مركز دبي المالي يبحث تطور الاستثمارات بعد الأزمة مع حي المال والأعمال في لندن

مسؤول: عائدات الثروة النفطية ستعادل أسواق الأسهم العالمية عام 2030

اللورد ديفيز أوف ابيروش وزير الدولة للتجارة والاستثمار والأعمال البريطاني أثناء المؤتمر (تصوير: حاتم عويضة)
TT

أكد أقطاب القطاع المالي العالمي أمس أن التحول في شكل خارطة العالم المالية بعد انقشاع ضباب الأزمة المالية، ستتغير ملامحه بشكل كبير، موضحين أن النهضة الآسيوية في القطاع في طريقها إلى المراكز المهيمنة في العالم المالي على المدى القريب.

ونوه مسؤولون اقتصاديون بأن قطاع المصرفية الإسلامية ما زال يلزمه الكثير من التطوير، والتركيز على عدم إضاعة الفرص المقبلة كالتي أضاعتها المؤسسات المالية في الاستثمار في قطاعات مثل الصيرفة الإسلامية.

وجاء ذلك خلال مؤتمر «دول مجلس التعاون وحي المال في لندن: شراكات وأولويات عالم ما بعد الأزمة»، برعاية مركز دبي المالي العالمي وحي لندن المالي، الذي أقيم في وسط العاصمة البريطانية لندن أمس.

وافتتح الدكتور عمر بن سليمان، محافظ مركز دبي المالي العالمي ونائب رئيس مجلس إدارة بنك الإمارات المركزي، المؤتمر، مشيرا في كلمته إلى أن المؤتمر فرصة لاكتشاف الحقائق الجديدة التي يمليها المشهد الاقتصادي العالمي المتغير وعالم ما بعد الأزمة، ويوفر فرصا غير محدودة للشراكة بين حي المال في لندن وأسواق دول مجلس التعاون الخليجي.

وقال: «لندن ودبي شريكان طبيعيان تجمعهما روابط قوية. وفي ظل التعاون والتنسيق المستمرين، يمكن تعزيز هذه الروابط أكثر فأكثر، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين الإمارات وبريطانيا 1.6 مليار جنيه إسترليني في عام 2008، أنجز مركز دبي المالي العالمي جزءا كبيرا منها».

وتحدث اللورد ديفيز أوف ابيروش، وزير الدولة للتجارة والاستثمار والأعمال البريطاني، خلال كلمته، عن أهمية دبي ولندن كمركزين أساسيين في المصرفية الإسلامية، وأهمية المعاملات المالية بين المركزين الماليين، موضحا أهمية دبي بالنسبة للعالم المالي والمنطقة.

وقال «قطاع المصرفية الإسلامية يتطلب المزيد من العمل الجاد، ليمكننا رؤية إنتاجية أكثر بالعمل من الجانبين».

وأضاف أن قطاع التعليم أيضا من أهم القطاعات التي تعمل عليها المدينتان مع بعضهما، موضحا أن نسبة كبيرة من الطلاب الأجانب الذين يدرسون في بريطانيا من دول الخليج.

وأوضح حجم التطورات الآسيوية خاصة الصين واحتمالية وصولها كمركز مالي إلى أهم المراكز العالمية، مفيدا بأن دور لندن ما زال وسيظل دورا رياديا.

وتحدث لـ«الشرق الأوسط» ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية في مركز دبي المالي، مركزا على التطورات التي ستراها المنطقة في المرحلة المقبلة اعتمادا على الثروات التي تمتلكها والتي تؤهلها لتطورات بتكلفة مرتفعة.

واستدرك السعيدي مثالا من خلال دراسة حديثة تشير إلى أنه ببلوغ عام 2030، وبسعر 100 دولار لبرميل النفط، سترتفع العائدات إلى 37.7 تريليون دولار من 18.3 تريليون دولار، مما يمثل حجم أسواق الأسهم العالمية بنهاية 2008، وهو 38 تريليون دولار، والنسبة الحالية للعائدات اليوم تمثل أكثر من 50 في المائة من حجم العائدات.

