أميركا: أسعار المنازل ترتفع وتعود إلى مستويات عام 2007

المبيعات ارتفعت بنسبة 23.5% منذ أكتوبر الماضي

TT

نال خبراء الاقتصاد وصناع السياسات ما كانوا يتطلعون نحوه، وهو حدوث ارتفاع، ولو طفيف، في سوق العقارات. والأهم من ذلك أن الكثيرين يعتقدون أن الارتفاع الأخير مستدام. من ناحيته، أشار «الاتحاد الوطني للوسطاء العقاريين» إلى أن مبيعات المنازل المخصصة للأسر الواحدة والمنازل في المدن والملكيات المشتركة ارتفعت في أكتوبر (تشرين الأول) إلى معدل سنوي بلغ 6.1 مليون وحدة من 5.54 مليون وحدة في سبتمبر (أيلول) مما جعل الشهر الأخير القوي منذ فبراير (شباط) 2007. وارتفعت المبيعات بنسبة 23.5% منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. الملاحظ أن كل معلومة تخص البيانات العقارية تخضع لتفحص عميق هذه الأيام لأن السوق العقارية هي السبب الرئيس وراء تردي أوضاع الاقتصاد الأميركي. ويعد تعافي هذه السوق عنصرا جوهريا لاستعادة الاقتصاد نشاطه. الملاحظ أن أسعار المنازل المنخفضة والبرامج الفيدرالية التي ساعدت في دفع معدلات الفائدة نحو الانخفاض والاعتمادات الضريبية الفيدرالية المؤقتة بقيمة 8.000 دولار التي وجهت في معظمها إلى المشترين للمرة الأولى لعبت جميعا دورا في تعزيز مبيعات المنازل في الشهور الأخيرة. مع تنامي المبيعات، بدأ فائض المعروض من المنازل في التراجع وبدأت الأسعار في الاستقرار.

لكن لا تزال هناك شكوك حول ما كان من الممكن الحفاظ على هذه المكاسب، خاصة عندما تستمر معدلات البطالة في الارتفاع ويصبح التدخل الحكومي مقيدا. وكان من شأن برنامج «النقد مقابل الخردة» تعزيز مبيعات السيارات، على سبيل المثال، ولكن بصورة مؤقتة. ويتوقع الكثير من الخبراء الاقتصاديين حدوث نمو ضعيف بمجرد تراجع تأثير الحوافز الاقتصادية الحكومية للإنفاق واسعة النطاق.

الثلاثاء، من المتوقع أن يعلن قادة مصرف الاحتياطي الفيدرالي استمرار المستويات المرتفعة لمعدلات البطالة حتى عام 2011 على أدنى تقدير عندما يصدر المصرف توقعاته للنمو الاقتصادي المستقبلي. من جانبه، قال آدم يورك، الخبير الاقتصادي لدى «ويلز فارغو سيكيوريتيز»: «يتمثل مصدر القلق الأول في سوق العمل، فلا نزال نفقد وظائف بسرعة كبيرة.. ومن دون دخل، لن يشتري المرء منزلا أو أي شيء آخر».

