جون ماك لـ«الشرق الأوسط»: متفائل بمستقبل الأسواق الناشئة بعد الأزمة

الرئيس التنفيذي لـ«مورغان ستانلي»: بالتعاون مع سيتي بنك سنسيطر على أسواق الوساطة في أميركا

جون ماك أثناء زيارته السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

دخل جون ماك قاعة إجراء الحوار في مقر شركته في المملكة، عند الساعة 12 ظهرا موعد اللقاء، بدون ثوان متقدمة ولا متأخرة، دخل وهو يتنفس من هواء أسواق المال، ولسان حاله يقول عدنا من جديد ولكن بشكل أكثر تنظيما، كتنظيم لباسه الرسمي الذي كان يرتديه عند إجراء الحوار.

كشف ماك الذي يعتبر من كبار التنفيذيين في العالم المصرفي، في حواره الذي خص به «الشرق الأوسط» عن تفاؤل يسود الاقتصاد العالمي من مؤشرات إيجابية بطيئة في الغرب والشرق وسريعة في الوسط، حيث أكد أن الأزمة المالية كشفت نقاط ضعف السوق المالي، وهو الذي سيكبس زر التشغيل من جديد من دون نواقص على حد تعبيره. في الوقت الذي كشف عن أمور عديدة أخرى في الحوار من مشاركتهم في صياغة النظام المصرفي العالمي، ودخول شركته للمملكة، والاستراتيجية الجديدة لدى «مورغان ستانلي»، وكيفية إنقاذه من تسونامي الأزمة المالية، وغرق رفيق دربه «ليمان براذرز».

* زيارتكم للسعودية تتزامن مع تراجع آثار الأزمة المالية وبداية ظهور علامات الانتعاش الاقتصادي، ما وجهة نظركم في الأسواق العالمية بعد الأزمة؟

ـ إن الأزمة المالية العالمية قد انتهت في معظمها، ولكن الانتعاش الاقتصادي ونمو الوظائف في كثير من الاقتصاديات الرئيسية سوف يستغرق وقتا أطول للتحسن، خاصة في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الغربية، أعتقد أننا سنشهد انتعاشا اقتصاديا بطيئا جدا، ولكنني متفائل أكثر بخصوص الأسواق الناشئة حيث أرى أكثر الدلائل تشير إلى نمو أقوى وأكثر سرعة نحو الانتعاش.

* هل تعتقد أن الأزمة المالية العالمية ساعدت في الكشف عن نقاط ضعف أسواق المال العالمية؟

ـ ليس هناك شك في أن تلك الأزمة المالية العالمية قد كشفت ضعفا وخللا في العديد من المجالات، بما في ذلك إدارة المخاطر عند العديد من كبرى المؤسسات المالية والبنك المركزي للسياسة النقدية، ووجود ثغرات في التنظيم والرقابة وفي بعض الحالات الإفراط في المنتجات المالية المعقدة. وبالكشف عن هذه النواقص فإن الأزمة المالية أتاحت لنا فرصة لتحسين وتعزيز النظام المالي العالمي، وأنا أؤيد أن تنسق الجهود التي بذلتها الحكومات والهيئات الرقابية للتأكد من أن هناك مساعي جادة للتغيير لتعمل بشكل فعال.

* كيف تعدل «مورغان ستانلي» استراتيجيتها بعد هذه الأزمة، أو ما هي الخطط المستقبلية التي تعتزمون اتباعها؟

ـ لقد اتخذنا في مورغان ستانلي عددا من الخطوات والمعايير لتعديل استراتيجية عملنا نتيجة الأزمة المالية، فلقد قمنا بتغييرات جذرية في نوعية الميزانية، وحسّنا ونوعنا مصادر التمويل وخفضنا نسبة التمويل بحوالي النصف من 30 في المائة إلى 15 في المائة. كما اتخذنا قرارات استراتيجية طويلة الأجل مما سيؤدي إلى زيادة تنويع مزيج أعمالنا، هذه الأزمة وفرت لنا فرصة كبيرة في تطوير وبناء قسم إدارة الثروات بحجم كبير جدا لا يستهان به، وذلك من خلال مشروع مشترك مع «سيتي بنك» لتكوين «مورغان ستانلي سميث بارني». هذا المشروع المشترك سيتيح لنا مع مرور الوقت السيطرة بشكل أكبر على سوق الوساطة في الولايات المتحدة الأميركية مما سيجعلنا أكثر تنوعا عالميا وأقل تركيزا على رأس المال وأقل خطورة.

