الإمارات: حكم قضائي هو الأول من نوعه بالتحفظ على ممتلكات لمجموعة «سعد» بقيمة 151 مليون دولار

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: بنك أبوظبي التجاري هو المستفيد من هذا الحكم

TT

في حكم هو الأول من نوعه على مستوى دول الخليج العربي، أصدرت محكمة إماراتية أمس حكما (مستعجلا) بالحجز والتحفظ على أسهم ومنقولات تابعة لمجموعة «سعد» السعودية، بقيمة تصل إلى 151 مليون دولار، في خطوة ستفتح الباب مستقبلا على أحكام مشابهة في دول المنطقة لبنوك متضررة أخرى على المجموعة السعودية المتعثرة.

وفيما لم تفصح محكمة أبوظبي للقضايا المستعجلة عن اسم البنك المستفيد، علمت «الشرق الأوسط» أن بنك أبوظبي التجاري هو من رفع الدعوى قبل أشهر في المحاكم المحلية في العاصمة الإماراتية، قبل أن يصدر حكم الحجز على أموال ومقتنيات مجموعة «سعد» لصالحه أمس، علما أن القيمة التي صدر الحكم فيها، لصالح بنك أبوظبي التجاري.

وبحسب المعلومات التي توصلت إليها «الشرق الأوسط» فمن المقرر أن يصدر البنك الظبياني غدا السبت بيانا يتضمن الخطوات القانونية التي سيتخذها خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد صدور الحكم الذي يعد الأول من نوعه ويعتبره البنك انتصارا له، ويقلل من الضغوط التي تعرض لها، خاصة بعد إعلانه عن انكشافه الأكبر على مجموعة «سعد».

وكانت «الشرق الأوسط» حاولت الاتصال بمحمد المقيبل، المتحدث باسم مجموعة سعد، ولكن تعذر عليها ذلك.

وعلى الرغم من صدور الحكم القضائي بالحجز على المبلغ المستحق لبنك أبوظبي الوطني، فإن هذا الحكم غير كاف لأن يحصل البنك على حقوقه، حيث يعد هذا حكما ابتدائيا يستوجب أحكاما قضائية أخرى بدرجات أعلى، تسمح للبنك بالاستحقاق القانوني للمبلغ الذي تم الحجز عليه بدءا من يوم أمس.

وتقول مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة «سعد» تمتلك حصصا كبيرة في شركات مساهمة في سوقي دبي وأبوظبي، بالإضافة إلى سيولة لا تزال في بعض البنوك الإماراتية، إلا أن المصادر تؤكد في الوقت نفسه صعوبة حصر ما تمتلكه المجموعة في الإمارات، نظرا لأن بعض الممتلكات ليست أسهما منقولة أو سيولة يمكن التعرف عليها. ووفقا لنشرة سابقة أصدرها بنك أبوظبي التجاري، فقد بلغ حجم تعرضه لمجموعتي «سعد» و«القصيبي» المتعثرتين، أكثر من 600 مليون دولار، وهو ما اعتبر أكبر إفصاح رسمي من نوعه عن خسائر محتملة لبنك منذ تفجر مشكلة ديون المجموعتين، وتوقع البنك حينها تجنيب مزيد من المخصصات في المستقبل القريب لتغطية تعرضه. ويوم أمس، أصدرت محكمة أبوظبي للقضايا المستعجلة قرارا بالحجز التحفظي على الأموال المودعة بالبنوك العاملة في الإمارات، على كل من شركة «سعد للتجارة والمقاولات والخدمات المالية» وشركة «سعد القابضة» السعوديتين والشركاء فيهما، كما نص الحكم، وكذلك على منقولاتهما في أي من الإمارات السبع، وعلى كمية كبيرة من أسهم تمتلكها المجموعة في عدد من الشركات المدرجة أسهمها بسوقي أبوظبي ودبي الماليين، وذلك لصالح بنك أبوظبي التجاري.