الاثنين، أشار «الاتحاد الوطني للوسطاء العقاريين» إلى الاعتمادات الضريبية على وجه التحديد باعتبارها صاحبة الفضل وراء مبيعات أكتوبر (تشرين الأول) القوية على نحو مثير للدهشة. يذكر أن هذه الاعتمادات كان من المقرر انتهاؤها بحلول 30 نوفمبر (تشرين الثاني) وقد سارع المشترون للحصول عليها. ومؤخرا، تم تمديدها حتى 30 أبريل (نيسان) وجرى توسيع نطاقها لتشمل المشترين لمرات متكررة الذين سيصبحون مؤهلين لاسترداد 6.500 دولار بداية من الأول من ديسمبر (كانون الأول). وقد كشف التقرير الصادر الاثنين أن كل منطقة بالبلاد شهدت زيادة في المبيعات، على رأسها منطقة الغرب الأوسط، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 14.4%. في الجنوب، الذي يتضمن منطقة واشنطن، شهد زيادة قدرها 12.7%، أعقبه الشمال الشرقي بنسبة 11.6% والغرب بنسبة 1.6%. على الصعيد الوطني، ارتفعت المبيعات خلال ستة من الشهور السبعة الماضية، وشكل أغسطس (آب) الاستثناء الوحيد. من ناحيته، قال توماس لولر، الخبير الاقتصادي والاستشاري بمجال العقارات: «هل تعززت مبيعات أكتوبر (تشرين الأول) من قبل أناس يفكرون في أن الاعتمادات الضريبية الموجهة لمشتري المنازل ستختفي؟ نعم.. لكن هل هذا الوضع مستدام؟ ربما لا». ويقر لورانس يان، الاقتصادي البارز لدى اتحاد «الوسطاء العقاريين» بأن الزيادة الحادة في مبيعات أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) لا يمكن أن تستمر خلال الأشهر المقبلة. وقال يان في تصريح له: «يجب أن نتوقع حدوث تراجع في ديسمبر (كانون الأول) ومطلع العام المقبل قبل أن تكون هناك زيادة أخرى في فصل الربيع وبدايات الصيف». وعزا يان النشاط المتجدد العام المقبل إلى البداية النمطية لموسم بيع المنازل مدعوما بالائتمان الضريبي المستمر. ولكن يشكك اقتصاديون آخرون في أن الائتمان الضريبي سوف يؤدي إلى زيادة أخرى في المبيعات، حيث أن عددا كبيرا من البائعين المحتملين الذين يستهدفهم الائتمان بالأساس استفادوا منه بالفعل، ومن غير المحتمل أن يقوم آخرون بذلك بسبب الضعف الذي طرأ على ظروف العمل. ويقول مايكل لارسون، وهو محلل إسكان في «ويس للأبحاث»: «لا شك في أن برنامج الائتمان الضريبي قد عزز من السوق، ولكن مع المضي قدما فإنه لن تكون هناك أي نهضة كبرى بل ستكون هناك نهضة ضعيفة. سوف تكون هناك ثلاث خطوات للأمام وخطوتان للخلف».

وأظهر تقرير يوم الاثنين أيضا أن متوسط أسعار المنازل على المستوى الوطني تراجع بنسبة 7.1 في المائة ليصل إلى ما قيمته 173,100 دولار في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالنسبة المسجلة قبل عام، ويعد ذلك أصغر تراجع منذ يونيو (حزيران) 2008. ومع تراجع الأسعار، استغل منتهزو الفرص الوضع للانقضاض على الصفقات ولاسيما للاستفادة من عمليات نزع الملكية. وتراجع عدد المنازل المتاحة بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) إلى 3.57 مليون منزلا، وهو أقل مستوى خلال عامين ونصف، حسب ما ورد في التقرير. وإذا استمرت العمليات على الوتيرة الحالية، فسنحتاج إلى سبعة أشهر لبيعها. وبصورة عامة ينظر إلى ستة أشهر على أنها شيء جيد. وقال لارسون إن المبيعات المستعرة ساعدت على نقل مليون من المنازل الحالية من السوق. وتراجع عدد المنازل التي شيدت جديدا حيث أن شركات التعمير تراجعت عن إضافة المزيد من المنازل إلى السوق. ويقول لارسن: «هذا ما تود أن تراه، هي ما يظهر تحول نهائي في الأسعار إلى الأفضل».

ولكن، وكما هو الحال دوما مع قطاع الإسكان، اختلطت الأخبار السارة بالأخبار غير السارة ليظهر ذلك مدى هشاشة هذا السوق. وأظهرت بيانات حكومية صدرت الأسبوع الماضي أن بناء المنازل تراجع بصورة غير متوقعة في أكتوبر (تشرين الأول)، ليتراجع إلى أقل مستوى له خلال ستة أشهر. وتراجعت المشاريع الإسكانية الجديدة بنسبة 10.6 في المائة إلى معدل سنوي يبلغ 529 ألف. وربما تظهر مفاجآت وقحة في الطريق. ومن المفاجآت غير المعروفة عدد عمليات نزع الملكية التي سوف تضرب السوق خلال الأشهر المقبلة حيث أن تعديلات القروض للمقترضين المتعثرين تراجعت ويبدأ المقرضون تسويق عمليات نزع الملكية التي لم يطرحوها من قبل للبيع.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»