* ماذا ينتظر مورغان ستانلي بعد الأزمة؟

ـ أعتقد أن مورغان ستانلي في وضع ممتاز ليستفيد من التحسن في البيئة الاقتصادية من خلال تدبير رؤوس الأموال، ونشاط الشركات والاستثمار وهناك العديد من رؤوس الأموال الجاهزة للاستثمار أكثر من أي وقت مضى لم أرَ مثلها خلال الأربعين سنة التي خدمت فيها، فهناك شركات بحاجة إلى تصحيح أرصدتها برفع رأس المال وشركات قوية تسعى دائما للبحث عن فرص استثمارية جديدة وهناك المستثمرون سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات بحاجة إلى زيادة أموالهم في العمل المنتج بحيث يتلاءم مع المتغيرات الموجودة حاليا. وكوني أحد الناجين من هذه الأزمة وكوننا بنكا تحصنّا وتعلمنا من هذه الأزمة أقول إننا سنستفيد من هذه المتغيرات.

* ما صحة مشاركة مورغان ستانلي في العمل لصياغة تشريعات جديدة في النظام المصرفي الأميركي؟

ـ نحن نقدم آراءنا ونشارك في النقاشات داخل الولايات المتحدة الأميركية والعالم ككل، فلقد كنت في إسطنبول خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم والتقيت عددا من كبار المشرعين الذين كانوا هناك لحضور اجتماع صندوق النقد الدولي وتناقشنا في هذا الخصوص. فنحن في مورغان ستانلي ندعم الجهود الراعية إلى تحسين الهيكل التنظيمي عالميا ونسعى لضمان أن هذه الأزمة لن تتكرر، أعتقد بأننا بحاجة إلى إدارة منهجية تضمن تنظيم المخاطر العالمية وتثبتها. ومن أكبر المخاوف عندي هي أن نفقد الدافع في هذا الشأن وتكون النتيجة التشتت التنظيمي مما يؤدي إلى ضياع الفرص المنظمة.

* نظام عمل مورغان ستانلي كان مشابها لعمل ليمان براذرز إلا أن مورغان ستانلي استطاعت النجاة من تداعيات الأزمة المالية في الوقت الذي اختفت فيه ليمان براذرز، كيف استطعتم الخروج في الأزمة؟

ـ بالرغم من أن مورغان ستانلي وليمان براذرز يعتبران بنوكا استثمارية أميركية متشابهة، فإن هناك اختلافات عديدة بينهما خاصة فيما يتعلق في استراتيجية العمل وملامح التمويل والاستثمار. والتعرض لشرائح معينة في الأسواق المالية التي كان أثرها واضحا جدا في الأزمة. لقد ركز ليمان براذرز بالدرجة الأولى على شكل معين في الاستثمار ولم يتخذ تدابير التنويع الجغرافي كالذي استخدمه مورغان ستانلي، السبب الذي أثر على ليمان براذرز تأثيرا سلبيا وللأسف آلت لما آلت عليه اليوم.

* ما مدى تأثير مشاركة الحكومة الأميركية في بنك مورغان ستانلي؟

ـ في الإجمال كانت المشاركة إيجابية جدا. نحن نرحب بوجود الاحتياطي الفيدرالي كمشرّع أساسي ونشعر بأن وجودهم وتوجيهاتهم لنا ستعطي عملاءنا الشعور بالثقة والمصداقية في استمرارية شركتنا علما بأن هذه المشاركة كان لها تأثير بسيط في مسار عملنا اليومي.

* هناك جدل كبير حول رواتب التنفيذيين في البنوك والمؤسسات المالية خاصة التي تقدمها الحكومة وتوجهات إلى تحديدها، ما مدى أثر تلك التوجهات على أداء التنفيذيين خلال الفترة المقبلة؟

ـ لقد قامت مورغان ستانلي بدفع القرض الذي قدمته الحكومة عن طريق مشروع «TARP». مما يزيح عنا القيود المفروضة على رواتب التنفيذيين الذي تشير إليه. ولكن هناك أكثر عمومية وشرعية للنقاش الجاري بيننا حول التعويضات في صناعتنا، ففي مورغان ستانلي نوافق على أن التعويضات يجب أن تتوافق مع المخاطر والمدى الطويل لإيجاد قيمة تضاف إلينا وأن تتماشى مع مصالح العمل والمساهمين ومع استقرار السوق، فلقد قمنا بالفعل في شركتنا ببذل جهود كبيرة لهيكلة أنظمة التعويضات مع هذه المبادئ. فكبار الموظفين التنفيذيين يستلمون جزءا كبيرا من تعويضاتهم على شكل أسهم ببرامج استثمارية معينة. وقد قمنا بتقديم تدابير معينة تتعلق بهذا الخصوص مبنية على أسس جديدة تختلف اختلافا تاما عن سابقتها. نحن مستعدون لأي آراء من المشرعين تتعلق بهذا الخصوص نحترمها ونتعهد بالالتزام بها.

