بيروت تسعى إلى التربع مجددا على عرش أسواق السلع الفاخرة في الشرق الأوسط

بعد أن تمكنت دبي من انتزاعه خلال السنوات الأخيرة

سان جورج وسط بيروت (أ.ف.ب)
TT

تسعى بيروت إلى استعادة موقعها كوجهة رئيسية لشراء السلع الفاخرة في الشرق الأوسط، الذي تمكنت دبي من انتزاعه خلال السنوات الأخيرة، بفتح محلات كبرى مثل «ديور» و«لوي فويتون» أبوابها وعودة «الأسواق العتيقة» بحلة جديدة وعصرية إلى العاصمة اللبنانية.

ويقول غيوم بوديسو من شركة «رامكو» للاستشارات العقارية في بيروت، إن «عدد المحلات التي تبيع بضاعة فاخرة يزداد وهي تمتد كما بقعة الزيت». وتفتتح قريبا في وسط العاصمة الأسواق الشعبية العتيقة التي أعادت شركة «سوليدير» العقارية بناءها بقيمة تجاوزت المائة مليون دولار وبحلة مترفة وأكثر حداثة. وكانت هذه الأسواق مسرحا قبل عشرين عاما لأكثر الجبهات ضراوة في الحرب الأهلية (1975 ـ 1990).

وستضم هذه الأسواق إلى جانب المتاجر التي تستهدف الشريحة الأوسع من المجتمع، أسماء من بينها «إيف سان لوران» و«كلويه» و«بوربري» و«فيفين» و«ستوود». ويضم مشروع الأسواق التي تمتد على مساحة أكثر من 150 ألف متر مربع والتي بات في إمكان الزوار التجول فيها، 400 متجر، بينها 49 مخصصة لبيع المجوهرات.

وتجاور الأسواق شارعي فوش وألنبي اللذين سيحضنان أيضا أسماء براقة تضاف إلى لائحة محبي التسوق.

ويرى بوديسو أن «سوق الترف في لبنان لا بد من أن يمر في وسط بيروت» حيث سبقت الأسواق الجديدة ماركات أخرى معروفة في عالم الموضة مثل «أرماني» و«برلوتي»، ناهيك عن دور الأزياء لمصممين لبنانيين عالميين على غرار إيلي صعب وزهير مراد. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن منطقة وسط المدينة ليست وجهة للتسوق فحسب، بل انتشرت فيها خلال السنوات الأخيرة أبنية تضم شققا سكنية مطلة على البحر يقدر ثمن الواحدة منها بأكثر من مليون دولار، بالإضافة إلى فنادق تعد من أفخم فنادق لبنان. ويقول رئيس مجلس إدارة مجموعة «آيشتي» المعروفة، طوني سلامة، إن «بيروت ستصبح وجهة رئيسية وجنة للتسوق إلى أن تستعيد مكانتها في غضون سنتين».

وأوضح أن السوق في بيروت ينمو بنسبة 15% سنويا بفضل الزبائن الذين لا يتوانى بعضهم عن إنفاق مائتي ألف دولار في الموسم الواحد على البضائع الفاخرة. وبيروت التي كان يطلق عليها لقب «باريس الشرق الأوسط» في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، عادت لتفرض نفسها واجهة للسياحة والتسوق في المنطقة منذ التسعينات على الرغم من الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن سنوات الحرب.

وأغرق مقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري عام 2005، وما تلاه من هزات أمنية وأزمات سياسية، البلاد في نفق جديد من اللااستقرار، كانت خلالها دبي تنمو بسرعة وتكدس الاستثمارات وتستقطب أسماء عالمية كبرى في عالم الموضة وسوق الكماليات. إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي ترخي بظلالها على أسواق الخليج قد تسهم في تغيير المعطيات.

وقال سلامة في هذا الصدد «لدينا الآن الفرصة لنستعيد المرتبة الأولى، لأن دبي عانت كثيرا، وإن كانت لا تزال تحتل المرتبة الأولى من حيث حجم الأعمال والقدرة الشرائية».

وأضاف أن «الشريحة الكبرى من زبائنها تتألف من أثرياء روسيا الذين كانوا يشكلون ما بين 60 إلى 65% من حجم الأعمال، وقد تبخروا حاليا».

لكن بوديسو يرى أن بلوغ بيروت الهدف الذي تسعى إليه يتطلب استقرارا سياسيا لجذب الاستثمارات وخلق سوق قادرة على منافسة سوق دبي.

وتتمتع العاصمة اللبنانية بصورة تشكل عنصرا رئيسيا قد يساعدها على الفوز في هذه المنافسة. ويوضح سلامة، الذي استثمر زهاء 15 مليون دولار في نحو 15 متجرا جديدا، ذلك قائلا إن «عاصمتنا تبقى بالنسبة إلى العرب النافذة على آخر صيحات الموضة». وتصطف المتاجر الفاخرة على جانبي شوارع مخصصة للمشاة، وتتداخل الهندسة الجديدة مع تصميم هندسي عائد إلى حقبة الانتداب الفرنسي (1923 ـ 1943). ويعتبر بوديسو أن هذا الطابع «القديم المتجدد هو الذي يضفي سحرا لا نجده في الخليج».

وتقول المواطنة المصرية وفاء العيوطي، وهي تغادر أحد المحال الفاخرة، إن الأسواق «عصرية جدا ولكن فيها شيء من الحميمية في الوقت نفسه». وتؤكد والدتها، التي تحمل عددا من الأكياس المليئة بالملابس، «كأننا في باريس!».