الصين تأمل أن يظل العجز الأميركي في إطار الحدود المناسبة

مبارك يحدد أولويات التنمية بأفريقيا .. وبكين تطلب شراكة شاملة وتمنحها 10 مليارات دولار

الرئيس المصري حسني مبارك بجانب رئيس الوزراء الصيني وين جيا باو أثناء افتتاح المؤتمر (إ.ب.أ)
TT

حدد الرئيس المصري حسني مبارك عشر أولويات لتحقيق التنمية المستدامة في القارة الأفريقية، فيما تعهد رئيس مجلس الدولة الصيني وين جياو باو بتقديم عشرات المليارات من الدولارات لتمويل مشروعات التنمية مقابل إقامة شراكة كاملة بين بلاده (الصين)، ودول القارة السوداء.

وافتتح مبارك أمس منتدى الصين ـ أفريقيا في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر بمشاركة 49 دولة أفريقية والصين، داعيا في كلمته الافتتاحية إلى اعتماد عشرة مبادئ لتحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا منها التمسك بمفاهيم التكافؤ والتعاون الجاد والمنافع المتبادلة، وتواصل الحوار والتشاور وتنسيق المواقف بين الجانبين، على المستويين الثنائي والقاري لتحقيق السلام والأمن في القارة باعتباره الركيزة الأولى لتحقيق التنمية الشاملة وترسيخ مفاهيم الديمقراطية في العلاقات الدولية ونبذ ازدواج المعايير على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

وشدد الرئيس المصري على ضرورة التصدي لتهميش أفريقيا والعالم النامي في آليات صنع القرار الدولي والمطالبة بمشاركة أكبر في المؤسسات والتجمعات الاقتصادية والمالية الدولية خاصة مجموعة الثماني ومجموعة العشرين بما يتيح الإسهام الفاعل في صياغة نظام اقتصادي وتجاري جديد يصحح التناقضات القائمة ويراعي مصالح شعوب الجنوب التي تشكل ما يزيد على ثلثي سكان العالم.

وطالب الدول المتقدمة بحكم مسؤوليتها عن الأزمة المالية بضرورة النهوض بالتزاماتها لمعالجة تداعيات هذه الأزمة على اقتصاديات الدول الأفريقية ودعم قدراتها على تحقيق برامج التنمية ومكافحة الفقر وبرامجها لتحقيق الأمن الغذائي، والعمل سويا للإسراع في إنهاء جولة الدوحة للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف على نحو يراعي مصالح الدول الأفريقية، ويتيح للصادرات الأفريقية والزراعية النفاذ إلى الأسواق العالمية.

وشدد الرئيس المصري على زيادة مساعدات التنمية والاستثمار الأجنبي المباشر من أجل تحقيق أهداف الألفية التنموية والتمسك بحق أفريقيا في الحصول على الدعم الفني والمادي لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ مع السعي في مؤتمر كوبنهاغن الشهر القادم لإقرار خطة عمل عادلة ومتوازنة تؤكد التزام الدول الصناعية المتقدمة لخفض انبعاثاتها ومعالجة مشكلات التصحر والجفاف والفيضانات التي تهدد العديد من دول القارة، وتعزيز التعاون مع شركاء النيباد.

من جانبه، قدم رئيس الوزراء الصيني خريطة طريق صينية لدعم أفريقيا خلال السنوات الثلاث القادمة اعتمدت على إجراءات محددة في كل المجالات؛ منها إنشاء 10 مراكز خاصة لعرض التكنولوجيا الزراعية لأفريقيا، وبناء مستشفيات في 30 دولة، وبناء مائة مدرسة، وتأهيل 15 ألفا من الشباب الأفريقي، وإقامة محطات للطاقة والكهرباء، وإعطاء قروض ميسرة تصل إلى 15 مليار دولار لتدوير الشركات الصغيرة، وإسقاط فوائد الديون القديمة، وإعفاء متدرج للسلع الأفريقية من التعريفة الجمركية. كما اهتم المسؤول الصيني بالتأكيد على تطوير العمل في أفريقيا وتعزيز التنسيق الاستراتيجي.

قال وين جيا باو أمس إن الصين تأمل في أن تحافظ الولايات المتحدة الأميركية على حجم العجز لديها في حدود مناسبة لضمان الاستقرار الأساسي في سعر صرف الدولار الأميركي.