* كيف ترى الوضع في أسواق منطقة الشرق الأوسط، وفي السعودية بالتحديد؟

ـ إن منطقة الشرق الأوسط تستمر في كونها محط اهتمام لمورغان ستانلي. وبالرغم من أن أسواق المنطقة لم تسلم من اضطرابات العام الماضي فإننا الآن بدأنا نلاحظ بعض المؤشرات الإيجابية التي تشير إلى أن الأسواق ستستمر بالتعافي. ما زالت نظرتنا إيجابية بشكل كبير وأن قصة النمو على المدى البعيد كانت سببا رئيسيا في قرارنا بأن نبدأ نشاطنا محليا 2006.

* نفذتم أول اتفاقية استثمار أجنبي في السوق المالية السعودية من خلال مبدأ «مبادلة» swap التي تطبق في السعودية، كيف وجدتم الخطوة؟ وهل ستساعد على استمرار العمل في تنفيذ تلك الاتفاقية في ظل الأوضاع الحالية؟

ـ كانت هذه الصفقة إنجازا مهما، وإنه لمن دواعي سرورنا أن نكون جزءا من هذا الحدث، كونها المرة الأولى التي يسمح بها للمستثمرين الأجانب بتنفيذ عمليات الشراء للشركات المدرجة في السوق السعودية (تداول). على الرغم من أن أحداث العام الماضي جعلت المستثمرين أكثر حذرا على المدى القصير. إلا أننا نتوقع نمو اهتمام المستثمرين الأجانب بالسوق السعودية على المدى الطويل. إضافة إلى ذلك فقد قمنا بطرح خدمات الوساطة المحلية في بداية العام الجاري. وهذا مثال آخر على استراتيجيتنا لبناء أعمالنا في المملكة.

* دخلتم السوق في المملكة من خلال شراكتكم في «مورغان ستانلي» السعودية، ما هي الاستراتيجية التي تتبعونها في عملكم في السعودية؟

ـ نحن راضون تمام الرضا على أدائنا في مورغان ستانلي السعودية وما زلنا نستثمر في أعمالنا لنضمن حضورنا الرائد في المملكة. هدفنا توفير خدمات متنوعة لعملائنا في المملكة من ضمنها المصرفية الاستثمارية، الوساطة والتسويق، إدارة الاستثمار وإدارة الثروات، كما أننا نقوم بالتركيز على ضمان توظيف أعلى الكفاءات لأن وجود الكفاءات العالية هي الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها أن نقدم لعملائنا أحسن الخدمات، ونعتقد أن توظيف أكفأ المواهب محليا التي لديها المهارات الملائمة والخبرة المحلية تسعى إلى منحنا ميزة تنافسية كبيرة.

* ما زالت السوق السعودية المالية تستقبل العديد من الشركات المساهمة، ما هو الدور الذي يعتزم مورغان ستانلي لعبه في هذا المجال؟

ـ إننا نأمل أن يكون لدينا دور رائد في هذا التطور. لدينا سجل عالمي في الاكتتابات لا مثيل لها وإننا حريصون أشد الحرص على تقديم المعرفة والخبرة لعملائنا في المملكة.

* إلى أي مدى ساهمت دخول البنوك والشركات الاستثمارية في تطوير قطاع المال في السعودية؟

ـ بشكل عام، إن تأثير البنوك والمؤسسات الأجنبية إيجابي بشكل كبير وهذه المنافسة ستجعل البنوك والمؤسسات المحلية تبذل جهدا أكبر والذي سيرجع بفائدة كبيرة على العملاء، وبالطبع فإن زيادة المنافسة قد تؤدي إلى بعض التغيير في القطاع والتي يمكن أن تكون غير مريحة للبعض ولكن في النهاية هذا سيفيد العميل وفائدة العميل دائما إيجابية.

* كيف ترى وضع المصرفية الإسلامية؟

ـ أجد أن المصرفية الإسلامية نشاط مصرفي مهم، ويأخذ في النمو ويناسب عددا من المستثمرين وعددا من الشركات، ويعتبر جزءا مهما من المصرفية العالمية في الوقت الحالي.