي بتطبيق خدمة فريدة للمنشآت المالية أو الشركات أو حتى الأفراد الراغبين في التحقق والتثبت من صحة رقم الحساب، وذلك باللجوء إلى موقع المؤسسة (نظام سريع) على الإنترنت واستعمال رابط مدقق رقم «آيبان» للتأكد من صحة أي رقم حساب مصدر من القطاع المصرفي السعودي. وفي معرض توصيته بالاستفادة من التجربة السعودية في هذا النظام البنكي، يقول صندوق النقد العربي إن الشروع في تطبيق «آيبان» يساعد في تحقيق العديد من المزايا والمنافع للاقتصاد الوطني وللنظام المصرفي بشكل خاص، «وذلك بتحسين الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء من جهة، وعمليات إجراء تحويلات وانتقال المدفوعات داخل الدولة وعبر الحدود من جهة أخرى».

يُذكر أن مؤسسة النقد العربي السعودي أجرت التعديلات التقنية والتشغيلية اللازمة للتحويلات المالية السريعة (سريع) لدى كل من المؤسسة والبنوك، وكذلك داخل شبكة أنظمة المدفوعات في البنوك المحلية ومن ثم التسجيل الدولي والتحاق القطاع المصرفي السعودي بالمنظومة البنكية الدولية التي تعمل ضمن بيئة «آيبان».