وقال ون في مؤتمر صحافي: «آمل أن تنهض الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم وكدولة مصدرة لعملة احتياطية رئيسية بمسؤولياتها بفعالية. والأهم من ذلك، نأمل أن تبقي الولايات المتحدة على حجم العجز في حدود مناسبة حتى يكون هناك استقرار أساسي في سعر الصرف من شأنه أن يفضي إلى استقرار وانتعاش الاقتصاد العالمي». من جهة أخرى دافع رئيس الوزراء الصيني عن دور بلاده في أفريقيا ردا على اتهامات تساق لبلاده باحتلال أفريقيا ونهب ثرواتها وتحويلها إلى سوق تجارية للمنتجات الصينية، قائلا إن ما يقال ليس بجديد ومنذ زمن وهم يتهموننا بذلك ولذا فهذا الاتهام لا يستحق الرد أو التعليق. وأضاف أن التاريخ يؤكد أن العلاقة ليست وليدة اليوم ولها جذورها منذ نصف قرن، فقد عانت أفريقيا من الاحتلال 600 عام فيما عانى الصين من الاحتلال أيضا خمسة عقود وهذا يعني أن الصين وأفريقيا لديهما معاناة تاريخية. وأضاف: نحن نرد الجميل للصديق الأفريقي الذي وقف معنا والذي نقل الصين إلى الأمم المتحدة في السبعينات.

وشدد المسؤول الصيني على أن وجود بلاده في أفريقيا للتعاون الذي لا يرتبط بأية أجندة سياسية وقد قمنا بإنشاء مئات المشاريع في البنية الأساسية التي تخدم التنمية في الصين. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول حجم الدعم الصيني لأفريقيا بالأرقام قال إنه بلغ حتى أغسطس (آب) الماضي أكثر من 70 مليار يوان إضافة إلى القروض الميسرة والقروض بدون فوائد. وردا على سؤال آخر لـ«الشرق الأوسط» حول ما يتردد عن وجود صراع على المصالح والنفوذ مع واشنطن في السودان، قال رئيس الوزراء الصيني «ليس لدينا وقت لنضيعه في الصراع فنحن دولة نامية ولدينا مناطق ما زالت تعيش تحت خط الفقر ونسعى للتنمية والبناء وليس الصراع مع أي دولة» كما تحدث عن استفادة السوق الأميركية من المبيعات للصين. وأكد على مواصلة وتكثيف الحوار والمشاورات السياسية حول القضايا المهمة وزيادة صوت الدول النامية في المنظومة الدولية وصولا إلى نظام دولي أكثر عدالة، كما شدد على سعي الصين لدعم الوحدة الأفريقية وتحقيق السلم والأمن، وأكد مشاعر بلاده المخلصة للشعوب الأفريقية. وألقى الرئيس السوداني عمر حسن البشير كلمة مقتضبة خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدى مؤكدا أن السودان يشهد استقرار سياسيا واقتصاديا وفق اتفاق نيفاشا للسلام الذي أبرم عام 2005 واعترف بوجود بعض الصعوبات، كما تحدث عن أهمية ما تحقق من إنجازات في مجال التعاون مع أفريقيا منذ إنشاء منتدى أفريقيا ـ الصين عام 2000.

وقد استمرت أعمال المنتدى على مدار يوم أمس، حيث عقدت جلسات عمل برئاسة وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط ونظيره الصيني لمناقشة المقترحات التي وردت في خطة العمل. ومن المقرر أن يختتم المنتدى أعماله اليوم باعتماد خطة العمل وإعلان شرم الشيخ. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الخطة تركز على مجالات التعاون التي ستنفذ على مدار السنوات الثلاث المقبلة وتتعلق بالسياسة والسلم والأمن الإقليمي وتبادل الزيارات على أعلى مستوى، إضافة إلى مجالات تنمية الموارد البشرية ونقل التكنولوجيا والتعليم والحد من الفقر والرعاية الصحية والتعاون الثقافي والزراعة والأمن الغذائي والبنية الأساسية والتجارة والنقل والطاقة وتخفيف أعباء الديون. كما علمت «الشرق الأوسط» أن إعلان شرم الشيخ الذي يصدر اليوم يؤكد على تحقيق أقصى استفادة من آليات التشاور على مختلف المستويات من خلال العديد من القنوات لتعزيز الحوار الاستراتيجي وتعميد التعاون على صعيد المؤسسات متعددة الأطراف بما يدعم مصالح البلدان النامية. تضمن زيادة معدل الزيارات رفيعة المستوى لتعزيز الثقة المتبادلة ودعم الاتصالات بين الصين وأفريقيا بخصوص القضايا الجوهرية. إضافة إلى الحفاظ على المساندة المتبادلة للتصدي معا للتحديات الناجمة عن الأزمة المالية العالمية والتأكد من أن مسعى أفريقيا نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية لن يرتد.