ووفقا للحكم الإماراتي، المرسل من قبل دائرة القضاء في أبوظبي وأرسلت نسخة منه إلى «الشرق الأوسط»، فإن مجموعة «سعد» قامت في وقت سابق بتوقيع اتفاقيات قروض وتسهيلات ائتمانية مع البنك الإماراتي، وصلت في مجملها إلى نحو 151 مليون دولار أميركي «إلا أنهم تعثروا في السداد وأصبحوا عرضة لمتطلبات الدائنين على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، الأمر الذي أدى إلى تدهور التقييم الائتماني للشركات التابعة لهم لدى الوكالات العالمية المعتمدة للتقييم الائتماني للشركات فضلا عن قيام عدد من الجهات الدائنة بالحجز وتجميد أموال وموجودات أحد الشركات التابعة لهم». وأمرت محكمة أبوظبي للأمور المستعجلة بتوقيع الحجز التحفظي على الأموال المملوكة للمطلوب ضد مجموعة «سعد» بالبنوك العاملة في الإمارات، على أن يعمم الأمر عن طريق مصرف الإمارات المركزي، وكذلك المنقولات والأسهم التي يمتلكونها في عدد من الشركات المحلية في حدود مبلغ 151 مليون دولار أميركي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، رفع بنك أبوظبي التجاري دعوى على وحدة تابعة لمجموعة سعد السعودية المتعثرة أمام المحكمة العليا في لندن يطالبها بسداد ديون قدرها 30 مليون دولار، وكانت تلك المطالبة هي الأولى للمجموعة من جانب البنك، قبل أن ترفع دعوى أخرى في الإمارات، لكن لم يكشف النقاب عنها إلا أمس بعد صدور الحكم. ورفع بنك المشرق الإماراتي، الذي يمتلكه الملياردير الإماراتي عبد العزيز الغرير، دعوى قضائية ضد مجموعة «القصيبي» أمام محكمة في نيويورك والعديد من البنوك الإقليمية والدولية منها سيتي غروب وبي إن بي باريبا.

وفي يوليو (تموز) الماضي، وجه مصرف الإمارات المركزي البنوك بتجنيب مخصصات بما بين 50% و75% من تعرضها للمجموعتين على مدى عامين.

ووفقا لبيانات دراسة أجرتها مؤخرا مؤسسة «إتش سي»، فإن نسبة الإقراض للمجموعتين لم تتجاوز 9.1% لبنك أبوظبي التجاري قياسا بحافظة قروض البنك في الربع الثاني من العام الحالي. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال محافظ المصرف المركزي الإماراتي سلطان السويدي، إن عدد البنوك الإماراتية المكشوفة على مجموعتي «سعد» و«القصيبي» يبلغ 13 بنكا، مشيرا إلى أن المصرف حصر المبالغ المكشوفة من قبل البنوك الإماراتية لكنه لم يفصح عن قيمتها. وأضاف السويدي أن المصرف المركزي قام مؤخرا بتحديد المخصصات المطلوبة من قبل البنوك الإماراتية لتغطية انكشافها تجاه القروض المتعثرة في المجموعتين.

ودخلت مجموعة «سعد» ومجموعة «أحمد حمد القصيبي وإخوانه» في نزاع قانوني في الولايات المتحدة بعد التعثر عن سداد ديون، وحذر بعض المصرفيين من أن تكلفة خفض قيمة أصول قد تصل إلى 22 مليار دولار وتؤثر على حوالي 120 بنكا حول العالم.

وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت في سبتمبر (أيلول) الماضي، نقلا من مصادر مصرفية قريبة من المفاوضات التي تمت بين بنوك سعودية ومجموعة «سعد» التجارية المتعثرة، أن الأخيرة سددت ما يقارب 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) لنحو 7 بنوك محلية كانت قد حصلت على قروض منها في الفترة الماضية.