وقال «هذه المبالغ توضح حجم الثروات التي تجعل السوق الخليجية من أهم المحركين للأسواق المالية في العالم». وأشار إلى إدارة الثروات من العائدات النفطية إلى إدارة الأموال، مما سيعطي هيمنة للاقتصادات العربية والخليجية بشكل كبير في المستقبل.

وأجاب السعيدي عن سؤال ليوضح نقاط الاستثمار المهمة التي افتقدتها المنطقة، ليذكر منها الاستثمار في الحفاظ على البيئة من خلال استغلال الطاقة الشمسية والطاقة البديلة والتقليل من الاعتماد على النفط والغاز لإمداد الطاقة. وتطرق إلى نقطة أخرى وصفها بالحساسة، وهي تحلية مياه البحر، ويجب إيجاد بدائل في حال تلوثها.

وتحدث لـ«الشرق الأوسط» عبد الله محمد العور، الرئيس التنفيذي في مركز دبي المالي، عن أهمية المؤتمرات التي يعقدها المركز المالي لتوطيد العلاقات وجذب شراكات لاستخدام البنية التحتية في دبي، والترويج للمناخ الاستثماري في الإمارة والمنطقة.

وقال «لندن ودبي تميزتا كمركزين ماليين على مستوى عالمي»، وأضاف «شراكتنا مع لندن ليست في القطاع المالي فقط، ولكن القطاع التعليمي من أهم القطاعات التي تقتنع دبي بأنها المرحلة الأولى من النمو والتطوير المالي، لدينا (لندن سكول أوف إيكونوميكس في دبي الآن)».

وتطرق إلى الشركات المالية البريطانية التي تعمل على توفير الخدمات المالية الإسلامية في قطاعها البنكي، خاصة أن الصناعة أبدت تماسكا جيدا جدا خلال فترة الأزمة.

وأشار إلى استخدامات الصيرفة الإسلامية في تمويل مشروعات البنية التحتية في هونغ كونغ والهند على سبيل المثال، مفيدا بأن العلاقة التي يقيمها مركز دبي المالي لا تقوم على مدينة أو بلد بعينه، ولكن على نطاق عالمي واسع.

وأشار إلى اهتمام الشعوب بالصيرفة الإسلامية بغض النظر عن المجتمع الإسلامي الذي تخدمه المصرفية الإسلامية بشكل كبير، وهو الاهتمام بالتمويل المرتبط بأخلاقيات.

وتحدث اللورد تشارلز فوكنر، المحامي الذي يعمل مستشارا لمركز دبي المالي العالمي، على هامش المؤتمر، معتبرا دبي مركزا ماليا وتجاريا رئيسيا، وكان من الطبيعي أن تتأثر بتداعيات الركود العالمي.

وأضاف أنه «من الواضح أن مركز دبي المالي العالمي أرسى دعائم متينة لنفسه كوجهة رائدة لمزاولة الأعمال بالاعتماد على أعلى الكفاءات والخبرات المتخصصة، وأسواق تتسم بدرجة رفيعة من التنظيم، وآليات موثوقة لحل النزاعات، وتطبيق فاعل للأنظمة والقوانين. ومع الانحسار التدريجي لأمواج الركود، بدأت دبي ومركزها المالي يعززان نقاط القوة التي جعلتهما يحققان النجاح حتى الآن. ويسعدني أن أشارك في مؤتمر مركز دبي المالي العالمي في لندن، الذي يسلط الضوء على مكامن القوة هذه».

وتناولت جلسات المؤتمر فرص الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي، والفرص التي تتيحها إصلاحات القواعد التنظيمية والنظام القضائي لحفز النمو، والمراكز المالية الإقليمية في عالم ما بعد الأزمة..

وذلك بالإضافة إلى التغييرات التنظيمية والمسائل القانونية وتلك المرتبطة بالضرائب في مركز دبي المالي العالمي، كما تمحورت جلسات أخرى حول إدارة الأصول والصناديق، والخدمات المالية الإسلامية، والخدمات المصرفية والوساطة، والمكاتب العائلية.